نعرف جيدا بأن الحياة مليئة بالألوان، وكلما زادت الألوان كلما زاد الجمال واعطت التدرجات بهجتها الخاصة للحياة، ولكن هل من الممكن أن يتطبق هذا التلون الحاصل في الملبس والمأكل إلى التلون والتنوع والتدرج في الآراء على معتقدات الانسان؟
ربما الكثير سيتساءل كيف يمكن أن تتلون آراء الانسان، وهل هذا التلون يعني الاختلاف أم ماذا؟
ما أقصده بالتلون هو التغير بالآراء وفق أمر معين لا يضرب الفكر العام أو القضية الالهية، إذ إن هنالك الكثير من الناس يؤمنون في أمور الحياة بأنها إمّا أسود أو ابيض، وليس هنالك لونا رماديا يتوسط الموضوع.
وهذا التفكير خاطئ نوعا ما بالأخص لو كان النقاش حول أمر معين يمثل وجهات النظر المختلفة التي من الممكن أن تحمل الصحة أو الخطأ، فالمنطقة الرمادية هنا ستعطي للإنسان المساحة في التفكير والتقبل واستيعاب الآراء المخالفة ومحاولة فهمها والوصول إلى الرأي الاصوب.
ولكن من يحمل نظرية الأسود والأبيض فقط، عندما يدخل في نقاش او يعرض عليه امر معين يخص حياته الخاصة أو العامة أو حتى مع أسرته أو شريك حياته لن يعطي لنفسه فرصة الاستماع إلى الطرف الاخر، ولن يضع احتمالية أن من الممكن أن يكون على خطأ والمقابل هو الصح، بالتالي لن يقتنع ولن يغير آراءه وسيبقى متمسكا بشيء من الممكن أن يكون خاطئا وهذا النوع غالبا ما يكون دكتاتوريا في النقاش ويأخذ موضع الهجوم في النقاشات التي تحدث وليس موضع الدفاع وتبيان الحقائق والأدلة، وهذا الانسان بالذات لا يهمه أن يصل إلى الحقيقة بل أن يربح النقاش حتى وإن كان على حساب الحقيقة، ولن يصل إلى نقطة حل مثلى مع الشريك أو الصديق أو الام... الخ.
بالتالي المساحة الرمادية تجعل الانسان في موضع النقاش الاستيعابي من أجل الوصول إلى الحل أو الحقيقة، وهذا ما يطبل له الكثير من المتنورين وأصحاب الفكر المنفتح.
ولكن هل هذه الرمادية تنطبق على كل مجالات الحياة؟، بالتأكيد لا، إذ إن لكل قاعدة شواذ، وإن الأمور الدينية وكل شيء يتعلق بالله والدين والمذهب لا تقبل الخطأ بالتالي لا تحوي هذه المنطقة على شيء تدعى المنتصف في شريعة الله وكتابه إذن إن هنالك باطل وهنالك حق، أي أبيض وأسود، واللون الرمادي لا وجود له في شريعته المباركة، فمن لم يشهر سيفه بوجه يزيد إذن فعلها مع الحسين حتى وإن لم يشارك يومها في المعركة.
والمثال هذا ينطبق على يومنا هذا أيضا، فمن لم يدافع عن مظلومية المسلمين في العالم فقد شارك في قتلهم!.
وكذلك من سكت عن الحق فقد نصر الباطل، إذ إن الموقف اليوم لا يستحمل أن يقف الانسان في المنتصف ويدعي السلمية والاحتواء لجبهة الباطل، ويرى كيف أن العدو يستهدف قضيته ويستخدم كل الوسائل غير المشروعة من أجل النيل من الإسلام وهو يأخذ دور الرمادي المتفرج.
في النهاية تبقى هذه السلمية والاحتواء جيدة مع الانسان للإنسان في الأمور الحياتية المختلفة التي تقبل الصحة والخطأ لكون الانسان غير معصوم ومن الممكن أن يضع نفسه في موضع الخطأ، ولكن الانسان مع قضيته ومع الإسلام ليس هنالك أية حيادية في الموضوع ولا مجاملة على حساب الحق، لأن في هذا الموضع لن يكون هنالك مجال للخطأ لأن القضية لن تكون بين انسان وانسان بل بين الله وعبده..
اضافةتعليق
التعليقات