• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الرجل الحق يغم نفسه ولا يغم عياله

زهراء الجابري / الأثنين 20 آيار 2024 / تربية / 1202
شارك الموضوع :

وعلى هذا الشكل تتسلسل آثار العقول، فيقدم كل عصر نتائج ما يهتدي إليه إلى العصر الذي يليه

الحياة مسرح يجرب فيه الإنسان عقله وشعوره وعاطفته وحسه وذوقه، فيهتدي كل يوم إلى أمور جديدة؛ لأن الحياة غير ثابتة.. ففي كلّ عصر مذاهب جديدة في كلّ ناحية من نواحي الفكر، في الفلسفة والأدب والعلم والاجتماع والاقتصاد وما شابه ذلك، في كل عصر حركات جديدة وأزياء جديدة ....

وعلى هذا الشكل تتسلسل آثار العقول، فيقدم كل عصر نتائج ما يهتدي إليه إلى العصر الذي يليه. ويزيد كل عصر في هذه النتائج بقدر ما يتيسر له من العلوم والتجارب.

قد يكون من هذه العلوم والتجارب ما يحتاج إلى تعديل. فمن عصر إلى عصر يظهر علم جديد يعفى على آثار علم قديم، وتظهر تجارب حديثة تبطل تجارب عتيقة. فالإنسان يحتاج من حين إلى آخر إلى تعديل ما تعلمه أو جربه، والخطأ كل الخطأ في الثبوت على علوم باطلة أو تجارب فاسدة، والذي يفيد البشرية إنما هي هذه التعديلات التي ندخلها على آرائنا من حين إلى آخر .

والآن نصل إلى جوهر السؤال: ماذا علمتني الحياة؟ أو ماذا تعلمت من الحياة؟

قد يتعلم المرء في حياته أمورًا لا سبيل إلى إحصائها في ورقة أو ورقتين.. ولكن لا نرى العبرة بكثرة علومه، وإنما نرى العبرة بمقدار انتفاعه بهذه العلوم. فإذا ذهبت إلى الإتيان على ذكر ما تعلمته في حياتي، طال على المجال.

وقد يكون الذي تعلمته أو جربته قد تعلمه غيري أو جربه، فالمهم على ما أعتقد أن يذكر الإنسان ما انتفع به من علومه وتجاربه في حياته.

لقد قرأت بعض الكتب ووقفت على بعض التراجم.. فإذا كنت استعظمت رجلًا من رجالنا في قديم الدهور، فقد استعظمت رجلًا قالوا فيه أنه إمام في العلم، رأس في الزهد عارف بالفقه، يصير بالأحكام، حافظ للحديث مميز لعلمه، قيم بالأدب، جماع للغة. هذا الرجل إنما هو إبراهيم بن إسحق الحربي، عاش في القرن الثالث. وعلى الرغم من الأمور التي حصل عليها، لم تكن له شهرة كشهرة عظماء أدباءنا أو علمائنا .

قرأت ترجمته وعسى أن أنتفع بخلق من أخلاقه.. كان لا يشكو إلى أمه ولا إلى أخته ولا إلى امرأته ولا إلى بناته حمى يصاب بها. كان به صداع بأحد جانبي رأسه خمسا وأربعين سنة ما أخبر بذلك أحدًا، وأفنى من عمره ثلاثين سنة برغيف في اليوم والليلة. ولو أردت الإتيان على هذا النوع من شظف عيشه وصبره، لذكرت الشيء الكثير.. وإنما المهم أن نعرف هذه الحكمة التي انتقلت إلينا على لسانه، وهي الرجل الحق هو الذي يدخل غمه على نفسه، ولا يغم عياله ما أظن أني أخرج عن موضوعي إذا استشهدت بسيرة عظيم من عظمائنا؛ لأن أصل السؤال ماذا علمتني الحياة؟ فإذا قلبت السؤال، قلت: ماذا علمني إبراهيم بن إسحق الحربي؟!... والنتيجة واحدة.

