يعاني الكثير من الناس من ضغوطات الحياة وتعاني منها المرأة بشكل خاص نظراً لافتقار المجتمعات العربية عموماً لثقافة دعم النساء والاهتمام بمتطلباتهن، وقد أسهمت الظروف السياسية والاجتماعية المضطربة التي تمر بها منطقتنا في الآونة الأخيرة بتفاقم الضغوط النفسية، وذلك إلى جانب تسارع وتيرة الحياة وزيادة المسؤوليات وضغوطات العمل، وهو الأمر الذي حول الإنسان لفريسة سهلة للتوتر النفسي والعصبي والأرق والاكتئاب بالإضافة للآلام العضوية المختلفة.
وإن تعرض المرأة للكثير من الضغوط الحياتية والعملية يهدد بشكل مباشر صحتها النفسية والجسدية، كما يؤثر على مستوى أدائها وإنتاجها في الأسرة والعمل لذا سوف نتعرف على تعريف الضغط النفسي وأسبابه وكيفية التعامل مع الضغوط النفسية التي تتعرض لها المرأة بشكل عام..
الضغط النفسي
هو لغة يستخدمها الجسم للتعبير عن ردّ فعله إزاء أحداث تسبّب التوتّر، ويعرّفه الطاقم الطبّي من كليفلاند كلينك، وفق «هارفارد بزنس ريفيو»، على أنّه ردّ فعل طبيعي للجسم عند حدوث التغييرات؛ ما يؤدي إلى ردود فعل جسدية وعاطفية وفكرية.
أما الدكتورة والمختصة في إدارة التوتر وعلم النفس الإيجابي، إليزابيث سكوت فتخبرنا بأنه نوع من التغيير يسبب ضغوطاً جسدية أو عاطفية أو نفسية، ويحدث كاستجابة لأي شيء يتطلّب الانتباه أو التصرّف.
ويختبر الجميع بلا استثناء قدراً من الضغط النفسي، وبعضه يكون إيجابياً لأنه يحفّز على تحقيق أهداف ملحوظة؛ كأن يساعد على تجنّب الخطر أو التزام الموعد النهائي لتسليم العمل مثلاً، بينما يصبح سلبياً ومدمّراً حين يكون مزمناً أو مفرطاً؛ ما يجعل التكيّف والتأقلم معه مهمة صعبة.
ويصبح الضغط النفسي للأسف أشبه بنمط حياة عند بعض النساء لدرجة أنهن لا يأخذن وقتاً للتوقّف واستيعاب مدى تأثيراته في مختلف جوانب حياتهن.
أسباب الضغط النفسي عند المرأة
يشترك كلّ من المرأة والرجل في مسبّبات الضغط النفسي كالأمور المالية والأمن الوظيفي والصحة وقضايا العلاقات . وفي حال كانت المرأة أكثر عرضة للتأثّر بالضغوط، فإن ذلك يرجّح لكونها تؤدّي أدواراً عديدة، فغالباً ما تتضمن أدوارها الالتزامات العائلية، وتقديم الرعاية للأطفال أو الوالدين المسنين، ومسؤوليات العمل بالإضافة إلى الأدوار الحياتية الأخرى، وهناك احتياج دائم للمهام التي تقوم بها دون الرجل وتعدّد المهام ومزاولتها في الوقت نفسه أو أوقات متقاربة هو ما يمكن أن يُشعر المرأة بالإرهاق والضغط نتيجة بذل مجهودات كبيرة لتحقيق التوازن بين الوقت والالتزامات.
ومع عدم القدرة على تلبية التوقعات المنتظَرة من الآخرين سواء في المحيط الشخصي أو المهني، يزداد الضغط النفسي وتغيب معه قدرة المرأة على تلبية احتياجاتها الشخصية.
عوامل تزيد حدوث الضغط النفسي عند المرأة
هنالك بعض العوامل والأحداث التي تزيد من الضغط النفسي عند المرأة، منها:
الصدمة أو الأزمات.
تراكم المتاعب اليومية.
حدوث بعض النزاعات، أو تواجد بعض الناس غير المرغوب فيهم.
عوائق تحول دون الوصول إلى الأهداف المراد تحقيقها.
الشعور بعدم السيطرة على سير الحياة بشكل جيد.
تراكم الطلبات المفرطة أو المستحيلة من قبل الآخرين.
الضوضاء والإزعاج.
نشوء أفكار غير عقلانية حول الكيفية التي يجب أن تكون عليها الأمور؛ أي إدراك أنَّ الحياة لا تتحسن كما كان من المتوقع أن يحصل.
الاعتقاد بوجود ضعف أو عجز أمام التعامل مع موقف ما.
التوصل إلى استنتاجات خاطئة، مثل: "أنا غير محبوبة" أو "أنا أقل منهم"، أو حدوث شكوك ومخاوف غير منطقية من أحداث سيئة مثل: "سأتعرض للسرقة".
الاندفاع نحو التفوق أو الفشل في الوصول إلى الهدف المراد تحقيقه.
إلقاء اللوم على نفسك أو على الآخرين عند تحديد الخطأ للأحداث السيئة، مع العلم أنَّك قد تكونين مدركة أنك ربما كنت مخطئة، ولكنك تريدين أن تكوني على صواب.
المبالغة في ردّة الفعل تجاه الإجهاد الحاليّ والناتج عن الإجهاد الشديد الذي حدث في الماضي، وخصوصًا ذلك الذي في مرحلة الطفولة.
