من الصعب جداً تشخيص متلازمة اضطرابات النوم عند الأطفال في عيادة الطبيب. فلا يشكّل الشخير أثناء النوم دلالة كافية. من الوسائل المساعدة للتشخيص، فحوصات في مختبرات النوم والتي تساعد في تأكيد الإصابة بالمتلازمة وتحديد مدى وخامتها، وتوجيه المصاب نحو العلاج الصحيح. يشمل العلاج إجراء عملية جراحية وفي الحالات التي لا تساعد فيها العملية الجراحية، يمكن إضافة الاكسجين أثناء النوم وإٍستعمال أجهزة التهوئة باستخدام الضغط الايجابي المتواصل (CPAP). تتوفر اليوم مراكز متخصصة باضطرابات النوم لدى الاطفال وتشمل مختبرات نوم متطورة، طاقم متعدد المجالات ومؤهل للتشخيص والعلاج. يستحسن إجراء الفحوصات للأطفال المصابين بإضطرابات النوم في مختبرات النوم المعدة والملاءمة خصيصاً للاطفال.
فبعد يومٍ طويل لطفلكِ من اللعب والجري والقفز والصراخ وبذل الكثير من المجهود، قد تتوقعين أنه سينام خلال الليل سريعاً وعميقاً، ولكي تعطي الفرصة الكاملة لتوقّعك أن يتحقق فإنكِ تقومين أيضاً بإعطائه حماماً ساخناً كي يساعده على المزيد من الاسترخاء والنوم العميق السريع، لكنّ الأرق لا يتركه. وكثيراً ما تتحطم جهودك وتُخطئ توقعاتك على صخرة الواقع، فلا ينام طفلك، ويظل مُستيقظاً لوقتٍ طويل من الليل، أو ينام في البدء قليلاً ثم يستيقظ طويلاً، ما يُعانيه طفلكِ هو الأرق، وعليكِ في هذه الحالة معرفة ما هو الأرق لدى الأطفال، وما هي أسبابه، وكيف يمكنكِ التعامل معه، وهو ما سنقدمه لكِ هنا.
الأرق لدى الأطفال
يعد الأرق لدى الأطفال شيئاً مألوفاً، وهو أمر يمكن أن يكون له تأثير سلبي على نوعية حياة الطفل. قد نواجه جميعاً صعوبات في النوم، ولا يكون الأرق مشكلة إذا كان يحدث من حين إلى آخر، ولكن إذا أصبح النوم تحدياً بشكل يومي، فهذا هو الأرق الذي يحتاج إلى إيجاد حلّ، وهو عبارة عن اضطراب في النوم يُصيب الأطفال والبالغين. يمرّ الشخص خلال نومه بعدّة مراحل: الأولى هي النوم الخفيف وهي أن ينجرف الشخص إلى النوم ويخرج منه وهو مدركٌ لما يحيط به، المرحلة الثانية وهي عندما تتوقف حركة العين وتتباطأ موجات الدماغ ومعدل ضربات القلب وهي المرحلة التي يستعد فيها الجسم للنوم العميق. ثم تأتي مرحلة النوم العميق وهي المرحلة التي يحدث للشخص فيها الأحلام والكوابيس أو المشي أثناء النوم، وعادةً ما ترتبط شكاوى الأرق بنقص النوم العميق، وهو إما أنك تنام وتستيقظ دون الوصول إلى هذه المرحلة، أو أنك تستيقظ خلالها فلا يأخذ الجسم احتياجاته الكاملة من هذه المرحلة من النوم. لهذه المرحلة من النوم فوائد عديدة للجسم، فمثلاً يقوم الجسم خلالها بإعادة إصلاح أنسجته، وبناء العظام والعضلات، وتقوية الجهاز المناعي.
