العائلة هي المكون الأسري الذي يربطه الحب والحنان والألفة والتفاهم وهذه الأمور ترتبط مع بعضها كالسبحة التي لا تتم إلا بمئة حبة فعند انقطاع هذه السبحة وضياع أحد حباتها تصبح ناقصة وكذلك العائلة فوجود النقص يعني وجود منفذ للخلافات فيها كما إن انقطاع خيط هذه السبحة سيؤدي الى سقوط البقية وفي العائلة يعني انهيار هذه الأسرة.
ومن الأمور التي تؤدي الى إنهيار الأسرة سوء التفاهم والخصام المستمر بين الوالدين والذي قد يكون خصاما كلامياً كالشتم والسبّ والصياح، أو حركياً كالضرب مما يخلّف أجواءاً مشحونة بالكره والعداء وتؤدّي إلى انقسام أفراد الأسرة إلى فريقَين؛ فريق يقف إلى جانب الأم ويجسّ عداءاً للأب وعلى العكس، وكلّ هذا يترك في نفس الأبناء الأثرَ السيّئ الناجم عن اختلاف صورة الوالدين في ذهنهم ووجدانهم من جهة، ومن جهة أخرى القلق الذي يعيشوه فترةَ الشجار كونه يخلق شعوراً بعدم الطمأنينة والراحة النفسية، وينعكس على شكل ثورة غضب ومشاعر كراهية متبادلة، فيقوم أحد الوالدَين بالضرب والتوبيخ دون مبرّر لهذا العقاب، وبالتالي يخلق شعوراً بالكراهية والحقد عليهما والشعورَ بالضيق والظلم والقسوة، وكل هذا يؤدّي إلى تفكّكِ أواصر العلاقات داخل الأسرة وإلى نفور الأبناء من جوّ المنزل، وبالتالي التشرّد والانحراف.
وهذا الخصام الذي يقلب أحوال الأسرة رأساً على عقب قد يكون من سبب تافه أو بسيط أو يمكن تداركه وحله أو أو أو.... فلماذا لا ننظر الى الأمور بعقلانية ونترك التهور والكبرياء على جهة، فإن الشخص الذي يقف أمامنا ونشن حرب الفتنة عليه هو نفسه الذي أقسمت له أن تعيش الحياة حلوها ومرها بصبر معه ثم نظرة أخرى عقلانية نقول فيها لماذا لا نجعل الخصام شريفا، فأولاً لا للضرب!...
فيحتاج كل منا إلى أن نكون شرفاء في خلافنا... فطالما الخلاف وارد... وهو حدث طبيعي في حياتنا فلا داعي لتعميقه.... فإذا كان الخلاف بسبب محدد واضح فلا داعي لاستدعاء الماضي بكل أحداثه حيث نقوم بتذكر كل صغيرة وكبيرة والمحاسبة عليها ولذا وحتى لا يتصاعد الخلاف ويدخل في مساحات غير مرغوب فيها يجب أن نتعلم الانسحاب؛ فعندما يبدأ الخلاف يفضل أن يتفق الطرفان على أن ينسحبا من أمام بعضهما لعدة ساعات ويعودا وقد هدأت نفوسهما وأصبحا قادرين على الحوار والتفاهم بهدوء...
فلا داعي لأن يقف أحدهما للآخر مصرا على أن يعرف ماذا حدث أو لماذا حدث أو لإجابته على أسئلته الغاضبة؛ فمع الغضب سيشتعل الموقف ويزداد تعقيدا حيث ستكون الكلمات والألفاظ غير محسوبة وربما كان همّ كل طرف لحظتها أن ينتقم لنفسه ويؤذي الطرف الآخر بأقصى درجة، فيستخدم ما يدرك أنه يغيظ الطرف الآخر في حين أنه لو هدأ ما كان ليقول ذلك أو حتى يفكر أن يتفوه به.
وبهذه الطريقة الهادئة سيستطيع الزوجان أن يحددا نقطة الخلاف وسببه، وبالتالي طريقة العلاج بخطوات عملية وهكذا يحجم الخلاف ولا يمتد؛ ومن الأمور المهمة هو ألا ندخل الآخرين في خلافاتنا.... فحياتنا الزوجية بصورة عامة هي أمر خاص لا داعي لأن يطلع عليه أحد؛ فكل أحداثها هي خصوصيات لا تنشر لأي أحد كائنا من كان، سواء كان أخا أو أختا أو أما أو أبا أو صديقا أو صديقة، والخلافات جزء أشد خصوصية... لأن تدخل الآخرين الذين لا يدركون أبعاد العلاقة بين الزوجين وما يقربهما يؤدي إلى تفاقم الأمور...
لأن مسألة القدرة على التدخل لحل الخلاف بين زوجين هي قدرة خاصة تحتاج إلى خبرة وعلم وموهبة لا تتوفر للكثيرين ممن ندخلهم في حياتنا.. بل وسيتدخل كلٌ بوجهة نظره الخاصة وبخلفيته النفسية مع أو ضد أحد الأطراف ليتسع الخلاف.
وهناك شيء مهم لابد أن يلتفت إليه الزوجان وهو لابد من وجود رصيد عاطفي في بنك الحياة الزوجية يسحب منه الزوجان عند حدوث الخلاف؛ لذا يجب أن يحرص كل منهما على زيادة رصيده لدى الآخر حتى لا يصبح قليلا، فعندما ينفد رصيد أحد الزوجين لدى الآخر عندها يصل الخلاف إلى نقطة اللاعودة... لأن العودة تحتاج إلى تذكر اللحظات الجميلة والكلمات الحلوة والمواقف المشتركة... لذا فلا يبخل أحدهما على الآخر بكلمات المديح... لأنه عندما يحتدم الخلاف فلن يهدئه إلا تذكر لحظة جميلة أو كلمة حلوة أو موقف تضحية... إنه الرصيد العاطفي الذي يغطي النفقات التي تحتاجها توترات الحياة اليومية، وإياك أن ينفد رصيدك لدى شريكك وأنت لا تشعر وتفاجأ بنفسك بغير غطاء عاطفي.
إذاً عزيزي الزوج عزيزتي الزوجة نظرة واحدة بتمعن تستطيع أن تسود الجو بالحب والطمأنينة.
اضافةتعليق
التعليقات