كثيراً ما نتأثر بكلام الناس إن كان سلبا أو أيجابا، فإما تكن كموجة تغرقك بالهم أو بسمة رضا تدغدغ مشاعرك وتشعرك بزهو، وهذا ما جبلت عليه البشرية جمعاء، حتى الأنبياء يتأثرون بكلام من حولهم ونبينا محمد صلى الله عليه وآله خير مثال، فلما واجهه من قومه كثرة المضايقات والانتقاد والاستهزاء، جاءه قوله عز وجل: (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون)(79) فكيف بالإنسان البسيط وكيف يؤثر على حياته الكلام لا سيما الانتقادات السلبية المدمرة.
تختلف ردود الأفعال من شخص إلى آخر بحسب طريقة تفسيره للكلام وقدرته على تقبل الانتقادات، وحكم علاقته بالمنتقد والأسلوب والمعاني التي يوجهها له المنتقد، كل هذه التفاصيل تجعل المتلقين مختلفين بالحالة التي يكونون عليها، وقدرتهم على غربلة الكلام وجعله في صالحه للاستفادة منه.
فمنهم من يأخذ كل كلمة انتقاد تصدر من أي شخص على محمل الجد وتحوله إلى شخص عصبي وتربك يومه ويشعر بضيق في الأيام التي تليها كلما تذكر كلمات ذلك الشخص ولا يستطيع حتى أن يصل لفكرة هل هذا الشخص مخطئ بانتقاده له أم مصيب.
وهناك من تثير الانتقادات بداخله الكدر والهم لأنه يسمعها بطريقة سلبية فهو يرى أن هذا الكلام موجه له من باب الكره وعدم فهم حالته فيصاب بالكدر وتكون ردوده قاسية، وهي حالة محيرة فهو لا يستطيع اهمال آرائهم باعتبارها غير صحيحة وبنفس الوقت لا يحاول مراجعة تصرفاته التي انتقد من خلالها والتأني في كلامهم من أجل غربلة الكلام واستخراج ما هو مفيد.
والبعض الآخر ممن يؤكد على أي كلمة تقال عنه ويقوم بمتابعتها وتصديقها ومحاولة تغيير ما في نفسه فهو شخص لا يملك الثقة بنفسه.
وهناك حالة غريبة وهم أولئك الذين عندما ينتقده أحدهم لا يبدي أي ردة فعل، ولا يهمه الانتقادات من أي شخص كان وهو سائر في حياته بكل أخطائها ومشاكلها المتكررة.
والكثير من الأشخاص يتقبلون الانتقاد إذا تم تغليفه بقالب إيجابي، أما إذا كان سلبي المضمون وسلبي الأسلوب فهذا أمر مرفوض لديهم حتى لو كان من أقرب الناس إليهم.
وأكثرهم ايجابية في ردة فعله، الناجح في حياته الجسور في قراراته المتأني في أحكامه، ذلك الذي يصغي للانتقاد بكل برود ويغربل الكلام ويسقط الحجر البليد وينتقي ما هو مفيد، ويفهم دوافع المتكلمين الذين يوجهون كلامهم له ويكون بين وبين أي لا يهمل الكلام وبنفس الوقت لا يؤثر به انتقادهم ويفسره بطريقة بعيدة عن التشنج والكره قريبة من الطرق العلمية والتأني، ويستفيد من النقد ويستخلص منه حكمة أو نصيحة قيمة ويتجاهل الرسالة السلبية المقصودة من خلف الانتقاد.
..................................................
اضافةتعليق
التعليقات