المرأة نصف المجتمع ولها دور كبير في بناءه وتطوره، وفي كل زمن يوجد دور للمرأة المسلمة، في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) توجد السيّدة خديجة الكبرى أم المؤمنين (عليها السلام) وكان لها دور كبير في إقامة الرسالة المحمدية وقام الدين بمالها وتضحياتها العظيمة في سبيل الرسالة.
وفي زمن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) توجد السيّدة الزهراء (عليها السلام) سيّدة نساء العالمين وكلنا نعرف دورها في حفظ الدين وقد ضحت بجنينها ونفسها من أجل الحفاظ على الدين، وفي زمن الإمام الحسين (عليه السلام) توجد السيّدة زينب الكبرى (عليها السلام) ومن لا يعرف زينب؟! حفظت دماء سيد الشهداء (عليه السلام) وثورته وصوته وحقه، وحافظت على الدين ونصرته..
إذن نحن كنساء ما دورنا في هذا الزمان؟ دورنا التمهيد لصاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف) لم يخلقنا الله في زمن الغيبة عبثا، على كل امرأة منا اليوم تقع على عاتقها مسؤولية تجاه الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) والتمهيد له.
كيف يكون التمهيد؟
التمهيد يبدأ من النفس ثم إلى العالم، أول نقطة بالتمهيد هو أن أعلم نفسي وأهذبها وأربيها.. أطلب العلم، التفقه في الدين إحدى مسؤولياتنا اليوم ومن الواجبات على الممهدات، أن أكون امرأة متفقهة عالمة حتى أخدم إمامي في غيبته من خلال التبليغ الديني ونشر الثقافة الدينية .. وفي هذا الزمان توفرت الوسائل التعليمية، إذا كنت في مدينة لا توجد فيها حوزة فاليوم توجد مئات الحوزات الالكترونيات المعتمدة.. لا عذر لنا.
طلب العلم إحدى وظائفنا في غيبة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف).. وأيضاً أعرف عقيدتي وأحفظها وأعلمها لغيري وهذا لا يأتي إلا بطلب العلم وأيضاً للمرأة دور مهم ينقسم على قسمين:
١) دور المرأة في بيتها.
٢) دور المرأة في المجتمع.
دور المرأة في بيتها، يجب أن تحافظ على أسرتها وأولادها بعلمها وعملها وأن تكون لهم قدوة ومعلمة، وتعلمهم من هو الإمام الغائب (عليه السلام)، وماذا نعمل في غيبته وتعد أولادها إلى نصرة الإمام (عجل الله فرجه الشريف) وتكون كما كانت السيّدة الجليلة أم البنين (عليها السلام)، ما كانت أم البنين علوية النسب، لكنها أصبحت أم الحسين (عليه السلام) ولها دور في ثورة سيد الشهداء (عليه السلام)، من خلال تربيتها لأولادها فقد ربتهم منذ نعومة أظفارهم على حب وطاعة إمام زمانهم، لم تقبل أن يعاملوا الإمام الحسين (عليه السلام) كأخ لهم، بل عاملوه كإمام زمانهم، فجعلتهم خدام له، والمقام الذي حصلت عليه هذه السيّدة من خلال تربيتها لأولادها..
فخير قدوة وإسوة لنا اليوم هي مولاتنا السيّدة أم البنين (عليها السلام).. ومن أصعب الأمور في هذا الزمان هي (تربية الأطفال) لذلك لابد للأم أن تكون متعلمة متفقهة عالمة تعرف كيف تربي أولادها تربية مهدوية صحيحة، كيف تتصرف معهم، كيف تجيب على أسئلتهم خاصة الأطفال الصغار يسألون في بعض الأحيان أسئلة غريبة، مثلا لماذا لا نرى الإمام المهدي
(عجل الله فرجه الشريف)؟ ماذا تجيبين؟، لابد أن تفهمين وتعلمين الطفل على أننا نستطيع رؤية الإمام ولكن توجد هناك شروط ... وإذا سكتي ولم تعرفي الجواب هنا سوف تنكسر عقيدته ولا يفكر وتصبحي بعينه أم غير عارفة وفاهمة، لذا من واجبات المرأة في زمن الغيبة أن تكون متعلمة حتى تعلم أولادها.
