بعد ان اصبحت مجتمعاتنا تعاني من الخلل والاضطراب بات الجميع يطمح ويسعى لبناء مجتمع جديد يعيش الانسان فيه بكامل انسانيته أو بلوغ الكمال أو الوصول الى الانسجام الكامل الذي تتلاشى فيه المشكلات واسباب الصراع والذي هو هدف كل الديانات السماوية، من هذا المنطلق عقد اجتماع نادي أصدقاء الكتاب الشهري لمناقشة كتاب (الانسان بين المظهر والجوهر) لمؤلفه أريك فروم.
حيث ذكر المؤلف هذه المرة بـ (تقابل بين التملك والكينونة ) أو بعبارة أُخرى بين الملكية والوجود.
وبيَّن طريقة في الحياة تقوم على الاقتناء والاستحواذ والاكتناز والجشع وأخرى تقوم على أساس ترسيخ قواعد الوجود الانساني الخيَّر، واتاحة الفرصة للبشر ليخرجوا أجمل ماعندهم من مواهب وملكات وأخلاق..
ويرى فروم أننا نمر اليوم بمثل هذه المرحلة الانتقالية وهذا هو سر نشوء ورواج العديد من "الايديولوجيات" المخدرة، والتخبط الذي نراه يسود كافة أرجاء العالم وهو ينبه الاذهان الى ان هنالك مخرجاً أي مجتمعاً جديداً يعيد للانسان إنسانيته وهو المجتمع الذي يرتبط فيه الانسان بالانسان برباط المحبة وتمتد فيه جذور الاخوة والتكاتف ويتيح له التعامل مع الطبيعة بالخلق لا بالتدمير..
وبعدها بيَّن إن هناك طبيعة تملك تترتب على طبيعة الملكية الخاصة فكل مايهم الاسلوب هو حصولي على الملكية وحقي غير المحدود في المحافظة على ماحصلت عليه وهذا الاسلوب يستبعد الاخرين ولايقيم اعتباراً لهم والحق في استخدام القوة في الدفاع عنها والتمرد عليها.
ولكن يوجد هنالك نوعُ آخر وهو تملك وجودي فالوجود الانساني يتطلب أنَّ نملك أشياء معينة ونحافظ عليها ونعتني بها ونستخدمها من أجل البقاء ويصح هذا بالنسبة لأجسادنا وبالنسبة لما يلزمنا من غذاء ومأوى وكساء وأدوات ضرورية لانتاج حاجاتنا.. هذا الشكل من التملك يمكن ان نسميه التملك الوجودي.
أما اسلوب الكينونة فالشروط الاساسية هي:
١- الاستقلالية
٢- الحرية
٣- حضور العقل النقدي
٤- السمة لنموذج الكينونة
ولايمكن أن ينمو نمط الكينونة الا بقدر ما يتقلص نمط اللاكينونة اي بقدر مانكف عن تلَّمس أمننا وهويتنا في التعلق بما نملك والتعود عليه والتشبث بذواتنا وممتلكاتنا ومقتنياتنا وهذا معناه ان تبذل طاقة ويترتب عليه اثر مرئي وهو سلوك هادف مُقَر اجتماعياً تترتب عليه تغييرات مفيدة اجتماعياً..
والحقيقة ان كلاً من أسلوبي التملك والكينونة هو استعداد كامن في الطبيعة البشرية وأن الحافز البيولوجي للبقاء يميل لتضخيم الجانب التملكي فينا..
إنَّ في داخلنا نحن الكائنات البشرية رغبة عميقة ومتأصلة لأن نؤكد كينونتنا لأن نعبر عن ملكاتنا العقلية والروحية..
وبعدها ينتقل الكاتب الى موضوع التفاعل المتبادل بين التغيير الاجتماعي والتغيير الذي يحدث في الشخصية الاجتماعية حيث ان العلاقة بينهما لايمكن ان تكون ساكنة ابدا لأن طرفي العلاقة دائمتا التغيير فالشخصية الاجتماعية يجب أن تشبع للكائن الانساني إحتياجاته الدينية التي هي جزء أصيل من تكوينه وهذا يعني إنهُ بالامكان تغيير الشخصية الانسانية اذا ما شجع المجتمع الجديد تنشئة الانسان الجديد الذي يتميز بناء شخصيته بالعديد من المميزات منها:
-الاستعداد لنبذ التملك بكل اشكاله، لكي يحقق كينونته تحقيقا كاملا.
-الاحساس بالأمان وتكامل الشخصية والثقة القائمة كلها على الايمان بكينونته وبحاجة للانتماء، والشغف والحب والتكافل مع العالم المحيط به، لا لشهوة التملك والاستحواذ، واحتواء العالم.. ومن ثم التحول الى عبد لمقتنياته.
-الفرحة التي تغمر الانسان حين يعطي ويشارك، وليس حين يستغل أو يكتنز.
- اعتبار النضج الكامل للذات وللجماعة هو الهدف الاسمى للحياة.
-عدم خداع الاخرين، وعدم السماح للآخرين بخداع الذات. فالبراءة لاتعني السذاجة.
-محاولة الحد من الشراهة والكراهية والأوهام بقدر الامكان.
وجدير بالذكر ان نادي اصدقاء الكتاب اسسته جمعية المودة والازدهار والذي يهدف الى تشجيع القراءة والمطالعة عبر غرس حب الكتاب وفائدته في المجتمع.
اضافةتعليق
التعليقات