النوم الجيد مهم للغاية في النمو الفسيولوجي والإدراكي والعاطفي للأطفال، وقد وجدت إحدى الدراسات أن ما يقرب من 27٪ من الأطفال ينامون أقل مما يُنصح به لسنّهم. الطفل الذي يُعاني من الأرق يقول إن لديه صعوبة في النوم ليلاً، أو يشتكي من كونه يستيقظ مبكراً في الثالثة صباحاً ويواجه صعوبة في العودة إلى النوم، وهذا يمكن أن يؤدي إلى ضعف كبير في وظائف جسم الطفل خلال اليوم. قد يكون الأرق طويل الأجل، وخلالها يعاني الطفل من مشكلة في النوم لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل، وقد يدوم الأرق لفترة قصيرة تستمر لبضعة أيام فقط.
أسباب الأرق لدى الأطفال
يمكن أن يكون الأرق أساسياً أي أنه في حد ذاته هو المشكلة، وقد يكون ثانوياً أي يكون أحد أعراض مرضٍ ما، وفيما يلي بعض الأسباب التي تسبب حدوث الأرق لدى الأطفال، سواء أكان أساسياً أو ثانوياً:
1- الضغط النفسي
الضغط النفسي هو أحد الأسباب الرئيسية للأرق عند الأطفال، خاصة المراهقين، والذين يكون لديهم بعض الضغوط النفسية مثل: الضغط الذي يتعرض له في المدرسة، والمخاوف غير الواقعية من شيء أو شخص ما، والمضايقة التي يتعرض لها من بعض أقرانه. فإذا اشتكى الطفل من الأرق، فيجب التحدُّث معه للوصول إلى السبب، كما يجب دائماً تحقُّق أولياء الأمور من المعلمين في المدرسة أن كل شيء على ما يرام هناك، الأهمُّ من ذلك، هو التأكُّد من أن كل شيء في المنزل يعمل بسلاسة، ولا يوجد اضطرابات تُهدد السلامة النفسية للأطفال وتُعرضهم للضغط النفسي، فالأطفال حساسون للغاية، وتُسبب لهم المشاجرات المنزلية بين الوالدين إزعاجاً بالغاً وتُبقيهم مستيقظين في الليل.
2- الاضطرابات النفسية والجسدية
يميل الأطفال الذي يُعانون من مشكلات الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق إلى مواجهة صعوبات في النوم أيضاً، كما أنه هناك بعض الحالات الطبية الأخرى التي لا تُمكّن الطفل من النوم، مثل: تقلصات العضلات، الألم العضلي الليفي، توقف التنفس أثناء النوم، وغيرها من المشكلات المزمنة.
كذلك فقد تؤدي الإنفلونزا والربو المزمن واضطرابات التنفُّس الأخرى إلى إبقاء الطفل مستيقظاً خلال الليل لمدة قد تصل أسابيع، كما يعاني أيضاً الأطفال الذين لديهم اضطرابات سلوكية مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من الأرق واضطرابات النوم. ويمكن أن يكون لبعض الأدوية مثل الأدوية المُستخدمة لعلاج الاكتئاب والقلق آثار جانبية تؤثر سلباً على عادات الأكل والنوم لدى الأطفال.
3- الإفراط في تناول الكافيين
المشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من الكافيين يمكن أيضاً أن تمنع الطفل من النوم جيداً أثناء الليل، يكون الأمر هكذا خاصةً بالنسبة للمراهقين الذين يشربون المشروبات الغازية التي تحتوي على نسبة عالية من الكافيين، قد يؤدي النيكوتين أيضاً بالنسبة للمراهقين المدخنين إلى الأرق.
4- عدم وجود بيئة مؤهلة للنوم
البيئة الهادئة ضرورية للنوم دون عوائق، تزداد المشكلة إذا كان نوم طفلك خفيفاً، فقد يواجه مشكلة في البقاء نائماً عندما لا تكون الأجواء مناسبة، وقد يستيقظ من نومه من أقل صوت أو حركة إلى جواره.