دور المرأة في المجتمع جداً كبير ومن مهامها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تنقل وتنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام) من خلال التجمعات والمجالس والمحافل والندوات، وأن تكون عندها جمع من الفتيات لتعلمهن وترشدهن وتحافظ عليهن.. والتي تعمل في غيبة الإمام (عجل الله فرجه الشريف) تكون معه في ظهوره ومن أنصاره وقد جاءَت بعضُ الأخبار بما يُؤكّد الدّورَ القياديَّ للمرأة في نهضةِ الإمام المهديّ (عجّل اللهُ فرجَه)، حيث نصَّت تلكَ الرّواياتُ على وجود أعداد منَ النّساءِ ضمنَ عدّةِ الثّلاثمئةِ والثّلاثِ عشرَ الذينَ هُم قيادات النّهضةِ المهدويّة، فعن جابر الجعفيّ عنِ الإمامِ الباقرِ (عليه السلام) يقول: "ويجتمعُ لهُ بمكّةَ ثلاثمائةٌ وبضعةُ عشرَ كعدّةِ أصحابِ بدر، وفيهم خمسونَ إمرأةً مِن غيرِ ميعادٍ يجتمعونَ قزعاً كقزعِ الخريفِ فيُبايعونَه"، ومنَ المُؤكّدِ أنَّ هؤلاءِ هُم خُلّصُ أصحابِه وأنصاره، والمُعتمدُ عليهم في نهضتِه، والمُعوّلُ عليهم في إدارةِ حكومتِه. بينهم خمسون امرأة، عدد ليس بالقليل، فتستطيع المرأة أن تعمل في زمن الغيبة وتجتهد وتتعب على نفسها وتكون ضمن هذه النسوة، فهذا ليس بمستحيل .
والذي يؤكّدُ مكانة هؤلاء ما جاء في حقِّهم مِن فضلٍ ومنزلة، فعَن حُذيفةَ قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) يقولُ: "إِذَا كَانَ عِندَ خُرُوجِ القَائِمِ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَيُّهَا النَّاسُ قُطِعَ عَنكُم مُدَّةُ الجَبَّارِينَ وَوُلِّيَ الأَمرَ خَيرُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَالحَقُوا بِمَكَّةَ فَيَخرُجُ النُّجَبَاءُ مِن مِصرَ وَالأَبدَالُ مِنَ الشَّامِ وَعَصَائِبُ العِرَاق رُهبَانٌ بِاللَّيلِ لُيُوثٌ بِالنَّهَار كَأَنَّ قُلُوبَهُم زُبَرُ الحَدِيدِ فُيَبَايِعُونَهُ بَينَ الرُّكنِ وَالمَقَام.
هنا رهبان بالليل يعني من كثرة العمل والصلاة والاجتهاد في طاعة الله تعالى، ليوث بالنهار يعني يعملون يسعون بسرعة بقوة بعزم إلى خدمة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) يتنافسون في خدمته ، يعملون وفي قلوبهم كأن الإمام يظهر غدا، لا يتكاسلون ولا ييأسون ولا تاخذهم الآمال ولا يعتمدون على تسويف العمل بل يعملون ويكوّنون جيوش ويعدون أنفسهم وغيرهم لنصرة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف).. وهناكَ رواية تشير إلى الدّورِ اللوجستيّ للنّساء في حروب الإمام المهديّ مثل معالجةِ الجرحى، فعنِ المُفضّلِ إبنِ عُمر عَن الإمامِ الصّادقِ (عليه السّلام) قالَ: "يكونُ معَ القائمِ (عجّلَ اللهُ فرجَه) ثلاثُ عشرةَ إمرأةٍ، قلتُ: وما يُصنعُ بهنَّ؟ قالَ: يداوينَ الجرحى ويقُمنَ على المرضى كما كانَ معَ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم)".
ولا يعني ذلكَ إنحصارَ دورهنَّ في هذا المجالِ، وإنّما ذكرَ على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ، وهذا ما تؤكّدُه الرّواية الأخرى التي تجعلهنَّ مِن بينِ الثّلاثمئةِ والثّلاثة عشر. هل هؤلاء فقط لديهن مهنة التمريض؟ لا، فهن من العالمات العاملات اللواتي يعملن الآن على التمهيد لظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) ولا شرط بأن أمتلك شهادة طب أو أكون ممرضة حتى أكون ضمن هذه النسوة، لأتعلم، الآن توجد دورات تدريبية وتعليمية حول الطب، أتعلم لأجل خدمة الإمام المهدي (عليه السلام) ونصرته، أتعلم كل شيء يخدم الإمام في ظهوره.
زمن الغيبة فرصة لنا جميعا حتى نعد ونجهز أنفسنا لخدمة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، والانتظار ليس فقط دعاء الفرج والجلوس، دعاء الفرج مع العمل بتعجيل الفرج، الانتظار عمل وليس جلوس ونحن في زمان امتلأ ظلما وجورا، ولا نعرف متى يكون ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، ولا وقت للتوقف والاستراحة، فلابد أن نجتهد وننهض حتى نكون مع الإمام المهدي وأنصاره ولا نتحسر ونخسر عند الظهور .
اضافةتعليق
التعليقات