لم تكد تمر 3 أشهر على دراسة لجامعة أكسفورد، زعمت أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ليس أكثر ضررا بالصحة العقلية للشباب من مشاهدة التلفزيون، إذا بسفير الصحة العقلية للشباب، بوزارة التعليم البريطانية، د. أليكس جورج، يظهر الإثنين الماضي، على موقع "مترو" (Metro)، ومن خلفه صورة مكبرة لحذف حسابه من موقع تويتر. في أحدث تحذير لحث الناس على حماية صحتهم العقلية من وسائل التواصل و"الكف عن السلبية، وأن نكون شجعانا باتخاذ الخطوات اللازمة لوضع حد لما يمكن أن يؤثر علينا".
وقد قرر جورج، نجم تلفزيون الواقع السابق (30 عاما)، أخذ زمام المبادرة، والابتعاد لإنقاذ نفسه، لاعتقاده بأن "معظم ما يراه على تلك المنصة (تويتر) سلبي ومثبط للهمة، ويمكن أن يكون له تأثير فعلي على الصحة العقلية للأشخاص" مؤكدا أنه "يجب على الآخرين فعل الشيء نفسه، إذا لم يكن لوسائل التواصل مردود إيجابي ملموس على حياتهم".
الإصابة بالقلق والاكتئاب
قبل د. جورج بسنوات، وجدت عدد من الدراسات ارتباطا بين استخدام وسائل التواصل، والاكتئاب والقلق، ومشاكل النوم والأكل، وزيادة مخاطر الانتحار.
من بينها دراسة أجريت أواخر عام 2016، وشملت 1787 شابا، يستخدم كل منهم (من 7 إلى 11) منصة وسائط اجتماعية شهيرة، من بينها، فيسبوك، تويتر، يوتيوب، إنستغرام، سنابشات. ووجدت أن "استخدام منصات الوسائط الاجتماعية يرتبط ارتباطا وثيقا بالاكتئاب والقلق".
واتضح أن الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل بهذا الحجم لديهم أكثر من 3 أضعاف خطر الإصابة بهذه الأضرار، من ذوي الاستخدام الأقل (من 0 إلى منصتين فقط).
ورغم أن د. براين بريماك، مدير مركز جامعة بيتسبرغ للصحة السلوكية، والمشرف الرئيسي على الدراسة، يعتقد أن استخدام وسائل التواصل أصبح جزء لا يتجزأ من حياة هذا العصر. لكنه يرى أنه "لابد أن يظل مكملا للعلاقات الحقيقية، وليس بديلا عنها".
وفي دراسة نُشرت عام 2019، شارك فيها حوالي 10 آلاف طفل بإنجلترا، وجد الباحثون أن وسائل التواصل قد تضر بالصحة العقلية للفتيات، من خلال زيادة تعرضهن للتنمر، وتقليل نومهن وممارستهن للرياضة.
مهام متعددة وتجارب سلبية
وفقا للدراسة التي أشرف عليها د. بريماك، فإن القيام بمهام متعددة، كالتبديل المتكرر بين التطبيقات، أو الانخراط في وسائل التواصل على أكثر من جهاز في نفس الوقت "قد يكون مرتبطا بضعف الانتباه والإدراك والمزاج".
وقالت إن متابعة منصات متعددة "يحدث تصورا غير واقعي عند المُستخدم، يوحي له بأن الآخرين ينعمون بأوضاع معيشية أفضل وأسعد، مما قد يُشعره بالانعزال".
وهي نفس "التغييرات في الحالة المزاجية" التي أيدتها د. جوان دافيلا، أستاذة علم النفس بجامعة ستوني بروك، وأرجعتها إلى "تجارب سلبية تتضمن الزلات، أو الاتصالات غير المرغوب فيها، أو التسلط عبر الإنترنت، تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، وتؤدي إلى اجترار المستخدمين، واستغراقهم في التفكير من منظور سلبي".
وقد أثبتت دراسة نُشرت عام 2018 أن وسائل التواصل لا تسبب التعاسة فحسب، وإنما تؤدي أيضاً إلى تطور مشكلات الصحة العقلية مثل القلق أو الاكتئاب، عند استخدامها أكثر من اللازم أو دون توخي الحذر. حيث قال 41% من المشاركين إنهم سيتركون وسائل التواصل لأنها تجعلهم يشعرون بالقلق أو الحزن أو الاكتئاب.
6 تأثيرات تضر بصحتك العقلية
ذكر د. تيم بونو، عالم النفس، ومؤلف كتاب "عندما لا تكون الإعجابات كافية"، لقناة "هيلثيستا" البريطانية، 6 ظواهر قد تؤثر سلبا على صحتنا العقلية، وهي:
الحسد، فالوقت الذي تقضيه في مشاهدة الصور "المثالية" على منصات التواصل قد يثير غيرتك وحسدك، ويؤثر على صحتك العقلية دون أن تشعر. فقد كشف باحثون في المعهد الدانماركي لأبحاث السعادة، عام 2015، أن العديد من الأشخاص يعانون من "حسد فيسبوك" وأن من أخذوا استراحة منه لمدة أسبوع شعروا برضى عن حياتهم، وبتوتر أقل بنسبة 55%، وتحدثوا أكثر مع العائلة والأصدقاء. وفق غارديان البريطانية.
الإدمان الذي يجعلنا نشعر بضرورة فتح فيسبوك وإنستغرام وتويتر، والقفز بينها مرارا وتكرارا، مما يسبب حالة تسمى "التمزق" تدفع الشخص لتتبع التحديثات في جميع ساعات النهار والليل.
عدم التواصل، فمع أن أقوى مؤشر على صحتنا العقلية وسعادتنا هو قوة روابطنا مع الآخرين، لكننا سمحنا لوسائل التواصل أن تحل محل تواصلنا المباشر مع الناس، حتى أصبح مقدار الوقت الذي نخصصه للشاشة، يقابله انخفاض مماثل في كمية ونوعية صلاتنا الشخصية.
التشويش، حيث تُلتقط أكثر من تريليون صورة سنويا حول العالم، لتظهر على منصات التواصل للفوز بإعجاب المتابعين، فتحرمنا من الاستمتاع بجوانب أخرى من الحياة تشتمل على كثير من اللحظات الشائقة وصحبة الأهل الأصدقاء، وتساهم في التشويش على ذاكرتنا الفعلية.
عدم النوم، فالانفعال بالقلق أو الغيرة مما نراه على وسائل التواصل يُبقي الدماغ في حالة تأهب قصوى، ويحرمنا من النوم، مما يؤثر على صحتنا العقلية.
تشتيت الانتباه، يقول د. بونو "إذا لم تستطع التخلي عن هاتفك لدقائق، فالأفضل أن تجرب قوة إرادتك لتحقيق ذلك". فكمية المعلومات التي توفرها وسائل التواصل بكل سهولة تشتت انتباهك.
تقليل عدد المنصات
أظهر مسح، أجري بالمملكة المتحدة، أن المواطن العادي يتفقد هاتفه 28 مرة في اليوم، وأكثر من 10 آلاف مرة سنويا. فلا أحد يُنكر أن لمنصات التواصل فوائد كثيرة. حتى د. بريماك يعترف أن المنصات 11 الشهيرة، التي استدل بها في دراسته، تقدم العديد من المنافع الشخصية والمهنية التي قد يحتاج إليها بعض الأشخاص.
لكنه يرى أن الحل ليس في الابتعاد التام، ولكن في "جعل الشخص أكثر وعيا بالمخاطر المحتملة، واختيار الوسيلة الأفضل، وتقليل عدد المنصات المُستخدمة". حسب الجزيرة
دراسة: هكذا تؤثر وسائل التواصل على "أدمغة المراهقين"
سلطت دراسة حديثة لخبراء علم نفس وأعصاب في جامعة نورث كارولينا الأميركية، الضوء على تأثير التعرض لوسائل التواصل الاجتماعي على نشاط أدمغة المراهقين.
ووجدت الدراسة، التي كتبت عنها صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن المراهقين الذين اعتادوا التعرض لوسائل التواصل أكثر من غيرهم "زادت حساسيتهم تجاه المكافآت والعقوبات الاجتماعية"، مقارنة بنظرائهم الأقل تعرضا.
كيف أجريت الدراسة؟
• شارك في الدراسة التي استمرت 3 سنوات، 169 طالبا في مدارس إعدادية، تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عاما، وهي فترة نمو سريع للدماغ.
• حسب مجلة "جاما بيدياتريكس" العلمية التي نشرت الدراسة، فقد استخدم الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي لفحص طريقة استجابة المخ لبعض المؤثرات الخارجية.
• كشف المراهقون عن عدد مرات تعرضهم لمنصات "فيسبوك" و"إنستغرام" و"سنابشات" يوميا، الذي تراوح بين مرة و20 مرة، وقُسموا طبقا لهذا العدد.
• تم تعريض المشاركين لتصوير دماغي بالرنين المغناطيسي أثناء أدائهم لعبة إلكترونية تعتمد على تقديم أنواع من المكافآت والعقاب، على هيئة وجوه تعبيرية مبتسمة أو عابسة.
ووجد الباحثون أن المراهقين الذين اعتادوا التحقق من وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم بشكل أكثر كثافة، أظهروا حساسية أعلى للمكافآت الاجتماعية، تزداد بمرور الوقت.
وفي المقابل، اتبع المراهقون ذوو التعرض الأقل لوسائل التواصل المسار المعاكس، مع تراجع الاهتمام بالمكافآت الاجتماعية.
وقالت إيفا تيلزر الأستاذة المساعدة في علم النفس والأعصاب بجامعة نورث كارولينا وأحد مؤلفي الدراسة: "لا يمكننا تقديم ادعاءات سببية بأن وسائل التواصل الاجتماعي تغير الدماغ".
أمان الأطفال الرقمي ثمنه اشتراك مدفوع؛ ولكن!
لكنها أضافت: "المراهقون الذين يتفقدون بشكل معتاد وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، يظهرون هذه التغيرات الدراماتيكية في طريقة استجابة أدمغتهم".
واعتبرت أن هذه التغيرات "يمكن أن تكون لها عواقب طويلة المدى حتى مرحلة البلوغ".
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن النتائج لا توضح حجم التغيرات الدماغية إنما تكشف مسارها فقط، بينما قال المؤلفون إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت التغيرات مفيدة أم ضارة. حسب سكاي نيوز
اضافةتعليق
التعليقات