العُجب هو مرضٌ نفسي يدفع الإنسان إلى التعالي في تقدير نفسه وإنجازاته، هو داءٌ قديم قدم التاريخ. وقد حذر منه الأنبياء والرسل، وأكد العلماء على خطورته.
ما الذي يجعلنا نشعر بالعجب؟ وهل هو شيء فطري في الإنسان أم مكتسب؟
هذا ما سنتحدث به اليوم.
بدايةً العجب هو الشعور بالتفوق والرضا الذاتي المبالغ فيه، وهو مرض نفسي ينخر في شخصية الإنسان تدريجيًا. ويعتبر العجب من أكبر الأخطار التي تهدد الإنسان، فهو يفقده تواضعه ويعميه عن عيوبه، ويجعله يعيش في عالم وهمي بعيد عن الواقع. في هذا المقال، سنتناول مفهوم العجب، وأسبابه، وعواقبه، وكيفية علاجه.
أولاً: ما هو العجب؟
العجب هو حالة نفسية تتجلى في الإعجاب المفرط بالنفس، والتقدير الزائد للقدرات والمواهب التي يمتلكها الشخص حتى وإن كانت بسيطة، والتطلع إلى الإطراء والثناء. الشخص المعجب بنفسه يرى نفسه أفضل من الآخرين، ويتوقع منهم المعاملة الخاصة والاحترام التام.
أسباب العجب
أولاً: التربية الخاطئة
قد يستغرب البعض من هذهِ النقطة ولكن تلعب التربية دورًا هامًا في تكوين شخصية الفرد، فالإفراط في المدح والثناء على الطفل، أو مقارنته الدائمة بالآخرين بشكل إيجابي، قد يؤدي إلى نشوء الشعور بالعجب لديه.
ثانيًا: الخوف من الفشل
قد يلجأ بعض الأشخاص إلى التظاهر بالثقة بالنفس والغرور، لإخفاء مخاوفهم من الفشل والانتقاد.
ثالثًا: الإنجازات الشخصية
تحقيق الإنجازات الكبيرة قد يؤدي إلى الشعور بالعجب، إذا لم يتواضع الإنسان ويشكر الله على نعمه قد يكون شعور العُجب طاغياً عليه.
رابعًا: المقارنة بالآخرين
مقارنة النفس بالآخرين بشكل سلبي، والتركيز على نقاط الضعف لديهم، قد يدفع الشخص إلى التفاخر بقدراته وإنجازاته.
هذا من باب، ومن باب آخر وأهم من كل الأسباب التي ذكرناها ومن النقاط الأكثر أهمية هو عدم معرفة الإنسان نفسه فلو تأمل قليلاً لأدرك ولو أدرك ما تعالى ولو بمجرد فكرة.
نتائج العُجب:
فقدان العلاقات الاجتماعية :
فالشخص المعجب بنفسه يجد صعوبة في بناء علاقات اجتماعية صحية، وذلك بسبب تفرّده عن الآخرين وتوقعه للمعاملة الخاصة.
أيضًا الفشل في تحقيق الأهداف، فالعجب يمنع الشخص من التعلم من أخطائه وتطوير نفسه إذ يرى إن ما وصل إليه من مستوى يكفي، وذلك يعيق تقدمه ونجاحه.
الحسد والكراهية وهما الشعورين الأساسيين اللذان تتولدان في شخصية الفرد المعجب بنفسه خصوصا حينما يرى من هم أفضل منه. كما يتولد الشعور بالكراهية من قبل المقابل لهم إذ يؤدي إلى نشوء العداوة والكراهية له فعادةً الناس لا يرغبون بمن يكون معجب بنفسهِ ولا يطيقون وجوده أصلا.
وهنا تكون النهاية هي العزلة الاجتماعية فقد يعيش الشخص المعجب بنفسه في عزلة اجتماعية تامة، حيث يرفض الجميع التعامل معه.
إلى هنا لابد أن ندرك أن الشخص المعجب بنفسه منبوذ من قِبل المجتمع، ولابد أن نعرف كيفية معالجته.
أول النقاط التي يجب أن تُطَبق هي التواضع إذ يجب على الإنسان أن يتعلم التواضع، وأن يدرك أن النجاح والإنجاز لا يأتيان إلا بفضل الله تعالى.
كما لابد من التفكير الإيجابي إذ يجب على الإنسان أن يفكر بشكل إيجابي، وأن يركز على نقاط قوته، وأن يعمل على تطوير نفسه بإستمرار.
كذلك أن يكون مُتَقبلاً النقد ومنفتحًا على النقد البناء، وأن يستفيد منه في تطوير شخصيته فقد يرى نفسه كاملًا ولكنه في الحقيقة لديه عيوب كما كل انسان ويلاحظها الآخرون فيه.
مساعدة الآخرين: يجب على الإنسان أن يساعد الآخرين، وأن يتطوع للعمل الخيري، فهذا يساعد كثيرا على تقليل التركيز على النفس والتركيز التام على الآخرين.
معرفة ربه: ومن أهم العلاجات هو معرفة الرب بعد معرفة النفس، وأنه لا تليق العظمة والعزة إلا به، وأن يعرف نفسه حق المعرفة، ليعلم أنه بذاته أذل من كل ذليل وأقل من كل قليل، فما له والعجب واستعظام نفسه، فإنه لا ريب في كونه ممكنا، وكل ممكن في ذاته صرف العدم ومحض اللاشئ، كما ثبت في الحكمة المتعالية، ووجوده وتحققه وكماله وآثاره جميعا من الواجب الحق، فالعظمة والكبرياء إنما تليق بمفيض وجوده وكمالاته، لا لذاته التي هي صرف العدم ومحض الليس.
فإن شاء أن يستعظم شيئا ويفتخر به فليستعظم ربه وبه يفتخر. ويستحقر نفسه غاية الاستحقار وحتى يراها صرف العدم ومحض اللاشئ. وهذا المعنى يشترك فيه كل ممكن كائنا من كان.
وأما المهانة والذلة التي تخص هذا المعجب، فكون أوله نطفة قذرة وآخره جيفة عفنة، وكونه ما بين ذلك حمال نجاسات منتنة، وقد مر على ممر البول ثلاث مرات. وتكفيه آية واحدة من كتاب الله تعالى لو كان له بصيرة، وهي قوله تعالى: (قتل الإنسان ما أكفره . من أي شيء خلقه . من نطفة خلقه فقدره . ثم السبيل يسره . ثم أماته فأقبره . ثم إذا شاء أنشره).
فقد أشارت الآية إلى أنه كان أولا في كتم العدم غير المتناهي، ثم خلقه من أقذر الأشياء الذي هو نطفة مهينة، ثم أماته وجعله جيفة منتنة خبيثة. وأي شيء أخس وأرذل ممن بدايته محض العدم، وخلقته من أنتن الأشياء وأقذرها، ونهايته الفناء وصيرورته جيفة خبيثة. وهو ما بين المبدأ والمنتهى عاجز ذليل، لم يفرض إليه أمره، ولم يقدر على شيء لنفسه.
وهنا يتضح أن العجب مرض خطير يهدد سعادة الإنسان ونجاحه، وهو بداية عدم معرفة النفس ومعرفة الرب حق معرفته، لذلك يجب على كل فرد أن يعمل على تطوير نفسه وتجنب الوقوع في هذا الفخ ففيه خسارة الدارين. كما يجب أن نتذكر دائماً أن التواضع هو مفتاح السعادة والنجاح، وأن التعاون والتكاتف هما السبيل لبناء مجتمع قوي ومتماسك.
اضافةتعليق
التعليقات