وجدت غايتها المنشودة خلف شاشة هاتفها المحمول لتكون كما أرادت دوما؛ تلك الفتاة المثالية, الجميلة الساحرة, التي لا تمت لواقع حالها بصلة! هربت من واقعها لتستوطن في وهم طوفان العالم الافتراضي.
إنها حكاية لفتاة بين الكثير من الأشخاص على نفس الشاكلة, إذ يتنكرون لذاتهم ليعيشوا شخصية مزدوجة في صفحات مواقع التواصل, لربما تقودهم إلى عواقب وخيمة.
في هذا الجانب كانت لـ ( بشرى حياة) هذه الجولة الاستطلاعية:
المنافس الكبير
حدثنا كرار الشمري/ بكالوريوس لغة عربية قائلاً: في عام (2009) دخلت العالم الافتراضي المنافس الكبير والخصم القوي للعالم الواقعي, حيث كان التواصل يُختصر على برامج محددة, كنتُ أذهب لبعض مراكز الأنترنت؛ لاستخدامه مقابل أجر, أشاهد بعض الشباب منغمسين في مراسلة بعضهم بعضا، كنت أرى انبهارهم ودهشتهم بهذا العالم الجديد الذي دخل لحياتنا دون سابق إنذار.
وأضاف: لفت انتباهي في أحد الأيام قهقهة عالية لأحد المستخدمين، أجبرني فضولي أن أشاهد في شاشته ما المضحك، فرأيت أن المرسِل قد بعث له رمزا تعبيريا ساخرا دون مستوى التفاهة, فأيقنت وقتئذٍ بأن كثيرا من الشباب سوف يقتلون أوقاتهم من أجل أشياء تضرهم, إذ شهدت اليوم سطحية بعض الناس في نشر كل شاردة وواردة عن حياتهم إلى إن وصلوا حد الهوس, وبعضهم أنشأوا صفحات بأسماء وهمية ليعبروا عن آرائهم بحرية وهذا من حقهم.
وهناك بعضٌ آخرُ ضرب على الوتر نفسه, بطريقة غير صحيحة, وهي التشهير والتضليل ونشر الأكاذيب وغيرها من الأمور السلبية المنافية لكل القيم.
ويرى الشمري: أن الأمر أصبح واقع حال, واصلاحه وصد الأضرار الناتجة عن تفشي هذه المواقع, يبدأ بالأطفال وذلك باستبدال جهاز الجوال الذي بين أيديهم بكتاب قيم ومفيد.
بين الواقع والوهم
تعترف منى وهو اسم مستعار أنها تتقمص شخصيتين في العالم الأزرق بعيدا عن ضغوط زوجها وتدخله بخصوصياتها, إذ تعتبره متنفسها, كما هي لا تخشى العواقب إن إكتشف سرها المكنون كما وصفته.
أما مهند توفيق/ طالب جامعي أكد بأن حسابه الثاني للتسلية لا غير, وليس بالضرورة أن يكون الشخص يعاني من مشكلة نفسية إذا عاش بشخصية مغايرة في العالم الافتراضي, لربما هو نوع من الهروب لما يعانوه أغلب الشباب من البطالة وغيرها من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.
رؤية نفسية
الدكتور عبد عون المسعودي/ أستاذ علم النفس في جامعة كربلاء المقدسة, اشار إلى أن تقنيات العصر الحديث ومنها مواقع التواصل الاجتماعي لها فوائد كثيرة.
إلا أن هذا العالم في الجانب الآخر يضمر مشاكل كثيرة, أولها حالة الإدمان التي تبعد الإنسان عن واقعه الحقيقي أحياناً, إذ البعض وجد فيه مكاناً للهروب من ذلك الواقع, حتى أصبح عادة سلوكية من الصعب التخلص منها وخصوصا في العراق الذي يعج بالمشاكل في كل جوانب الحياة.
فضلاً عن الكبت والحرمان والإحباط لدى الكثير, جعلهم أيضا يذهبون إلى العالم الافتراضي ليحققوا مالم يستطيعوا تحقيقه في الواقع ومواجهة مشاكلهم, بل سعى البعض إلى استخدامه كوسيلة للتفريغ النفسي من خلال التهجم على من لا يستطيع مواجهته وجها لوجه.
أما طرق العلاج حسب المسعودي فهي تبدأ من مبدأ أن وراء كل اضطراب نفسي وجود مشكلة في حياة المضطرب, فإن من أولويات العلاج أنه يجب الوقوف على مشاكلهم وحلها, وهذا يقع على عاتق الأسرة, والمجتمع, والحكومة.
ثم الانتقال إلى عملية العلاج من خلال إطفاء سلوك الإدمان وتعزيز سلوك مضاد له.
من خلال حثهم بالاندماج مع الآخرين في الواقع، والتحدث إليهم بمواضيع شتى, ومحاولة البقاء معهم لأكبر وقتٍ ممكن.
اضافةتعليق
التعليقات