إن الشريعة الإسلامية لم تترك الشاب إذا ما أراد إختيار شريكة حياته ومستودع سره، بل أوردت عشرات الأحاديث على لسان المعصومين (سلام الله عليهم أجمعين) بهذا الخصوص.
وهذه الأحاديث دالة بوضوح على استحباب إختيار البنت البكر التي لها عقل ودين وأدب، وأن تكون ذات أصل كريم محمودة الصفات جميلة، ضحوكاً، حسناء الوجه، طويلة الشعر.
وبينت الشريعة أن المؤمن كفوء المؤمنة. وعلى هذا الميزان جاءت الروايات الشريفة منها :
أ. عن إبراهيم الكرخي ، قال : قلت لأبي عبد الله ﷺ : إن صاحبتي هلكت، لي :
« أنظر أين تضع نفسك ، ومن وكانت لي موافقة ، وقد هممت أن أتزوج ، فقال تشركه في مالك ، وتطلعه على دينك وسرك ، فإن كنت لابد فاعلاً ، فبكراً تنسب فمنهن الغنيمة والغرام إلى الخير ، وإلى حسن الخلق ، واعلم أنهن كما قال :
ألا إن النساء خلقن شتى
ومنهن الهلال إذا تجلى
لصاحبه ومنهن الظلام
فمن يظفر بصالحهن يسعد
ومن يعثر فليس له إنتقامُ.
والرواية طويلة إكتفينا بهذا القدر.
ب . وعن النبي ﷺ في إرشاد الشباب لإختيار الزوجة قال: «إياكم وخضراء الدمن. قيل يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء، وخضراء الدمن هو الزرع الأخضر الجميل الذي يخرج في المزابل .
ج . عن أبي عبد الله ﷺ قال : قال النبي ﷺ : « إختاروا لنطفكم فإن الخال أحد الضجيعين ».
د. وقال أيضاً عن آبائه قال : قال النبي ﷺ : « ما استفاد امــرؤٌ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة ، تسره إذا نظر إليها ، وتطيعه إذا أمرها ، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها ومالهِ ».
هـ. وقال أيضاً: «إذا تزوج الرجل المرأة لجمالها ، أو لمالها ، وكل إلى ذلك ، وإذا تزوجها لدينها رزقه الله المال والجمال.
و. عن الإمام الرضا عن آبائه قال : قال رسول الله ﷺ : « أطلب الخير عند حسان الوجوه ، فإن فعالهم أحرى أن يكون حسناً ».
وفي الوقت ذاته أكدت الروايات الصادرة عن المعصومين كراهة الزواج من أصناف من النساء، منها : المرأة العاقر وإن كانت حسناء، والحمقاء والمجنونة ، وكراهة الزواج من المرأة لمالها أو جمالها، أو للفخر والرياء.
إختيار الزوج :
لقد إعتبر الإسلام الإيمان والتقوى والأخلاق من الأسس التي تقع في مقدمة الصفات التي لابد من مراعاتها عند إختيار الرجل لزوجته أو إختيار البنت لزوجها. ووفق هذه الأسس جاءت روايات كثيرة، منها :
أ. كتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر في أمر بناته، وأنه لا يجد أحداً مثله. فكتب إليه أبو جعفر : « فهمت ما ذكرت من أمر بناتك ، وأنك لا تجد أحداً مثلك ، فلا تنظر في ذلك رحمك الله ، فإن رسول الله ﷺ قال : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير .
ب . قال أبو عبد الله : « من زوج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها ».
ج . كتب الحسين بن بشار الواسطي إلى أبي الحسن الرضا : إن لي قرابة قد خطب إلي وفي خُلْقِهِ سوء ، قال : لا تزوّجه إن كان سيء الخُلق .
د . قال رسول الله ﷺ : أيها الناس إن جبرئيل أتاني عن اللطيف الخبير فقال: إن الأبكار بمنزلة الثمر على الشجر ، إذا أدرك ثمارها فلم تجتن أفسدته الشمس ، ونثرته الرياح ، وكذلك الأبكار .
وبهذه الأسس غير الإسلام كثيراً من معايير التفاضل التي كانت سائدة في الجاهلية، ومع الأسف الشديد أننا نجد اليوم رواسب منها لدى بعضنا من الجاهلية. ومع الذين يبحثون عن الشهرة والعناوين والأسماء البراقة، وأصحاب الأموال، حتى وإن كان الخاطب لا دين له. ومن الآباء من يباهي الآخرين بغلاء مهر إبنته، خلافاً لما ندبت إليه الشريعة المقدسة .
قال رسول الله ﷺ : « أفضل نساء أمتي : أصبحهُنَّ وجهاً ، وأقلهن مهراً .
وقال الإمام الصادق : « فأما شؤم المرأة فكثرة مهرها ، وعقوق زوجها » .
وهنالك أحاديث كثيرة بهذا الشأن وكلها ناظر إلى تقليل المهور، ونبذ التفاخر بالقشور، ولكي لا تؤثر الإعتبارات الإجتماعية على منهج الشريعة وأهدافها السامية.
وإنما سلك الإسلام هذا المنهج، لتسهيل عملية الزواج، وسرعة الإقتران بشريكة الحياة الجديدة. وإن لم نفعل ما أمرنا به، تكن فتنة وفسادا كبيرا.
اضافةتعليق
التعليقات