إن خيار قطع العلاقات مع أي شخص يزعجنا أو يتجاوز حدوده معنا ليس خياراً متاحاً ومناسباً دائماً، فهذا الشخص إما أن يكون صديقاً أو زميل عمل أو قريب من جهة الزوج أو الزوجة، أو أحد أفراد أسرتك، مما يدفعك إلى بناء حدود صحية في التعامل معه للعناية بسلامتك النفسية وخصوصيتك وتفادي تراكم الغضب والنزاع مع الآخرين، أو التضحية في العلاقات إلى حد يجعلنا ضحايا للاستغلال، أو يجعلنا منبوذين اجتماعيا لكثر قطعنا للصلات مع الآخرين.
من المهم أن تكون قادرًا على وضع الحدود والدفاع عن نفسك. كما يجدر الانتباه إنه في بعض الأحيان يمكن للتركيز على حماية الاحتياجات الذاتية للفرد أن يؤدي إلى تجاهل حقيقة وجود شخص على الجانب الآخر من تلك العلاقة. وعندما تكون على الجانب الآخر مع شخص يفرط في الرعاية الذاتية، يمكن أن تتراوح التجربة من مزعجة إلى محبطة، إلى مؤذية تمامًا.
في السنوات الأخيرة، ظهرت مفاهيم علاجية متعددة مثل (الرعاية الذاتية، وضع الحدود، تعلّم قول لا) وغيرها الكثير في كل مكان عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى التي تشارك الكثير من النصائح التي تدعو إلى تحقيق الذات وتأطير العلاقات الاجتماعية.
يقدم معالجو هذه المواقع والمنصات نصائح لمواجهة القلق واحترام الذات وإرضاء الناس بالشكل المعقول. يمكن مصادفة مصطلح "الكلام العلاجي" في كل مكان عبر الدردشات الجماعية وتطبيقات التواصل.
تكوّنت لدينا الكثير من المصطلحات المستحدثة للدفاع عن أنفسنا واحتياجاتنا، سواء كان ذلك بإلغاء المخططات والمواعيد عندما نشعر بالإرهاق أو إنهاء العلاقات التي لم تعد تخدمنا.
قد لا نفكر في وضع حدود للآخرين إلا عندما يثيرون ضيقنا، لكن الحدود ليست للأشرار فقط، بل هي أنظمتنا الداخلية للتنبيه ضد خطر الإرهاق العاطفي والنفسي مع العائلة والأصدقاء ومن أجل الحفاظ على صحة علاقاتنا في المنزل والعمل. نبني حدودنا بناءً على مبادئنا وتربيتنا وتقاليدنا ومقدار الوعي بذواتنا، وهي تختلف من فرد إلى آخر، وقد حدد موقع "سيكولوجي سنترال" 4 أنواع مختلفة للحدود، وهي: بدنية، فكرية، عاطفية، مالية.
تحدد الحدود البدنية مدى قبولك للمسات والعناق والقبلات والسلام باليد في الأماكن العامة، أما الحدود الفكرية فتخص أفكارك ومعتقداتك، وتشير الحدود العاطفية إلى رغبتك أو عدم رغبتك في مشاركة مشاعرك تجاه شيء ما مع شخص بعينه، أما الحدود المالية فتبدأ بسؤالك عن راتبك وفيمَ تنفق أموالك، وتنتهي بطلب المال.
كما ينصح موقع "Health line" بتحديد 10 قيم مهمة لك، مثل عدم اللمس دون إذن، أو رفض التنمر، أو احترام أوقات الفراغ بعيدًا عن العمل، وعدم الخضوع لأي طلب أو خدمة يطلبها منك الآخرين، وفكر في عدد المرات التي تعرضت تلك القيم للانتهاك، لتتضح لك الحدود التي يجب عليك بناؤها.
تساعدك معرفة حقوقك الأساسية في رسم الخطوط العريضة، كالحق في المعاملة باحترام، والحق في قول "لا" دون شعور بالذنب، والحق في الاهتمام باحتياجاتك كما تهتم باحتياجات الآخرين، والحق في عدم تلبية كافة توقعات الآخرين. ويندرج ذلك على حدودك الجسدية، فلا يحق لشخص غريب الاقتراب نحوك لأكثر من متر، ويقاس ذلك بمسافة مد ذراعك للأمام، وكذلك لا يحق لقريب إثارة موضوع جدلي واستفزازك لقول رأي يعلم أنه يخالف رأي بقية أقاربك.
أعلم أنه من الهيّن على الشخص أن يتكلم أكثر من أن يطبّق هذه الحدود. ترك علاقة أو تغيير شكل العلاقة سواء مع (أصدقاء، زملاء، عائلة مقرّبة أو موسّعة)، يرافقها مشاعر عظيمة وبعضها مؤلمة. ولكن إذا بقينا أو استمرينا بالعلاقة التي لا تحترم بشكل مستمر حدودنا الصحية، نحن في هذه الحالة نظهر لأنفسنا أننا لا نستحق حمايتها أو لا نستحق الحفاظ على جسدنا ونفسيتنا.
تعلم أن تحب نفسك وتعاملها بهذا الشكل، لأن الأمر يتعلّق بك، النّاس ستعاملك بالطّريقة التي تعوّدهم أن يعاملوك بها في أي علاقة عاطفية أو اجتماعية تخوض بها، لذلك يجب أن تحب وتحترم نفسك، حتى يتمكن من حولك من محبتك واحترامك بالشكل الذي ترغب به ويليق بك. تذكر، لا أحد غيرك يصنع حدودك، وأنت مسؤول عنها.
اضافةتعليق
التعليقات