أن تكتب عن الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) ليس بالأمر السهل، وأن تكتب عن ثورته في عاشوراء فهذا صعب، وأن تكتب قراءة نفسية في واقعة الطف فلعمري هذا أصعب، وبهذا الأمر ولجت الموضوع وغامرت صاحبة كتابنا لهذا الشهر "قراءة نفسية في واقعة الطف" للدكتورة زهراء الموسوي.
وهي تتكئ على ثلاثة أمور:
_ درسها وتخصصها
_ حياتها وبيئتها التي تربت فيها، وعليها
_ عدم وجود دراسة شاملة عن الموضوع لحينه
من حيث الدرس والتخصص فالباحثة مشهود لها في ميدانها، وقد تبدى الأمر في هذا الكتاب وتجلت قدرة الكاتبة على الإمساك بالموضوع حد التنبه له وأحياناً قرع الجرس لكن لعدم التوقف، ومن حيث الحياة والبيئة فكاتبتنا مُشبعة بأصل الموضوع ورافعاته الفكرية في تفاصيل يومياتها المعيشة
الأمر الذي جعل لهذا الكتاب أهمية يؤسس عليها في موضوعه ولربما أكثر، أما من حيث عدم وجود دراسة سابقة ،شاملة ووافية فيكفينا صرخات الحق والحفر والبحث والهم والمتابعة والتدقيق التي يضج بها الكتاب.
تقول الدكتورة زهراء الموسوي: ولدت فكرة هذا الكتاب في يوم عاشوراء عام ١٤٣٦هـ
ويوم عاشوراء في كل عام له وقع شديد في نفسي من الحزن والغضب على جماعة تخلوا عن كل القيم الدينية والانسانية في سبيل دراهم معدودة، فكنت أتساءل بغضب كيف ممكن لجماعة أن تدعو الإمام ثم تتخلى عنه؟؟
بل كيف ممكن لجماعة تدعي موالاة أهل البيت (عليهم السلام) أن ترتكب تلك الفاجعة، حينها كنت مازلت تحت تأثير الموروث الأموي الخاطيء والسائد في جميع الأوساط الدينية بأن أهل الكوفة جميعهم من الموالين وبأن الموالين هم الذين حاربوا الإمام وإلى آخره من هذه التصورات الخاطئة الدارجة بيننا .
هذه التساؤلات أثارت عندي تساؤلات أعمق حول الطبيعة البشرية بحكم تخصصي في علم النفس والذي يجعلني لا اراديا أبحث في كل موضوع عن الربط بينه وبين الدراسات النفسية . أول اجابة وصلت اليها في تساؤلاتي كانت عن تجربة ميلغرام، والتي شرحتها بالتفصيل في الفصل الثاني بعنوان التبعية والتي حاولت أن أجاوب فيها على التساؤل الأصلي لهذا الكتاب وهو لماذا تخلت الناس عن الحسين واتبعت أعداءه.
ثم رأيت أن الجواب النفسي لا يكفي ولابد من إلقاء نظرة عامة تاريخية للمنطقة التي وقعت فيها الحادثة ومن هنا تكوّن الفصل الأول .
والذي هو عبارة عن مقدمة تاريخية حول العراق قبل الإسلام وثم فتح العراق وتركيبته السكانية وصولا إلى الواقعة والأمور المهمة التاريخية التي تخدم بحثنا الفعلي. حين وجدت بعض أجوبتي التي كانت ترهقني منذ سنين طويلة والتي كانت مختلفة تمامًا عن النظرة الموروثة لهذه الأسئلة وكانت مختلفة تمامًا عن مئات الكتب بل آلافها المكتوبة حول هذه الواقعة رأيت أن التحليل النفسي والقراءة النفسية لهذه الواقعة مفقودة وهناك العديد من الأبعاد الأخرى التي تحتاج إلى إلقاء نظرة نفسية عليها ومن هنا تكونت فكرة الفصل الثالث أي اتخاذ القرار والفصل الرابع ضحية السلطة وصولا إلى أهم فصل في هذا الكتاب وهو سيكولوجية البكاء حيث أصبح موضوع البكاء على الحسين الا من المواضيع المهمة والمثيرة للجدل في أيامنا هذه.
في النهاية آمل أن يكون هذا الكتاب التحليلي مقدمة لدراسات أعمق وأوسع حول هذه الواقعة وأمور دينية كثيرة أخرى تحتاج إلى نظرة نفسية لتحليلها وبيانها.
وجدير بالذكر أن نادي أصدقاء الكتاب أسسته جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية هادفاً إلى تشجيع القراءة والمطالعة عبر غرس حب الكتاب وفائدته في المجتمع ..
اضافةتعليق
التعليقات