إنا نعيش في عصر غلبت فيه المادة على كلّ شيء.. فكان لهذه الغلبة عواقب وخيمة في أخلاقنا واجتماعياتنا.. في حياتنا كلها، فالعصر الذي نعيش فيه إنما هو عصر المادة، فكل شيء يقاس بها. لقد ضعفت قيمة الروحانيات حتى كادت تموت، لقد أفسدت هذه المادية سياستنا وأدبنا وعلمنا وأوضاعنا الاجتماعية بحذافيرها ولا سيما الزواج..

فإذا كان من الواجب على رجال الفكر أن يبينوا في هذه الأيام ماذا علمتهم الحياة حتى تنتفع البشرية بآرائهم، فمن الواجب علي أن أعترف بأن الذي علمني إياه إبراهيم بن إسحق الحربي في احتمال الحياة والصبر على مکارهها إنما هو شيء عظيم.

ولست أرى في هذا التعليم أثر زهد يقعد بصاحبه عن السعي في الحياة ويميل به إلى الكسل والخمول، وإنما أرى فيه جوًا روحانيًا يُقوى سعي صاحبه ويشد آماله.. فالرجل الذي يدخل غمه على نفسه ولا يغم عياله، إنما هو رجل يخلق لنفسه أفقًا روحانيًا يعيش في ظلاله في كثير من الهدوء والعالم حوله مضطرب، وفي كثير من الراحة والدنيا حوله تعبه، وفي كثير من القناعة والجشع حوله هائج مائج.

ويستطيع في هذا الأفق الروحاني الهادئ المستريح القانع أن يعمل كثيرًا، وأن ينتج كثيرًا، وأن تنتفع البشرية بعمله وإنتاجه!

من كتاب (علمتني الحياة- خلاصة حياة لأكثر من 60 كاتب ومفكر في المشرق والمغرب) أشرف عليه د. أحمد أمين.  بقلم شفيق جبري
الانسان
الشخصية
التفكير
السلوك
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    عاشوراء بين الألم والأمل: مدرسة الصابرين

    زيارة قبر الحسين.. وسيلة الوسائل لبقاء الصالحات إلى يوم القيامة

    مكملات الميلاتونين.. هل هي آمنة وفعالة؟

    فيتامين شائع يساعد في مقاومة علامات الشيخوخة

    في رحاب محرم: طلب الإصلاح على خطى سبط الرسول

    كيف أجعل حب الامام الحسين مشروعًا دائمًا؟

    آخر القراءات

    فضاء الفيسبوك.. عالم يغرق رواده بوابل من الوهم

    النشر : الأثنين 06 تموز 2020
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    بالقدوة والمثل نسعي نحو الكمال والتميز

    النشر : الأربعاء 03 آيار 2017
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    انت المُقيم لنفسك!

    النشر : الأثنين 22 كانون الثاني 2018
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    قراءة في كتاب: بعد فوات الاعتراف

    النشر : الأربعاء 21 شباط 2024
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    ماهو دور المرأة في غيبة الإمام المهدي؟

    النشر : الخميس 21 ايلول 2023
    اخر قراءة : منذ 8 ثواني

    الدور القيادي للأب في المشروع الأسري الناجح

    النشر : الأثنين 20 تشرين الثاني 2017
    اخر قراءة : منذ 10 ثواني

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1262 مشاهدات

    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي

    • 533 مشاهدات

    في رحاب محرم: طلب الإصلاح على خطى سبط الرسول

    • 392 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تنظم فعاليات نادي ريحانة الصيفي للفتيات

    • 384 مشاهدات

    أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا

    • 373 مشاهدات

    بناء التنوع.. شعار اليوم العالمي لهندسة العمارة

    • 371 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1375 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1262 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1184 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1118 مشاهدات

    قراءة في كتاب: إدارة الموارد البشرية

    • 824 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 658 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    عاشوراء بين الألم والأمل: مدرسة الصابرين
    • منذ 24 ساعة
    زيارة قبر الحسين.. وسيلة الوسائل لبقاء الصالحات إلى يوم القيامة
    • منذ 24 ساعة
    مكملات الميلاتونين.. هل هي آمنة وفعالة؟
    • منذ 24 ساعة
    فيتامين شائع يساعد في مقاومة علامات الشيخوخة
    • منذ 24 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة