بدون ريشة يصنع فنه الخاص، من وحي خياله نسج تحفا فنية تسر عيون الناظرين، أحب الرسم منذ نعومة أظفاره وسعى برسم لوحات خياله على الورق ثم على جدران المدارس حتى وصل إلى عمل مشغولات يدوية من مخلفات النخيل ليبحر في عالم الإبداع الحرفي..
(بشرى حياة) التقت الفنان ياس محمد مرزوك ليحدثنا عن تجربته الحرفية:
-حدثنا عن نفسك؟
*ياس محمد مرزوك خريج كلية الفنون الجميلة قسم الفنون التشكيلية جامعة بغداد من مواليد 1966, أحببت الفن منذ كنت في الابتدائية وقد شجعني معلمي في الصف الثاني ابتدائي حيث كان يعرض أعمالي في الصف ومن ثم معلم التربية الفنية في كل المراحل, حتى وصلت إلى ما عليه الان.
-كيف ابتدأت العمل على جذع الشجر؟
*أنا أحب النحت على المواد الخام وخصوصاً مخلفات النخلة ولكني هنا لا اسميه نحت بقدر ما هو توظيف مخلفات النخلة في إنجاز أعمال حرفية أو مشغولات يدوية بحرفية عالية وقد تحديت نفسي على أن أستغل مادة (الكرب) وهيّ أصعب جزء في النخلة لأعمل على صقلها وجعلها تحفة فنية يمكن استخدامها لأداة زينة, ولم أرَ إن أحد سبقني في توظيف هذا الجزء من النخلة.
-لماذا اخترت جذوع النخيل بالذات لصنع مشغولاتك الحرفية؟
* علاقتي بالنخلة كانت منذ الطفولة لهذا اخترتها فقد نشأت تحت ظلالها وكم تسلقتها, وفي إحدى المرات سقطت منها, كدت ألقى حتفي وأنا صغير فقد أغمى عليّ ولولا رعاية الله لكنت الآن في عداد الموتى, من هنا بدأ تعلقي بالنخلة التي دائماً أسأل نفسي لماذا هذا الإهمال والتقصير في الإحتفاء وقلة الرعاية بهذه الشجرة المباركة, التي لو أحصينا فوائدها لما وجدنا أي نبات أو خامة تملك مما تملكه النخلة.
-يتميز العراق ومدنه بانتشار معالمه الدينية والتاريخية والثقافية مما جعله قبلة يتوجه إليها السائحون من مختلف دول العالم هل تتمنى ان يصل فنك هذا إليهم؟
* إن بلدنا عبارة عن متحف بما يزخر به من شماله إلى جنوبة من تنوع جغرافي وسكاني وديني إن صح التعبير عنه بذلك وهو يتطلب منا اليوم أن نعمل وبكثير من الإخلاص على تقليل الشوائب للنهوض بواقعه. فالأمم تفتخر بأقل مما لديها ونحن مع الأسف نطمس ونقلل من شأن حتى مما يحسدنا عليه الآخرين, فإن سافر احدنا إلى أي بلد يسترعي إنتباهنا في هذا البلد هو الحرف الشعبية التي تمثل هويته.
وأنا أرى إن النخلة هي أعرق ما يزهر به وادي الرافدين فلماذا لا تكون هنالك مشاغل تستغل هذا الكنز بما يحتويه على صعيد تصنيع وتعليب التمر وورش عمل لمخلفات النخلة وكلنا يعلم بما يمكن استخراجه من النخلة من السعف والخوص والجذوع والنواة ...الخ.
-هل تسعى بتشييد مشغل لتوسيع عملك الحرفي فيه كما أسميته؟
*أتمنى أن يكون لديّ مشغل خاص بالنخلة فلدي أفكار كثيرة لم تنفذ إلى الآن وهيّ جديدة في استغلال وتطوير مادة الخام وبطريقة مبتكرة لم يسبق أن رأيت أحد يفعلها.
-لكل فنان رسالة وقضية يؤمن بها ويناضل من اجلها، ماهي القضية التي تؤمن بها وتحاول ايصالها من خلال فنك؟
*رسالتي في ما يتعلق بهذا الموضوع هيّ إننا لا زلنا لم نولي النخلة الرعاية والإهتمام وأنا بأعمالي أريد تحريك المخيلة وإبداع مجسمات من مخلفاتها تسترعي إنتباه الناس الى ما يمكن أن نحصل عليه من النخلة وإن مخلفاتها ليست مخلفات ليست ذات فائدة.
-هل كانت لديك مشاركات في معارض مشتركة او مهرجانات بأعمالك؟
*مشاركاتي بالإضافة إلى مجال عملي كمعلم تربية فنية والمشاركة في المعارض السنوية للمدارس, ولأنه ليس لديّ ورشة فأنا قليل المشاركة سوى ببعض مما أدعا له في فعاليات داخل المحافظة.
-برأيك كيف يمكن للجمهور الفرز والتمييز ونحن في حالة فوضى والناقد غائب تماما عن المشهد نفسه؟
*أعتقد وهذا رأي شخصي لا يحتاج الفن دائماً لوجود ناقد, الفن الأصيل لا يصل للناس من خلال النقاد وهو لا يحتاج الى جواز مرور للناس, الفن يبقى وينمو بأصالته.
-أين يجد ياس محمد نفسه أكثر في العمل الحرفي أم في الرسم؟
*أجد نفسي في كل عمل نابع من وجداني بصدقه وحقيقته, وهنا يمكن أن أقول إني أعتز بتجربتي في أعمالي على النخلة على رغم قلتها فقد أكتشفت عالم واسع لم يدركه غيري من قبل.
-متى ترسم ومتى تعمل بالأعمال الحرفية، كيف لك التوفيق بين التعامل مع الأخشاب القاسية وبين الريشة والألوان والورق والقماش الرقيق؟
*عندما تختمر في نفسي فكرة معينة وتأخذ بالإلحاح للتنفيذ أستجيب سواء في النحت أو الرسم وأحيانا كثيرة أبتعد عنهما لأجد مثلاً في الحديقة وأعمالها راحة كبرى ومتنفس آخر ونحن اليوم نحتاج إلى الاهتمام بالحدائق وتصميمها والإبداع فيها أكثر من الرسم أو النحت فالحدائق والمتنزهات وجمالية البيئة العامة تترك اثر كبير في النفس.
-ختاما ما هي الكلمات التي يوجهها ياس محمد.. للعالم.. للوطن.. للأصدقاء؟
*للعالم لا أتمنى سوى أن تقل نبرة الكراهية في الخطاب السياسي والديني, أما بلدي فهو في القلب أبيت أم شأت وسيبقى كالنخلة في أصالته شامخاً.. تتغير خرائط البلدان وتبقى ترسمها آثاره ومآثره. أما أصدقائي فهم القلب الذي يمتلئ بمحبتهم.
اضافةتعليق
التعليقات