في هذه الأوقات العصيبة والعالم ملازم الحجر المنزلي لابد من العودة إلى أحضان القراءة وتجديد الدعوة للكتابة بمختلف أشكالها، ليعيش العالم صحوة ابداعية جديدة بعدما انشغل عن القراءة والكتابة طيلة السنوات الماضية فهذه فرصة قدمت للعالم على طبق من ذهب ولن تعود مرة أخرى، فكانت الدعوة: إشغل وقتك بكتاب، ولذا فمن الممكن اعتبار هذه الفترة فرصة سانحة لإعلاء شأن القراءة وتحفيز مهارات القراءة لدى الكبار والصغار، وبذر حب الأدب وجعله جزء لا يتجزأ من ثقافة العمل.
ونحن إذ نحتفي بالقراءة وبيوم الكتاب وحقوق المؤلف، في كل عام تختار اليونسكو والمنظمات الدولية التي تمثل القطاعات الرئيسية الثلاثة لصناعة الكتاب (الناشرون وباعة الكتب والمكتبات) العاصمة العالمية للكتاب لمدة عام واحد اعتبارا من 23 أبريل/نيسان.
احتفالية عالمية أقرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) تحت مسمى "اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف"؛ تقديرا للكتب ومؤلفيها، ونشرا لثقافة القراءة والمطالعة واقتناء الكتب، وتشجيعا للأجيال الشابة بشكل خاص على تعزيز أواصر العلاقة مع "خير جليس".
ويعتبر هذا اليوم هو( 23 نيسان/أبريل) تاريخ رمزي في عالم الأدب العالمي، ففي هذا التاريخ من عام 1616، توفي كل من ميغيل دي سرفانتس ووليم شكسبير والاينكا غارسيلاسو دي لافيغا. كما يصادف يوم 23 نيسان/أبريل ذكرى ولادة أو وفاة عدد من الأدباء المرموقين مثل موريس درويون، وهالدور ك. لاكسنس، وفلاديمير نابوكوف، وجوزيب بْلا، ومانويل ميخيا فاييخو.
كان اختيار مؤتمر اليونسكو العام الذي عقد في باريس عام 1995 لهذا التاريخ اختياراً طبيعياً فقد أرادت فيه اليونسكو التعبير عن تقديرها وتقدير العالم أجمع للكتاب والمؤلفين وذلك عن طريق تشجيع القراءة بين الجميع وبشكل خاص بين الشباب وتشجيع استكشاف المتعة من خلال القراءة وتجديد الاحترام للمساهمات التي لا يمكن إلغاؤها لكل الذين مهدوا الطريق للتقدم الاجتماعي والثقافي للإنسانية جمعاء. وفي هذا الصدد، أنشأت اليونسكو اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف.
التمييز بين حقق النشر في القانون العام وحقوق المؤلف في القانون المدني
قبل اكتشاف الطباعة، لم تكن الحاجة لهذا النمط من الحقوق مُتداركة بعد، لأن عدد النسخ المكتوبة باليد كان قليلاً ولم يمتهن العديد من الأشخاص التأليف، ولكن منذ القرن السادس عشر، احتكرت الشرطة إنشاء دور الطباعة بهدف التحكم بانتشار الأفكار وضمان حقوق بائعي الكتب.
فكان على كل بائع كتب أن يتقدم بطلب للملك من أجل الحصول على حقوق نشر قبل طباعة أي كتاب، ومن ثم تغيرت الأمور شيئاً فشيئاً، ومع حقوق المؤلف، لم تعد الخطوط المُستخدمة في طباعة الكتاب ما يؤخذ بعين الاعتبار، وإنما محتواه، أي روح العمل.
ويشيع التمييز بين معاملة المؤلفين وأصحاب العلاقة الآخرين بين أحكام القانون العام وأنظمة القانون المدني، علماً أن كلاً من حقوق النشر وحقوق المؤلف قد نشأت في القرن الثامن عشر لاستهداف قضايا متماثلة؛ وهي عدم المساوة في العلاقات بين المؤلفين والناشرين (وبين الناشرين أنفسهم) إذا لم يُعترف بالملكية الفكرية ولم تُحمى، والحاجة لتأمين دخل للمؤلفين غير الرعاية المالية.
يقدم كلا النظامين حقاً للمؤلف باحتكار عمله لفترة محدودة وإمكانية نقله لشخص آخر، ما اعتُبر في البداية الحق بنسخ أو إعادة إنتاج العمل (أي حق نشر)، ولكنه توسع منذ ذلك الحين لأخذ التطورات التقنية بعين الاعتبار.
ومن أحد البنود الأساسية لحقوق المؤلف والعديد من حقوق النشر، أن العمل المَحمي يجب أن يكون ناشئاً من إبداع المؤلف عوضاً عن جهد بسيط منه أو استثمار له، إذ تحمي كل من حقوق النشر الفرنسية والألمانية ما يسمى بأعمال الذهن.
وقد قاد ذلك أنظمة القانون المدني لتبنّي رابط قوي بين الحقوق (على الأقل مبدئيا) وشخص المؤلف؛ فتكون حقوق الملكية البدائية لمؤسسة تشاركية ما وفقاً لذلك مُقيّدة للغاية أو حتى مستحيلة (كما في ألمانيا).
