تسعى الدول والمجتمعات إلى الدفاع عن قيمها الجوهرية والتي اعتمد عليها مفهوم الاستقلال الوطني والسيادة والوحدة الوطنية، إلا أن هذه القيم تشهد نوعا من التغيير وهذه القيم المتغيرة تحل مكانها نوعاً من القيم القادمة من خارج حدود الدولة في كل من الفرد والمجتمع على حد سواء.
وتقترن هذه القيم عادة مع مفهومي حقوق الإنسان والاحتياجات ومن ذلك، على المستوى العالمي، القيم المشتركة مثل حقوق الإنسان والديمقراطية والاقتصاد الحر ومن جانب آخر ضمان الرفاه لجميع أفراد الجنس البشري ضد المخاطر من خلال حماية البيئة والتلوث العابر للحدود والأمراض والمخدرات والجريمة وانتشار الأسلحة غير التقليدية.
وفي نفس الوقت تشهد القيم الجوهرية الخاصة بالدولة نوعا من الانخفاض نتيجة لظهور قيم جديدة والتقنيات المتطورة العابرة للحدود والقولب الاجتماعية الاقتصادية والتي تقوض إلى حد ما قوة الدولة وتجعلها قابلة للاختراق في الحالات الرئيسة مثل الثورة المعلوماتية من خلال الإنترنت والمعاملات المالية والكميات الضخمة من البضائع والخدمات وانتشار الأفكار عبر الحدود.
ولاشك أن أفراد المجتمع جميعهم مسئولون مسؤولية تامة عن مجتمعهم ووطنهم وأمتهم؛ إذ لا يمكن النهوض بالمجتمعات إلا من خلال الاعتصام بالكتاب والسنة والعمل بهما، ورد التنازع إليهما، فإن جمع الشمل وتوحيد الكلمة لا يتم إلا بالرجوع للمنهج الصحيح: كتاب الله، وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ففيهما العصمة والنجاة والسعادة في الدنيا والآخرة.
ويمكن القول إن تأثير الإرهاب على الناحية الاجتماعية كبير جدا، إذ يحدث جرحاً بليغاً في الهيكل الاجتماعي، فهو يشيع جوا من الخوف والقلق والتوتر والاضطراب وعدم الاستقرار والإحباط بين المواطنين والتوترات النفسية والآلام الاجتماعية الأخرى ويفقد الأفراد والمجتمعات الثقة فيما بينهم فلا يعرف أحد ما ينتظره من الآخرين؛ فتسيطر الفردية على الأشخاص ويصبح اهتمامهم منصبا على تأمين الحماية لأنفسهم للنجاة من الخطر كما أن الإرهاب من أهم ما يسعى إليه البنية الاجتماعية وتفريقها، فضلا عن إظهار عجز السلطة في هذه الحالة عن حفظ النظام والاستقرار وتوفير الأمن؛ إذ فقدان الثقة بأجهزة الأمن يفتح الباب أمام سريان الدعاية وزيادة مجالات الحرب النفسية وما إلى الشائعات وشيوع ذلك من آثار اجتماعية سلبية تقود بجملتها إلى إضعاف الروح المعنوية.
وكذلك عجز السلطة عن المحافظة على تسيير أمورها مما يضطرها إلى إهدار مواردها المادية من أجل ديمومتها والانغماس في تنفيذ إجراءات استثنائية تحد من حركة مواطنيها فتكون محل إزعاج واستياء لهم. ومن ثم فالإرهاب يهدد التماسك الاجتماعي للمجتمع، فتكون النتيجة المخيفة حدوث شرخ كبير في كيان المجتمع لا يمكن معالجته، لذا كان الواجب على أفراد المجتمع المسلم أن يحملوا هم مجتمعاتهم وأوطانهم من خلال ما يلي:
۱ - إسناد مسؤوليات التعليم إلى الأكفاء الأمناء، علما، وعقلا، ومنهجا.
۲ - العناية بالمناهج التعليمية، وبنائها بناء وسطيا.
٣ - العناية بتلبية حاجات أفراد المجتمع الروحية والفكرية بطريقة آمنة.
٤- جعل منظومة ثقافية عليا تقوم عليها حياة الناس على الأمن، والعدل، والتوسط.
٥- العناية بالإعلام عامة والإعلام المباشر خاصة، وضبطه بما يحفظ المجتمعات من الزلل.
٦- عرض القيم الإسلامية، وتجليتها للمجتمعات، وتفعيلها من خلال منصات الإعلام وما شابه ذلك.
منظومة القيم الأخلاقية :
الخلق هو خلق عليه من الطبع، وحقيقته أنه الدين والطبع والسجية، وهو ما صورة الإنسان الباطنة؛ وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها، ولهما أوصاف حسنة وقبيحة وقيل: هو عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية، فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة عقلا وشرعا بسهولة، سميت الهيئة : خلقا حسنا ، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة، سميت الهيئة: خلفا سيئاً.
والاخلاق بمجملها هي المبادئ والاعراف والأحكام والآداب المنظمة لسلوك الإنسان في علاقته بنفسه، وعلاقته بربه، وعلاقته بأخيه الإنسان، وعلاقته بالكون من حوله والتي يحددها الوحي لتنظيم حياة الآدميين على نحو يحقق الغاية من وجودهم على الوجه الذي يرضاه الله تعالى.
ويحدد كلاكهون الصفة الاجتماعية للقيمة ، فيعلن أن القيمة هي تصور واضح أو مضمر يميز الفرد أو الجماعة، ويحدد ما هو مرغوب فيه، بحيث يسمح لها بالاختيار من بين الأسباب المتغيرة للسلوك والوسائل والأهداف الخاصة بالفعل وهذا المفهوم يحدد القيمة الاجتماعية، فإذا كانت هناك قيماً فردية، فأن القيم الاجتماعة هي التي تعطي للمجتمع كله شكلا ومضمونا، يسهل إمكانية إعادة بث مجموعة من القيم الاجتماعة الأخرى لتناسب عمليات النمو والتطور في المجتمع.
ومصدر القيم السائدة في المجتمع ما هو إلا تاريخ الجماعة أو تراثها التاريخي، جيل إلى جيل، فكل جيل من الأجيال يعلم الجيل الذي يليه أساسيات القيم الاجتماعية، بما يكون قد نالها على يديه من تعديل نتيجة الذي ننقله عن طريق التربية من ظروفه وخبراته الخاصة، فالتربية وسيلة الجماعة في المحافظة على قيمها الأساسية، وعن طريق التربية، يكتسب الطفل القيم الأساسية والدعامات الأولى لبناء ذاته وشخصيته في محيط الأسرة.
وكذلك الأسرة التي تمثل من ناحية ثقافة المجتمع بصفة عامة والثقافة الفرعية التي تنتمي إليها بصفة خاصة، والتي تعمل بأساليبها التربوية المختلفة، على إكساب الطفل السلوك الذي يتوافق مع القيم التي تدين بها وتعود أهمية القيم الاجتماعية إلى أنه بقدر وحدة القيم في المجتمع يكون تماسكه وبقدر التفاوت والتباين في القيم يكون تفكك المجتمع، وينجم الصراع القيمي في المجتمع عن التباعد والانفصال بين فئات المجتمع بالنسبة للمواقف الهامة في الحياة.
اضافةتعليق
التعليقات