في ذكرى ثورة التنباك، ابتدأت حكاية القدرة، ولم تنته، ولم تكن حليفة الوثن الظالم آنذاك بل هتفت ب صدى الثورة، وثبات التحدي على وتد العملة الفاسدة يوم سجدت لصنم الكفر يومها.
لا يسع الحبر، اليوم جميع مفردات الفخر كلها لشجرة الخير ومواقفها ضد نفوذ الاستهلاك، فالوقت الذي ولدت فيه الثورة، كان إيقاع حناجر ملهمة بالفطنة، والتأريخ كفيل لإعطاء جواب كل سؤال.
علاوة على ذلك فهم أتباع قيادة لا تعرف الاستسلام للضعف بل اظهار كتيبتها بالذي يناسبها والقلب الذي احتواها، لذا يصعب الإلمام بكل خطواتها كما هو المطلوب، بل يسعى القلم جاهدا إعطاء صورة تثني على أمجادها دون الواجهة المفصلة.
هذه الثورة شكلت نمطاً مختلفاً، وأسلوباً متكيفاً حيث الصحوة والتفاف اليد الداعية من بيت الكرامة، كل من أدرك معنى الغيرة الإنسانية، وأذهان فهمت الأسباب، وتعرفت على النتائج من أفواه العزة، فتمثلت حينها بأداء واجبها لتباهي بقدرها أعتى الظلمة وترغم أنوف التكبر للانصياع لقرار الحق.
تميزت ثورة التنباك، بقيمومتها وتعدد مفارزها الثقافية، واقتدارها السياسي الوطني الذي أسهم في تعزيز دورهم، وإيهاب الكلمة الجامعة على اتباع مرجع المواجهة ضمن قرار مدروس، وكتاب مغروس، صدور ألفت معنى الجهاد، واحترمت بيت الرسالة.
هذا وإن دل، فهو يدل على زمن صارم، كانت فيه المرجعية صاحبة قرار ونفوذ يحسب له ألف حساب بالأخص جماهير التقليد وشعب لا يسمع ولا يرى سوى انسان تمثلت فيه صفات القوة والزعامة ووفرة أخلاق عالية المضامين، فكيف لا، وقد كان مداها حيث طاولة اختيار الغد وصدى تأويل النظرية المطروحة آنذاك.
ماهي ثورة التنباك؟!.. **
ثورة التنباك أو ثورة التبغ (بالفارسية: نهضت تنباکو) هي ثورة قامت بعد سنة 1890 م، حين منح الملك القاجاري، ناصر الدين شاه، حق بيع وشراء التبغ في إيران لصالح شركة بريطانية.
كان نحو 20% من الإيرانيين يعملون في قطاع التبغ، وقد أدت الإتفاقية إلى احتكار البريطانيين لهذا القطاع، وصلت الأزمة ذروتها حتى عارض علماء الدين وبعض من الوطنيين هذا الاتفاق حيث اعتبروه تهديدا لاستقلال بلادهم في المستقبل. وقد بذل هؤلاء العلماء جهودا كبيرة في سبيل إقناع الشاه لإلغاء الامتياز الممنوح لتلك الشركة الإنكليزية ولكن دون جدوی. فتوجه العلماء وعلی رأسهم جمال الدين الأفغاني نحو المرجع الكبير الميرزا محمد حسن الشيرازي الذي كان يقيم في سامراء وأوضحوا له الموضوع ليجدوا حلاً.
قام المرجع الشيعي آية الله السيد محمد حسن الشيرازي في البداية بإرسال رسائل عديدة إلى الشاه يطالبه فيها بإلغاء الاتفاقية، ولكن جوبه بالرفض، فأصدر فتواه الشهيرة، والتي ارتبط اسمه فيها (قدس سره) سنه ،1891 م / 1309 ه .
جاء فيها: «استعمال التنباك والتوتون بأي نحو كان بحكم محاربة امام الزمان عجل الله فرجه».
فكانت الفتوى الفريدة من نوعها، والتي قصمت ظهر المعادي، والمستثمر الأجنبي آنذاك، التزم المسلمون في إيران بها وكسروا النارجيلات وكل آلة تستعمل للتدخين. كما أغلقت جميع محلات بيع التبغ والتنباك.
فبدأت الثورة بالتصاعد فاضطر الشاه علی التراجع والغاء الإمتياز الممنوح للشركة الإنكليزية، في قصة راح ضحيتها عدة من رجال الدين.
لقد تركت ثورة التنباك أثرا كبيرا على ساحة الصراع في نفوس الوطنيين والمعارضين في تعبئة الحشود الشعبية المتظاهرة، فكان لها طابع مشهود القوة لصنع القرار، مع أن الهدف كان محدود إلا أن النتائج كانت مرضية.
والفضل يعود كله، لحنكة الموقف الذي اتخذه المرجع السيد محمد حسن الشيرازي (قدس سره)، في خلق وعي تعبوي لعموم ساحة الرفض والتسليم المطلق لقرار الثورة في بلورة الشجاعة لاتخاذ أي موقف وطني في ساحة الحكم الدستوري وما يلاحقها من أحداث ومواقف في المستقبل، والاقتدار السياسي لدور العلماء في المواقف الوطنية عامة. ولنعرف، أن لكل زمن بدائل تخطوا بأمر يقلب ساحة الجهاد، فيكون الفتح على أيديهم المباركة.
اضافةتعليق
التعليقات
2021-04-07