يأخذ الأطفال بعد إفطارهم بأذان المغرب في التجمع والسير حاملين حول أعناقهم أكياسًا قماشية أو سلالًا من الخوص ويرددون الأهازيج والأناشيد الشعبية فيبدأون بالمرور على البيوت لتجميع المكسرات والحلوى من أهل الأحياء الشعبية.
هذا ما يعرف بالقرقيعان، هي مناسبة تقليدية وتراثية سنوية، يحتفل بها في المنتصف من شهر رمضان أو شعبان في منطقة الخليج العربي، وتعرف بهذا الاسم في الكويت والسعودية، خاصة المنطقة الشرقية، وتحديدًا مدينة القطيف، وفي البصرة جنوب العراق، وتعرف بلفظ قرقاعون أو الناصفة في البحرين، وقرنقعوه في قطر، والقرنقشوه في عمان، بينما تعرف في بغداد بلفظ ما جينا.
يرتبط القرقيعان عند الشيعة في الخليج العربي بمناسبة دينية، حيث يوافق قرقيعان نصف شعبان مولد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ويوافق قرقيعان نصف رمضان مولد الإمام الحسن (عليه السلام).
ويعمد الأطفال إلى لبس الملابس الشعبية فيلبس الأولاد الدشداشة وسترة بالإضافة إلى النعال الشعبية، أما البنات فيلبسن الدراعات والبخنق وهي قماش بألوان مختلفة مطرزة، مع الترتر الذي يُوضع على الرأس، ويحمل كل منهم كيسًا لجمع المكسرات والحلوى، وعادةً ما تبدأ هذه الفعالية بعد صلاة المغرب مصحوبة بالأهازيج الشعبية.
تُعرف هذه الليلة في بلدان عربية أخرى بأسماء مختلفة، مثلًا تعرف في السودان بمفهوم مشابه وتُسمى بيوم الحارة أو الرحمتات، وهي صدقة يقدمها أهل المتوفى للأطفال الذين يجوبون الأحياء الشعبية وهم يرددون الأهازيج، مستخدمين الدفوف والطبول وليس لهم لباس مميز ويكون هذا اليوم هو آخر خميس من شهر رمضان.
ما هو معنى قرقيعان؟
هناك أكثر من قول في معنى (قرقيعان):
القول الأول: أن (قرقيعان) لفظ عامي مأخوذٌ من قرع الباب، وذلك لأن الأطفال يقومون بقرع أبواب البيوت في هذه المناسبة فسُميت المناسبة بالقرقيعان .
القول الثاني: أنه مشتق من "قرَّةُ العين" و هو ما فيه سرور الإنسان و فرحه، ومنه قول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾.
أما (الماجينا) اشتقتْ من انشودة (ماجينا يا ماجينا لولا الحسن مااجينا)، إلى آخر الانشودة المتوارثة في العراق.
و سواءً كان القول الأول هو الصحيح أم الثاني فإن مبدأ القرقيعان يرجع إلى مولد سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسن بن علي (عليه السَّلام)، حيث أن ولادته الميمونة كانت في النصف من شهر رمضان المبارك من السنة الثانية أو الثالثة من الهجرة المباركة.
نعم كان النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) ينتظر بفارغ الصبر أول وليد لبيت الرسالة وما أن بُشِّر بولادته حتى أسرع إلى بيت فاطمة (عليها السلام) فرِحاً مسروراً، ثم استدعى سبطه الحبيب ليشمَّه ويُقبلهُ ويؤذِّن ويُقيم في أذُنيه، حينها نزل عليه جبريل (عليه السَّلام) ليُهنئه أولاً، ثم ليقول له سمِّه حَسَناً، فسماهُ حسناً بأمر من الله (عَزَّ و جَلَّ).
و ما أن عَلِمَ المسلمون بخبر الولادة الميمونة التي فرح بها النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) حتى توافدوا على بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) يزفون إليه أحر آيات التهاني ويباركون له مولد سبطه الحسن، وهكذا بقيت هذه العادة جارية في المسلمين حتى يومنا هذا.
اضافةتعليق
التعليقات