منذ أكثر من عقد مضى، تحدثت المراجع الطبية الرئيسية المرشدة لنمو الطفل، حول كيف تبزغ مهارات التفكير والسلوك لدى الرضع والدارجين ولكنهم لم يذكروا المخ مطلقا. إن نمو الطفل يعتبر مجالا ، وبحوث المخ مجالا آخر، ولا توجد نقاط التقاء بين المجالين، أو هكذا ظن البعض. وقد لاحظ بعض العلماء ذوى البصيرة هذه الثغرة الواسعة، وقدموا المجال الجديد من علم المعرفة العصبي لربط الأحداث الجارية في المخ بالسلوك البشري والحيواني، متضمنا استجلاء سيرة الأحداث الجوهرية في حياة الطفل.
أحد أعضاء هذا الاتجاه الحديث هو كيرت فيشر، وهو تربوى من جامعة هارفارد، وينتمى إلى مدرسة بياجية الجديدة neo - Piagetion بالإضافة لكونه عالم معرفة عصبي. كان جون بياجيه باحثا سويسريا درس نمو الطفل من عام ١٩٢٠م إلى ١٩٦٠ ، وهو الموضوع الذي اشتهر به هو ومن أتباع منهجه. وقد عرف بتقسيمه نمو الطفل إلى أربع مراحل : المرحلة الحسية الحركية من الميلاد وحتى الثانية من العمر، ومرحلة ما قبل العمليات من سن الثانية وحتى السابعة ومرحلة العمليات الحسية من سن السابعة وحتى الحادية عشرة ومرحلة العمليات الرسمية والتي تمتد من سن الثانية عشرة فما فوق وهناك المزيد في هذه النقطة فيما بعد.
وقد عرف بياجيه كذلك أو اشتهر بتأسيسه للنظرية النمائية على ملاحظاته عن أبنائه الثلاثة، لوسيان و لورانت و جاكلين أثناء نموهم في مسكن العائلة بجنيف وقد بنى فيشر، نموذجه العصري عن إطار بياجيه المراحل الطفولة، بمواءمة السلوكيات الأخذة في الظهور مع التغيرات الحادثة في المخ. وقد قام هو وزميله صامويل روز بملاحظة أبناء فيشر وهما «سان» و "سيت" ملاحظة منظمة منذ الميلاد. هذه الملاحظة المنظمة أزاحت الستار عن حقيقة رائعة، والتي تدعم النموذج الجديد، من نمو الطفل المتمركز حول المخ.
إحدى الطرق لقياس نمو مخ الوليد التي أوضحاها، هو تصوير حجم الرأس تليفزيونيا على أساس أسبوعي. وقد قام كل من "فيشر" و«روز» بتسجيل النمو المتعاظم بدقة ما بين الأسبوع الثالث والرابع، والسابع والثامن، والعاشر والحادي عشر. والذي يتواكب مع تنامي آخر لدى أطفال رضع آخرين في دراسات أخرى.
في هذه الأثناء، وعلى غير المتوقع مرض سيث بأول إصابة بالبرد ما بين الأسبوع السابع عشروالتاسع عشر، وبدلا من ظهور التنامي المتوقع، وجد فيشر أن رأس إينه والمخ الذى بداخلها تبعا لذلك أخفق في النمو تماما خلال فترة المرض هذه. وقد دل هذا على أن التغيرات العضوية وتأثيرات البيئة يعملان سويا، وكيف أنه خلال النمو، يمكن بـ معطيات بيئية قليلة أن تغير منحنى النمو بصورة دراماتيكية بالنسبة للمخ، على حد قول «فيشر ويضيف «فيشر». كذلك كان لدى سيث مشكلة تتعلق بنظام غذائه في نقطة واحدة، فإذا لم يكن الأطفال يحصلون على طاقة زائدة لأنهم لا يستطيعون تناول الطعام بسبب مرضهم، إذا لن تتوفر الطاقة للنمو، وبالتالي يتوقف النظام لفترة في نموذج فيشر» ينمو المخ على فترات تبدأ من الطفولة، بما يطلق عليها الناميات growers (سلوك وظائف المخ النامية التي تعمل على تراكم وتفرع النمو اللاحق.
وقد وصف نمو مناطق المخ المحددة - وبالتالي، السلوك - إلى ميكانيزمات نراها بالفعل - وهي تراكم الميلين التفرع في أذرع الخلايا بالعصبية النهايات العصبية، تكون الوصلات العصبية - وتلاشي الوصلات الضعيفة أوغير المستخدمة. وترسم أوراق فيشر العلمية ملامح خيوط المخ المتشابكة بمعادلة جبرية تصف دائرة الحركة وتفاعلات الناميات فيما بينها . إن النقطة البارزة على أية حال، وبصورة مباشرة هي ما بين ميلاد الطفل وعيد ميلاده الواحد والعشرين يظهر مخه سلسلة من التفرعات في النمو تنعكس في نمو الرأس، ونشاط المخ من خلال قياسه بواسطة تسجيلات الـ EEG الرسام الكهربى الخاصة بموجات المخ وكثافة الوصلات العصبية الموجودة بين تفريعات الخلاية العصبية.
أثناء الشهور الثلاثة الأولى من حياة الأطفال، تحدث تمددات أو زيادات في نمو المخ. كل منها متصل بمهارات جديدة ترتبط بانعكاسات البقاء على الحياة لدى الطفل وهي شبيهة بتلك التي لدى الحيوان. هذه المهارات بدورها، تعتبر بمثابة تغذية مرتدة من حيث كونها توفر تجارب تعاون على تشكيل المخ في اتجاه مرحلة النمو التالية. وتقريبا أثناء الوقت الذي يظهر فيه أول تمدد نمائي في المخ في الأسبوع الثالث أو الرابع، ويبدأ الرضيع في متابعة كرة بعينيه، ويقبض على أداة لينة توضع في يده. وفي التمدد النمائي الحادث في الأسبوع من السابع إلى الثامن، يبدأ الرضيع في بناء استجابات الفعل كسماع صوت امه، والتحديق بعينيه في اتجاه الصوت، ورؤية كرة قريبة من يده فيحاول الإمساك بها. وفي التمدد التالي في الأسبوع من العاشر إلى الحادى عشر تنمو سلسلة من التفاعلات بحلقة إضافية : فالطفل يسمع صوت الأم ينظر إليها، ويستجيب لها بالابتسام أو بإصدار أصوات شبيهة بصوت هديل الحمام، أو يرى كرة، ويسعى للوصول إليها ويفتح أصابعه .
في الأسابيع الخمسة عشرة التالية من الحياة من الشهر الثالث إلى الثامن عشر يمر الطفل بثلاثة تمددات نمائية تثير لديه استجابات حركية جديدة (هنا) يستخدم فيشر مصطلحات (بياجيه) أفعال ميشة، كاستجابة لإدراكه للعالم. في التمدد التالي للمخ الواقع ما بين الأسبوع الخامس عشر والسابع عشر تظهر استجابة حس حركية من سلسلة الانعكاسات البسيطة السابقة : فالطفل يتبع كرة متحركة بعينيه، يسعى للوصول إليها بأصابعه المفتوحة، ويحرك ذراعه مرة في اتجاهه ومرة في اتجاه حركة الشيء.
أما التمدد الحادث ما بين الشهر السابع والثامن، فهو يلمس السلسلة الحس حركية: فالرضيع يرى كرة، والرؤية توجه سعيه، فيمسك بها، ويقربها إليه لاختبارها عن قرب ما بين الشهر الحادي عشر والثالث عشر، يظهر تمدد آخر في نمو المخ، جالبا معه سلسلة أطول من الإحساس ومحاولات السعى فالرضيع يمسك بشخشيخة ، ويحركها في اتجاهات مختلفة حتى يتمكن من رؤيتها من الأمام والخلف، ومن الجوانب. وهو أيضا يستمع للأشخاص يتحدثون من حوله بكلمات فيبدأ في تشكيل فمه، وشفاه، وحلقه في محاولة تقليد عقلانية لكلمات مثل (كرة، بطة).
اضافةتعليق
التعليقات