كيف يُؤثّر الضغط النّفسي على صحة المرأة؟
تظهَر العديد من الأعراض الجسدية على المرأة في حال تعرّضها للضغط النّفسي بصورة مستمرة ولفترة طويلة من الزمن، حتّى أنّ هذه الأعراض ممكن أن تتطور وتُسبب مشاكل صحية ونفسية إضافية، مثل:
الاكتئاب والقلق.
المشاكل القلبية، إذ يزيد الضغط النّفسي من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب.
الصداع والشقيقة.
السمنة المفرطة.
مشاكل الجِهاز الهضمي.
مشاكل الحمل، إذ تواجه النساء اللواتي يتعرّضن للضغط النّفسي المُستمر صعوبة في الحمل أكثر من غيرهن.
مشاكل الدورة الشهرية، إذ تزداد الآلام التي تسبق الدّورة الشهرية في حال كانت المرأة تمُر في ضغوطات نفسية.
وتقدم لنا الأخصائية الاجتماعية “مها التيناوي” الحل عن تعريف الضغوط النفسية وسبل التعامل معها، كما قدمت بعض النصائح لحماية صحة المرأة النفسية من أخطار التعرض للضغوط الحياتية اليومية، ما يساعد في تجديد نشاطها وشعورها بالرضا الذاتي عن نفسها، ويجنبها أن تدفع ثمن عدم التعامل مع هذه الضغوط غاليًا من صحتها الجسدية والنفسية.
كيف نتعامل مع الضغوط النفسية الحياتية اليومية؟
وعن كيفية التعامل مع الضغوط النفسية تنصح الأخصائية الاجتماعية بالتعرف على المشكلة التي سببت لنا الشعور بالضغط أو القلق والتوتر الذي نعاني منه، فمجرد معرفة السبب يعني قطع منتصف الطريق من مراحل العلاج النفسي، وبعدها يجب العمل على تغيير الظرف الذي نمر به أو الابتعاد عنه.
كما يجب تجنب الإفراط بالتفكير في المشكلة أو جعلها الشغل الشاغل، ومحاولة إلهاء أنفسنا بشيء آخر كمشاهدة التلفاز أو الخروج للتنزه مع صديق نثق به لنطرح عليه مشكلتنا.
ولنمط الحياة الصحي دور كبير في التخلص من الضغوط النفسية، ويكون ذلك بتناول الأطعمة الصحية، والتقليل من الكافيين والتدخين والسكريات، والحصول على القدر الكافي من النوم، وممارسة الرياضة بانتظام من ثلث إلى نصف ساعة يوميًا، والتنزه في الطبيعة واستنشاق الهواء النقي، كما لعمليات الاسترخاء والتأمل والمساج أثر كبير في تعزيز القدرات الذهنية وتنميتها وتخطي المشكلة.
وبالإضافة لذلك تنصحنا التيناوي بمحاولة الضحك حتى في حال عدم الرغبة به إذ أنه يساعد على إفراز هرمون السعادة وبالتالي التفوق على هرمون الكورتيزول الذي يسبب الألم والضغط النفسي، كما يفيد تناول الشوكولا ببطء مع الاستمتاع بها أيضًا في إفراز هرمون السعادة.
نصائح خاصة بالمرأة العاملة
وبما أن المرأة العاملة هي الأكثر عرضة للضغوط النفسية نتيجة كثرة الواجبات الملقاة على عاتقها في الأسرة والعمل، تقدم الأخصائية الاجتماعية بعض النصائح التي تساعدها في التعامل مع الضغوط وتحقيق حياة متوازنة.
وتؤكد التيناوي على أهمية إدارة الوقت بالنسبة للمرأة العاملة، وهو ما سيساعدها في تخفيف الأعباء، مدرجة بعض الاستراتيجيات لتحقيق ذلك:
1. التركيز على المهام اليومية: فعلى سبيل المثال عندما تكون المرأة في العمل ويخطر على بالها مهمة أخرى عليها تأديتها اليوم؟ يجب عليها ترك التفكير بهذا الأمر وعدم خلط الأمور ببعضها والتركيز على العمل لإنجازه بسرعة أكبر، أما في حال سيطرة الفكرة بشكل كبير على تفكيرها يمكنها إيقاف العمل لمدة خمس دقائق وأخذ استراحة لترتاح وتفكر في الأمر ومن ثم تعود إلى عملها بكامل تركيزها.
2. تجنب تعدد المهام في الوقت نفسه: فعلى سبيل المثال محاولة التدقيق في الحسابات المنزلية خلال ساعات عملها، إذ أنها ستجد نفسها في النهاية لم تنجز أيًا من المهمتين كما ستشعر بالإرهاق والتعب، واستهلاك جسدها وهو ما سيسبب لها ضغطًا نفسيًا، والأجدى أن تختار مهمة واحدة على أن تنهيها في وقت محدد وبذلك لن تتعرض للضغط النفسي، وتكون قد أتمت مهمتها على أكمل وجه.
3. الفصل بين مسؤوليات البيت ومسؤوليات العمل: فعندما تكون المرأة في العمل يجب عليها ترك جميع أمور الحياة الأسرية في المنزل، والعكس صحيح.
الاهتمام بالذات وتخصيص الوقت الكافي لعناية المرأة بنفسها، وعدم تحمل كافة أعباء الحياة بمفردها، يخلق توازناً وجواً صحياً لكامل الأسرة، فتعاون كافة قاطني المنزل، من رجال ونساء وأطفال، على مسؤوليات البيت، يفسح مجالاً لكل فرد وليس فقط للمرأة للترويح عن نفسه وتجنب الضغوط الحياتية.
المصادر:
موقع القبس
موقع ويب طب
موقع موضوع
موقع الحل
اضافةتعليق
التعليقات