يولد الطفل ليجد نفسه في كنف من يرعاه ويحرص على مداراته في جميع مراحل حياته حتى يخرج للمجتمع بالشكل الذي قد يمثل تلك البيئة، أو على العكس من ذلك فيذهب الأفراد أحياناً مذاهب خارجية قد تختلف كلياً عن قيم ومبادئ بيئاتهم، ويكون مدى تأثر وسلوك الأفراد مسالك أهاليهم رهين الاستجابة المتبادلة.
تهتم أغلب الأسر في الغالب على بالتركيز حول الجانب المادي فيحرصون أشد الحرص على توفير جميع المتطلبات والتي ترتبط بدراسته ومظهره هذا بحد ذاته تعبير عن حبهم وحرصهم على تنشئته بالصورة المثالية على حد تفكيرهم إلا أنهم قد يهملون أهم العوامل تأثيرا وتحكما في صناعة شخصية اجتماعية سليمة ومميزة ألا وهو العامل الفكري والذي يعد المحدد الأول في تكوين الهوية وفق معاييرها المجتمعية، لذلك نرى مدى الفراغ في نفوس بعض الناشئة من الشباب ليلجأوا بذلك لسد تلك الحاجة الملحة للانتماء في إتخاذ رموز عديمة الفائدة والأهمية كمثال يعتدون به في نسخ السلوكيات وحتى الرؤى والأفكار فتراهم يتغنون بمقولة أو تصريح من بعض المفكرين المعاصرين أو الفنانين أو الرياضيين فيتشبثوا بتلك الآراء ليجعلوها بذلك أيقونة لواقعهم.
ويعتمد هذا المعيار على المدى الثقافي التربوي للأبوين والقدرة على التأثير الفعال، من خلال غرس القيم الأصيلة والمداومة على مراعاتها حتى تتجذر كمفاهيم أساسية في حياتهم فيختاروا رموزهم الفكرية وفقاً لها، الأمر الذي قد يتطلب الكثير من الوقت والصبر، ومن ثم إن محاولة فرض القيم والعادات المطلوبة قد يؤدي لنتائج عكسية بكل تأكيد لأن طبيعة النفس البشرية لا تستجيب مع الإجبار، ليأتي هنا دور الفنون الابداعية في غرس القيم في اللاشعور وذلك من خلال:
١- خلق ترابط أسري عميق: من خلال الاشباع العاطفي لجميع الحاجات النفسية لخلق اتزان عاطفي ونفسي، ومن ثم إن الثأثير يعتمد على على عمق العلاقة فالمحبة تزيد من فرص الاستجابة بشكل كبير.
٢-عرض القيم بطريقة فنية: الحديث عن أي موضوع مستهدف بأساليب لا توحي بطريقة الأمر المباشر، وطرحها في سياقات مبهمة و بأسلوب محبب، أو من خلال التطبيق الفعلي لأي سلوك مستهدف.
٣-تجنب خلق أي فجوة: تجنب الخوض في أي نزاع فكري معهم وخاصة المراهقين لتزمتهم الكبير بآرائهم بغية إرضاء حاجتهم النفسية في الظهور والسيطرة.
٤ا-لبحث عن رموز بديلة: وذلك من خلال اختيار الرموز الصحيحة المناسبة للبيئة والمجتمع كإقتناء كتب لهم أو تناول مواضيع ترتبط بهم على الدوام في النقاشات العائلية.
ثم يأتي هنا دور الفاعل المهم في ادارة أزمة الإنتماء ألا وهو الإعلام وإن من ركائز نجاح الأمم هو صناعة المسار الإعلامي الخاص بها بما يتناسب وقيمها الدينية والمجتمعية، وما لا يصح أن تتخذ الأمة رموزاً من خارج نطاقها وقيمها ولو حصل سيكون سببا في اضمحلال واستبدال الثقافات على المدى الطويل، ولنخرج من هذا المطب الخطير بأقل الخسائر يفترض أن نسعى جاهدين لتعزيز إعلامنا بالقيم الحقيقية التي بعثت للإنسانية جمعاء من نهلها الأصيل ألا وهو محمد (صلى الله عليه وآله) وعترته المنتجبين صلوات الله وسلامه عليهم..
اضافةتعليق
التعليقات