قضية الإمام الحسين (عليه السلام) تحظى بأهمية قصوى، لا بد من إحيائها بطرق نستطيع من خلالها إيصال فكر عاشوراء وأهميتها التربوية التي نصّت عليها الواقعة، بشتى الوسائل التي يمكن للفرد أن يقدّم بها.
ففي حضور المجالس الحسينية، نجد مدرسة متكاملة من العِبر والقصص التي تخدم جميع شرائح المجتمع بمختلف الأعمار: الصغار والكبار، والنساء والرجال، والشباب، حيث تعمل على تقوية الانتماء والهوية لدى الفرد، بسبب التأثير الكبير للمنبر الحسيني في الناس، بالإضافة إلى الإعلام الذي يسلّط الضوء على هذه القضية من جوانب أخرى.
وأيضًا، من خلال الكتابة وتأليف الكتب، فإن ذلك يساعد على نشر القضية الحسينية بطرق تصل إلى الجميع.
فإن مصائب السيدة زينب (عليها السلام) تعزّز لدينا القوّة والثقة بالمبادئ، كما تعدّ المجالس مدارس تُعيد عقيدتنا مهما كان التشتّت قد أخذ مأخذه في بقية الأمور. يأتي عاشوراء ليُعيد المياه إلى مجاريها، في إعادة تهيئة العقيدة من جديد، بغرس الأفكار الحسينية التي تحرّر الإنسان من عبوديته للدنيا، وأمورها التي تأخذه إلى مراسي الانشغال والغرور، والسعي وراء الغايات الزائلة والماديات الفانية.
فتعمل كالثورة على الإنسان، بالتغلّب على هواه، وبناء عناصر المسؤولية والاستقلال في شخصية الفرد.
ولكي يتحقّق ذلك، لا بد أن تتفاعل عناصر التفكير في بناء حركة واعية تهدف إلى الالتزام والانضباط، والعمل بالسنن الإلهية. ومن هنا تنبثق أهمية الالتزام بمسؤولية النهضة الحسينية، وترجمة أفكارها إلى واقع.
لِنستعدّ لمحاربة تأخّر النضوج الفكري لدى الناشئة، بسبب الانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي، التي أَخمدت شعلة الإبداع والتفكير.
فإن العمليات الجاهزة لا تسمح للعقل بمزاولة عمله بشكل طبيعي، وتُخمد ثلثه، فيعمل بثلثيه فقط. لذلك، لا نستطيع معاملة هؤلاء المستخدمين للإلكترونيات معاملة الإنسان الاعتيادي، إذ يصبحون عرضة لمواجهة الكثير من المشاكل الاجتماعية التي لا يقوون على حلها أو مواجهتها.
وبالتالي، سيتأخرون عن سنّ الزواج عشر سنوات، لأن الطبيعة الفسيولوجية للإنسان تؤهله للزواج في سن الخامسة والعشرين، أما هؤلاء، فيتأخرون عقليًا عشر سنوات بسبب اعتيادهم على الإلكترونيات والحلول الجاهزة.
ومن ثم، سنحصد جيلًا غير مقوَّم سلوكيًا وفكريًا للانخراط في المجتمع.
لذلك، فإن غفلة الأبوين في هذه النقطة تُعدّ جريمة بحق الطفل، ومحاولة إرضائه بالهاتف أو الأجهزة الإلكترونية الأخرى.
فالمجالس مشرعة أبوابها لاستقبال العالمين، حبًا في تزويدهم بالغذاء الروحي، الذي يروي صحراء أرواحهم ومزارع عقولهم، لنحصد ثماره جيلًا واعيًا، حسينيًا، متربّيًا على العادات التي ترضي الله وأهل بيته.
اضافةتعليق
التعليقات