عجزت أم منال تصديق ابنتها ازاء تحضير واجباتها المدرسية فكثيرا ما ادعت بأنها أنهت واجباتها، لتكتشف بعد ذلك العكس فتدخل في دوامة محيرة بين توبيخها أو الأسباب التي جعلتها تخفي حقيقة الامر حتى باتت أم منال تفقد ثقتها بإبنتها رويدا رويدا الأمر الذي جعلها تعيش في حالة عجز وحزن كبير حيال تصرف ابنتها..
عقب المتغيرات الاجتماعية التي لحقت مؤخرا بحياتنا، والتحولات في المفاهيم وأساليب العيش والتعاطي مع أنماط تفاصيل حياة التكنولوجيا نجد الكثير من الأسر تضع أبناءها في دائرة من الحيطة والحذر والمتابعة الدؤوبة وذلك للحرص على تربيتهم وفق العادات الصالحة خوفا عليهم من الانخراط خلف تقليعات أبناء السوء وغيرها..
(بشرى حياة) تسلط الضوء على تبادل الثقة بين الآباء والأبناء وما تليها من تبعات:
التعلم من الخطأ
ينقل هشام فاخر تجربته لنا حول تبادل الثقة بين أبناءه قائلا: كان لابد لي أن أشعرهم أولا بالأمان فالخوف هو أول مسببات انعدام الثقة بين الأبوين وخصوصا الأولاد فقد كانت زوجتي صديقة لبناتي ولأني منحتهم الأمان بكل معنى أمست حتى الفتيات قريبات مني وبذلك استطعت معرفة أدق تفاصيلهم الخاصة وكنت أعالج جميع مشاكلهم بالاحتواء والنصيحة وعدم تكرار الخطأ، وأنَّ الخطأ هو طريق لتعلم الصواب وليس نهاية العالم فمن جهلنا نخطئ ومن خطئنا نتعلم.
فيما اعترفت أم رفل لفشلها بهذه المهمة التي تعدها صعبة حيث قالت: تعتبر تبادل الثقة بين الآباء والأبناء أمر سهل في الكلام إلا أن الواقع غير ذلك، فلطالما كنت أستخدم أسلوب الترهيب في تلقين أبنائي الفتيات والصبية في طفولتهم من خلال عبارة مثلا (لا تذهبوا إلى ساحة لعب الكرة سيضربكم أبوكم فهو يرفض) والكثير من الجمل على نفس الشاكلة بتخويفهم بوالدهم ولكونه حاد الطباع ومتزمت الرأي كانوا يخشون غضبه فأصبحت حتى ابنتي تخفي عني خصوصياتها خوفا بأن أخبر والدها بذلك ولربما تتعرض للتعنيف ومهما حاولت اقناعها بأني لن أخبره لا تصدقني.
ختمت حديثها: لقد خسرت أنا وزوجي العلاقة الودودة بيننا وبين أبنائنا بسبب سوء اختيار طريقة تربيتهم على الرغم من أننا لم نستخدم أي أسلوب من العنف الجسدي لكن يبدو أن العنف اللفظي كان يحمل نفس القسوة.
سلوكيات سليمة
يعد التواصل الصحيح مع الأبناء سر النجاح في التربية لأنه ينمي حسن الاستماع لدى الأطفال ويحسن كذلك من القدرة على التعبير عن النفس فيجب أن يبتعد الآباء عن توجيه كلمات تسيء إلى أبنائهم..
وعن كيفية توطيد العلاقة بين الآباء والأبناء شاركتنا الاستشارية النفسية نور الحسناوي قائلة: تُعد العلاقة بين الأبناء وآبائهم من أهم العلاقات البشريّة وأكثرها تأثيراً على شخصية الطفل، خصوصا في مرحلة الطفولة، حيث تتغير هذه العلاقة في مرحلة المراهقة، إذ يسعى المراهقون غالبا إلى الاستقلال عن العائلة واتخاذ القرارات الخاصّة دون اللجوء لأحد، مما يزيد من المخاطر التي يمكن التعرض لها، وهنا يأتي دور الآباء في مساعدة أبنائهم في التغلب على التحديات التي يواجهونها، ومساعدتهم على فهم مدى تأثير اختياراتهم على صحتهم وأمنه.
وأضافت: ورغم تعدد الأساليب التربوية لزراعة الثقة بالنفس لدى الأطفال إلا أن الأهم هو إيمان الأبوين بأن الطفل قادر على التمييز والنبوغ فنظريات العلماء تقول بأن اعتقاد الوالدين بأن صغيرهما فاشل هو أول الأسباب التي تؤدي إلى فشله في المستقبل بينما الآباء الذين يرون قدرات كبيرة في أطفالهم ينجحون في تربيتهم وتنشئتهم بصورة ممتازة.
كما أن أساليب زرع الثقة بالنفس لديهم تبدأ بالاستقلالية في الفترة التي يبدو فيها الأطفال بالاستعداد لذلك لاسيما في التفكير والتدبير والدراسة واختيار ما يناسبهم من الملبس والأصدقاء وغيرها.
وقد يخطئ الكثير من الآباء في قمع ذلك التطور بسبب الرغبة في حماية أبنائهم من الأذى وهو ما يؤدي إلى الاتكالية وعدم القدرة على حل المشكلات ذاتيا لذا يجب على أولياء الأمور ترك مساحة كافية للتجربة والتعليم عن طريق الخطأ.
وتابعت الحسناوي: كما هناك نوعان للعلاقات بين الآباء والأبناء كالعلاقة الآمنة وهي أقوى أنواع العلاقات حيث يشعر الابن أنّه يعتمد على والديه، كما يعلم أنّهم جاهزون دائماً لدعمه عند الحاجة، وهناك العلاقة التجنبية وهي علاقة غير آمنة إذ يعلم الطفل أنّ اللجوء لوالده لن يجلب له الأمان، ممّا يدفعه لتعلّم كيفية الاعتناء بنفسه، وربما يكلفه هذا الأمر اللجوء إلى الكذب.
ولتوفير علاقة جيّدة بين الآباء والأبناء لابد من توفير الأمان اللازم للطفل وإشعاره بالدفء والحنان والعاطفة، حيث تلعب العاطفة دوراً كبيراً في تطوّر العلاقة الصحيّة بين الآباء وأبنائهم.
اضافةتعليق
التعليقات