يود أغلب الناس أن يرفدوا المسيرة الانسانية بالإبداع الذي يبقى صداه على مر العصور فالأعمال الابداعية تخلد أصحابها لكنهم يضعون الحجج أمام النجاح.. كتبرير فشلهم بالحرمان سواء من المال أو الوقت أو التوفيق.. فيموتون وتموت معهم آلاف الفرص التي كانت من الممكن أن تضعهم في مصاف الموهوبين في العالم.
وإن تتبعنا سيرة الناجحين من الذين تركوا أثرا كبيرا في العالم سنرى بأن الكثير منهم كان لديهم العديد من الأسباب التي تمنعهم من النجاح "كما يظن البعض" إلا إنهم تغلبوا عليها بالإرادة والتصميم.
هي إرادتهم التي جعلتهم ينطلقون في مضمار الحياة ليحرزوا اهدافهم رغم كل الحواجز التي لم تستطع الصمود أمام ارادتهم القوية وعملهم الدؤوب.
لذا سنذكر هنا مصاديق بعض أنوع الحرمان وكيف تغلب عليها أصحابها فتركوا لنا بصماتهم في مسيرة الحياة:
الحرمان من الصحة: كان غراهام بل مصابا بالصمم إلا انه اخترع الهاتف، وكذلك توماس اديسون كان هو الآخر مصابا بالصمم منذ صباه.
الحرمان من الوقت الكافي: ان هؤلاء الناجحين لم يمتلكوا أكثر من أربعة وعشرين ساعة في اليوم إلا انهم استطاعوا استغلال جميع اوقاتهم.. فالسيد حسن الشيرازي كان يكتب على قصاصات الجرائد أو علب السجائر وهو في السيارة متنقلا من مدينة لأخرى ولقد صارت هذه القصاصات ٣ مجلدات طبعت بعنوان (خواطري عن القرآن).
الحرمان من المال: كان جون جونسون فقيرا يحتاج الى خمسمئة دولار ثمن طوابع ومغلفات لتوزيع مجلته، وقد رفضت المصارف اعطاءه القروض كونه رجل أسود، الى أن وافقت مؤسسة سيتزن للتسليف اعطاءه القرض بشرط أن يكون عنده ضمان ولكونه لا يملك منزلا اضطر الى استعمال اثاث والدته كضمان، وبإصداره للعدد الأول من مجلته نشأت شركة جونسون للنشر وتقدر الآن بمئتي مليون دولار، وتضم مجلتي إبوني وجت وشركة لمستحضرات التجميل ومحطات إذاعة ووكالة لتصميم الازياء.. كل هذا بدءه بخمسمئة دولار كقرض.
الحرمان من المساعدة أو الدعم: قرر الشيخ محمد جواد البلاغي تعلم اللغة العبرية لتأليف كتابه (الرحلة المدرسية) في الرد على اليهودية الى تعلم اللغة العبرية رغم عدم وجود جامعة لتعلم اللغة في العراق آنذاك. فحاول الشيخ البلاغي تعلم اللغة العبرية على أيدي بعض علماء اليهود، ولكنهم رفضوا ذلك لعلمهم بهدفه، كما امتنع كسبة وتجار اليهود الموجودين في سوق اليهود في سامراء عن تعليمه، لذا كان في بعض الأحيان ولكي يعرف معنى كلمة واحدة يذهب الى محلة اليهود في حر الظهيرة ويبتاع بعض الحلوى، ويضحي بغدائه او عشائه، ويقدمها لبعض اطفال اليهود الذين يلعبون في أزقة محلتهم مقابل أن يفسروا له كلمة من كتاب التوراة الى أن أتقن اللغة العبرية بهذا الجهد المضني. وتعتبر كتبه في الرد على اليهودية مراجع أساسية للمحققين في هذا الشأن.
الحرمان من الحرية: الشهيد الأول محمد جمال الدين مكي العاملي ألف رسالته المسماة ب اللمعة الدمشقية في سبعة أيام وهو في السجن، رغم الأهوال والتعذيب النفسي والجسدي، ورغم انه كان محكوما عليه بالإعدام!.
هذه امثلة لأناس ناجحين نقتدي بسيرتهم، فهم لم يمتلكوا قوة خارقة ولم يبحثوا عن تبريرات لأنفسهم بل ملكوا زمام أنفسهم وتحركوا نحو تحقيق هدفهم حتى في أحلك الظروف. لنمشي على دربهم ولنفجر القوة الابداعية في داخل كل منا حتى لا نلعب دور الضحية بتبريراتنا الجوفاء وحتى لا تتحطم طاقاتنا فنخسر ويخسر المجتمع.
اضافةتعليق
التعليقات