جاء عيد الفطر هذا العام استثنائيا ينقصه الكثير من العادات التي كانت جزء لا يتجزأ من مظاهر العيد لدى العراقيين الذين استقبلوه بنكهة جديدة غيرت ملامحه.
ليس فقط الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار كورونا والتي أفضت الى الحجر المنزلي وحظر التجول للعام الثاني على التوالي، فأسلوب الحياة العصرية غيرت أيضا من هذه الطقوس وافقدته بعض من بريقه المعهود.
تحدث بعض الأهالي عن التغيرات التي طرأت على طقوس الإحتفال بالعيد معتبرين أن بعض مظاهر العيد اختفت وبعضها تغير.
فجر يوم العيد
يقول الحاج أبو مرتضى: كان للعيد طعم الشهد وعبير يشفي القلب، لقد اختفت مشاعر الألفة والتآخي التي كانت تكتنفنا ونحن مجتمعين في بيت أكبرنا عمرا ومنزلة ومقاما في العشيرة لتبادل التهاني بالعيد والأحاديث الودية، وهي عادة استمريت عليها منذ طفولتي حيث كنت أرافق والدي ولكن الحال تبدل مع رحيل ناسنا الطيبين إلى دار حقهم.
ويكمل: فرحة العيد تبدأ منذ ساعات الفجر الأولى ونحن نؤدي صلاة العيد في الجامع، ثم ننطلق لزيارة قبور أحبتنا ورش ماء الورد وإشعال البخور وقراءة القرآن على أرواحهم.
ويتأسف أبو مرتضى ان الكثير منا حرمتهم كورونا من تأدية هذه الطقوس التي حافظوا عليها منذ طفولتهم.
تقبيل الصغير يد الكبير
بهجة العيد تكتمل في جمعنا وتقاربنا بلم شمل العائلة وتبادل التهاني والتبريكات تقول أم ياسر مدرسة إسلامية، وتضيف: ومن أنواع التحايا التي أراها بدأت تندثر هي تقبيل يد الوالدين والأجداد والجدات والأعمام والأخوال وإظهار الإحترام والحب والمودة خصوصا في المناسبات والأعياد، فالكثير من شبابنا وللأسف يرونها عادة قديمة غير ضرورية في عصرنا الحديث، وهناك أهالي يرفضون أن يعلموا أولادهم تقبيل أيدي أيا كان ففي رأيهم الإحترام ليس بالضرورة أن يكون بتقبيل اليد، ولكني أراها من العادات الجيدة فهي تبين مدى حبنا وخصوصا لكبار السن.
العيدية
وتتحسر شذى مهدي وهي ربة بيت وأم لثلاثة أطفال قائلة: من أهم ما يميز العيد ويجعل أيامه لا تمحى ملامحها من ذاكرة الأطفال هي "العيدية" حيث يحصلون من والديهم وأخوالهم وأعمامهم وأقاربهم على الكثير من الأموال مما يجعل العيد عيدين لديهم لامتلاكهم أموال لم يمتلكوها في أيامهم العادية فيستمتعون بشراء كل ما تشتهيه أنفسهم من الحلوى والألعاب، في وقتنا الحاضر لم تعد العيدية من أولويات العيد، فأطفالي لم يشعروا بما كنت أشعر به من غبطة وفرح وأنا أرى الأموال تتكاثر في حقيبتي، فقد أصبح أغلب الناس يقتصر إعطاء العيدية لأولاده فقط.
معايدات الكترونية
المفترض أن المسلمين يكونون حريصين على عدم تغيير أجواء العيد وطقوسه، لكونه يختتم مناسبة دينية وركن من أركان الإسلام يقول رجل الدين باسم جار الله ويبين أنه حتى قبل تفشي كورونا اكتفت الناس بالإعتماد على المعايدات الجاهزة الإلكترونية لإرسالها للقريب والبعيد عبر أجهزة من دون أن يكلف نفسه في ترتيبها وكتابتها ولا تتطلب حضوره الشخصي.
ويتابع، بينما كنا سابقا نجتهد لترتيب واختيار مفردات نلقيها في سلامنا تليق بالعيد وبمن سنبادلهم التهاني، ويلجأ لنا أولادنا الصغار لكي نعلمهم كيف يؤدون السلام باحترام وماذا يقولون، فالكبير تكون دعواتنا له بحجة بيت الله الحرام أما الشاب فأفضل دعاء له هو الزواج والاستقرار وللطالب النجاح... الخ .
توزيع البحت
وترى الحاجة أم عبد أن ما ينتقص من بهجة العيد في وقتنا هذا هو عدم استقبال الضيوف من الأهل والأقارب ومد "السفرة" بألذ المأكولات العراقية من (الدولمة والبرياني والسمك المسكوف).
وتقول: بكل أسف فقدنا بعض ملامح العيد، فبسبب كورونا وخوف الناس من العدوى فقدنا عادة جميلة يتبعها الكثير من أهالي مدننا العراقية وهي توزيع "البحت" على الجيران وهو تقليد قديم، ومكوناته، التمن العنبر والحليب الطبيعي والدهن الحر، وكنا نحرص على توزيعه في أول أيام العيد كإفطار صباحي للصائمين.
(لله الأمر من قبل ومن بعد).. يبدأ عباس الخفاجي كلامه ويكمل: الاغتسال ولبس أحسن الثياب، لملاقات الناس وحضور جمعتهم كانت من المستحبات والتي يحث الإسلام عليها في العيد، وكذلك أن يخالف الطريق ذهابا وإياباً لنكثر في السلام على كل من يلاقينا.
ولكن الآن إن كنت مسلماً فعليك تطبيق شروط التباعد الإجتماعي وغلق أبوابك وعدم السلام، وهذا الواقع الذي فرض علينا أفقدنا أهم المظاهر التي كانت تنشر الفرحة والألفة والمودة والرحمة بين الناس.
اضافةتعليق
التعليقات