الكرة التي تُرمى إلى الأمام لا يمكن أن تسير للخلف لأن القدم حددتْ لها مسارها، وكذلك القرارات الصحيحة لا يمكن أن تكون نتائجها خاطئة والعكس على الأغلب صحيح.
في ظل حيرة المجتمع في انتخاب من يمثلهم في العالم الأكثر قذارة وهو العالم السياسي نجد أن المخارج ضيقة للاختيار فتلك اللوحات التي ملأت الشوارع في العراق تحمل نفس الكتل التي حكمت وظلمت وغرقت أيديهم بالدماء قد تسيدوا الكتل ويقاتلون من أجل البقاء، إلا من عصم الله فنزل إلا الساحة مستقلا يرجو تعديلا أو بمجاميع جديدة مما لم تحكم سابقا، وكل أولئك منهم من استغل بساطة الشعب واحتياجه وراح يعطي الهدايا والطعام وبعض الأغراض المنزلية والتي بدورها تصنع غشاء على التفكير المنطقي للإنسان فبالتالي ينصاع وينتخب أولئك الذين يستخدمون أموالهم للوصول لا سمعتهم وعملهم.
إن الخوض في مجال السياسة يدنس الأفراد، ومَن يدخل اليها يحاول اصلاحا يقتل وتحاك حوله الدسائس فهذا أبو الحسن علي (عليه السلام) لم يُرَ أعدل منه وكان بيت المال يُكنس يوميا، وكان ينثر الحبوب على الجبال لتأكل الطير، وفي عهده لم يبقَ جائع إلا إن أصحاب المصالح أردوه قتيلا لأن الحكومة العادلة لا تلائم مصالحهم.
وكذلك الإمام الرضا (عليه السلام) حين قُدِّمت له ولاية العهد رفضها، لأنه على علم بأن بدهاء المأمون وما وراءه من خطط فقد وقع اختيار المأمون على علي بن موسى (عليه السلام) ليعهد إليه ولاية عهده باعتباره يمثّل التجمّع الآخر الذي هو القوة المعارضة لحكمه، فأراد المأمون أن يجعل من الرضا (عليه السلام) ورقة مساومة بينه وبين العباسيين من جهة وبينه وبين العلويين من جهة أخرى وبينه وبين شيعة خراسان وغيرها من جهة ثالثة.
ثم أجبر عليها فوضع شروطه حيث قال (عليه السلام): "وأنا أقبل ذلك على أن لا أولي أحدا ولا أعزل أحدا ولا أنقض رسما ولا سنة وأكون في الأمر بعيدا مشيرا".
فرضي منه بذلك وجعله ولي عهده على كراهة منه (عليه السلام) لذلك.
فالدخول إلى هذا العالم يجعل الإنسان دينه على الهاوية إما يسقط معهم في السرقات أو يحفظ دينه على الجمر، مع كتل تربعت على عرش السرقات أكثر من خمسة عشر عاما، ولأجل النهوض بهذا الواقع المعيشي للعراق_ العقل يفرض_ عدم انتخاب أي كتلة كانت لها يد طيلة هذا المدة واختيار جدد حتى من يريد العمل يستطيع أن يعمل دون تأثير تلك الآفة التي انتهكت البلد، فنحن من رفع أولئك إلى ما وصلوا عليه اليوم فواجبنا ارجاعهم من حيث أتوا فنحن المصداق لقول الامام الرضا (عليه السلام): (لم يخنك الأمين، ولكن ائتمنت الخائن)، فالمؤمن لا يلدغ من حجر مرتين فكيف بمن لدغ أربع مرات من المعيب أن يلدغ خامسة.
اضافةتعليق
التعليقات