أعراض الإصابة بالأرق لدى الأطفال
بشكلٍ عام يحتاج الأطفال إلى المزيد من النوم أكثر من البالغين، ويختلف هذا على أساس العمر، فقد ينام الطفل حديث الولادة مدة 16 ساعة في اليوم. في عمر 3 سنوات يصل معدّل النوم إلى نحو 12 ساعة يومياً، وقد يحصل الأطفال في هذه المرحلة العمرية على غفوة أو اثنتين خلال اليوم للحصول على الراحة الكافية، ومع بلوغ سن الرابعة أو الخامسة سيتوقّف معظم الأطفال عن أخذ غفوة النهار. تبدأ أعراض الأرق في الظهور لدى الأطفال الذين لا ينامون بما فيه الكفاية، ومن هذه الأعراض: 1- الاستيقاظ مُبكراً في الصباح، ربما يستيقظ في الفجر أو قبله دون أن يتمكن من العودة للنوم. 2- عدم القدرة على الانتباه إلى المهام المطلوبة منه في البيت أو المدرسة. 3- ارتكاب أخطاء غريبة وغير مُبررة تنم عن عدم التركيز، كما أنه يواجه مشكلات في الذاكرة. 4- يصبح الطفل عدوانياً وعصبياً بدرجة كبيرة. 5- الشعور بالإرهاق والتعب طوال الوقت. 6- الشعور بالنعاس والرغبة في النوم أثناء النهار. يمكن أن تُشير هذه الأعراض أيضاً إلى أمراض أخرى مثل نزلات البرد والإنفلونزا وفقر الدم واضطرابات المناعة الذاتية والسكري، لذلك يجب الفحص الطبي لاستبعاد هذه الأمراض عند ظهور الأعراض السابقة على الطفل. سبب الأرق عند الأطفال
علاج الأرق عند الأطفال
علاج الأرق لدى الأطفال يكون في معظمه عبر رعاية منزلية جيدة وخلق بيئة مواتية للنوم، لا توصف عادة أدوية الخاصة بالأرق للأطفال والمراهقين، إلا في حالاتٍ خاصة حينما تكون هذه هي الطريقة الوحيدة التي لا يوجد غيرها لحصول الطفل على قدرٍ كافٍ من النوم.
كيف تساعدين طفلك الذي يعاني من الأرق؟
هناك بعض الطرق الطبيعية والرعاية المنزلية التي تُساعد في مكافحة الأرق دون الحصول على أدوية النوم، كذلك فإنّ تعليم الأطفال أن يناموا بشكل طبيعي ودون مساعدات خارجية، وتدريبهم المستمر على عادات النوم الصحية يمكن أن يقي الطفل من الأرق. ومن هذه الطرق التي يمكنك بها مساعدة طفلك: – هناك بعض الروائح التي تُريح الأعصاب وتساعد على الاسترخاء والتي يمكنكِ وضعها إلى جانب سرير طفلك، مثل أزهار البابونج المجففة، وزهور اللافندر، وبلسم الليمون. يمكن ترك هذه الروائح إلى جانب سرير طفلك. – كوب من الحليب الدافئ يمكن أن يكون مهدئاً ويساعد الطفل على النوم. – إعطاؤه كوباً من البابونج غير المُحلّى قبل وقت النوم، يمكن أن يكون مريحاً ومحفزاً للنوم. – الحمّام الدافئ مع بضع قطرات من زيت اللافندر أو البابونج يمكن أن يكون له تأثير مهدئ على الطفل، ويساعد الجسم على الاسترخاء والنوم. – نقص الماغنيسيوم يمنع الدماغ من الاسترخاء في الليل؛ لذا فإن تناول الأطعمة الغنية بالماغنيسيوم مثل اللوز وبذور اليقطين والخضراوات الورقية الخضراء قبل النوم يساعد في مكافحة الأرق.
اضافةتعليق
التعليقات