وتُعتبر أحكام القانون العام أكثر استعداداً لتقبّل الملكية المشتركة لحقوق النشر، كما في مبدأ (عمل مقابل أجر) في الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم كون المقارنة التالية مبسّطة ومعتمدة على القوانين المتطابقة في دول منفردة، من الصعب ملاحظة فرق فعّال (اقتصادي) بين الحالتين:
القانون العام: يمتلك صاحب العمل حقوق نشر العمل الذي صنعه العاملون.
القانون المدني: يتمتع صاحب العمل برخصة حصرية بالحقوق الاقتصادية للعمل الذي صنعه العاملون.
كما كانت أنظمة القانون المدني فعالة في حماية الحقوق الأخلاقية للمؤلفين، مجادلةً بأن إبداعهم يستحق الحماية كجزء أساسي من شخصياتهم، علماً أن حماية الشخصية كانت مفصولة في أحكام القانون العام عن قانون حقوق النشر لمدة طويلة.
لذا لم تكن الحقوق الأخلاقية مذكورة بوضوح في قانون المملكة المتحدة لحقوق النشر حتى عام 1988، أي بعد ما يزيد عن قرن من توقيعها اتفاقية بيرن، فتحمي قوانين حقوق النشر في المملكة المتحدة وإيرلندا اليوم خصوصية موضوع صور وأفلام معينة كحق أخلاقي، بينما تتعامل أنظمة القانون المدني مع ذلك كحق منفصل للصورة المُنتَجة، ومن جهة أخرى تتقاطع طرق الحماية المختلفة لحقوق التصميم الصناعي بين النظامين القانونيين المذكورين.
بعد معرفة حق المؤلف والكاتب لابد من معرفة من هي عاصمة العالمية للكتاب في العام الماضي وهذا العالم؟
الشارقة هي العاصمة العالمية للكتاب لعام 2019
أعلنت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، الشارقة (الإمارات العربيّة المتحدة) عاصمة عالميّة للكتاب لعام 2019 وذلك بناء على توصية من لجنة استشاريّة اجتمعت في مقرّ الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات في لاهاي. ووقع الاختيار على الشارقة نظراً للطبيعة الابتكاريّة والشموليّة لترشيحها، فضلاً عن برنامج الأنشطة الذي تقدّمه والقائم على المجتمع المحلّي والاقتراحات المبتكرة لدمج وإشراك الأعداد الكبيرة من اللاجئين.
العاصمة الماليزية كوالا لمبور هي العاصمة العالمية للكتاب لعام 2020
في كل عام، تختار يونسكو — والمنظمات الدولية الممثلة للقطاعات الثلاثة الرئيسة في صناعة الكتب، وهي قطاع الناشرين وقطاع البائعين وقطاع المكتبات — العاصمة العالمية للكتاب لفترة مدتها عام واحدا يبدأ في 23 نيسان/أبريل من كل عام.
ووقع الاختيار هذا العام على مدينة كوالا لامبور الماليزية نظراً للتركيز الكبير الذي توليه لمسألة التعليم الشامل للجميع، وبناء مجتمعات قائمة على المعارف، وانتفاع جميع سكان المدينة بالقراءة.
ويركز البرنامج المنظم تحت شعار كوالالمبور باكا: القراءة مفتاح الإدماج، على أربعة مواضيع، هي: القراءة بجميع أشكالها، وتطوير البنية الأساسية لصناعة الكتاب، والشمولية وإتاحة الموارد الرقمية، وتمكين الأطفال من خلال القراءة. وسيجري تنظيم مجموعة من الفعاليات والنشاطات من بينها مثلاً بناء مدينة الكتاب (تجمع كوتا بوكو)، بالإضافة إلى حملة قراءة للمسافرين في المواصلات العامة، وتعزيز الخدمات الرقمية وانتفاع ذوي الاحتياجات الخاصة بالمكتبة الوطنية في ماليزيا، وإدماج الخدمات الرقمية الجديدة للمكتبات في 12 مكتبة عامة في المناطق السكنية الفقيرة في كوالالمبور.
وتهدف المدينة إلى النهوض بثقافة الكتاب والشمولية، فإن المدينة التي تقرأ مدينة معنية بالجميع، وذلك من خلال تحسين الانتفاع بالكتب في جميع أرجاء المدينة. وبالتالي فإن المشروع الطموح لعاصمة الكتاب العالمية مرتبط ببرنامج "رؤية كوالا لامبور لعام 2020" ومشروع المدينة البيئية "نهر الحياة" التي تحتوي على دور كتب ومكتبات بالهواء الطلق بالقرب من قنوات جرى ترميمها مؤخراً في المدينة.
وإن المدينة التي يقع الاختيار عليها كل عام لتكون عاصمة عالمية للكتاب تأخذ على عاتقها مسؤولية النهوض بالكتب والقراءة وتنفيذ برنامج من النشاطات ذات الصلة.
ويأتي اختيار كوالالمبور لتكون العاصمة العالمية العشرين للكتاب بعد مدريد (2001) والإسكندرية (2002) ونيودلهي (2003) وأنتويرب (2004) ومونتريال (2005) وتورينو (2006) وبوغوتا (2007) وأمستردام (2008) وبيروت (2009) وليوبليانا (2010) وبوينس آيرس (2011) ويريفان (2012) وبانكوك (2013) وبورت هاركورت (2014) وإنتشون (2015) وفروتسواف (2016)، كوناكري (2017)، أثينا (2018) والشارقة (2019).
وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة الاستشارية المؤلفة من ممثلين من اليونسكو ورابطة الناشرين الدولية والاتحاد الدولي لرابطات المكتبات وأمناء المكتبات، قبلت ترشيح كوالالمبور.
اضافةتعليق
التعليقات