يكتسب بعض الأفراد صفة الوجيه أي أنه حاز على تميز مختلف عن أقرانه في المجتمع بمختلف مجالاته، والوجاهة هي استحقاق الحصول على منزلة متميزة أو القدرة على الاتصاف بذلك.
وتكون على قسمين: الوجاهة العرفية، والوجاهة الشرعية، فأما الوجاهة العرفية فهي التي تكون بين الناس والمتعارفة أن يكون الشخص وجيهاً بعشيرته أو دائرته أو منطقته.
وأيضا الوجه يأتي بمعنى الصحة والاستقامة ولذلك إن دخلت في نقاش مع طرف من الأطراف ولم تقتنع منه تقول كلام لا وجه له أي لا صحة ولا استقامة له؛ لذلك ينبغي للوجيه أن تكون قراراته مدروسة.
من معاني الوجه هي الوجهة: المأمون سأل الإمام الرضا "عليه السلام" عندما دس إليه السم إلى أين تذهب يا أبا الحسن؟ فقال إلى الوجهة التي وجهتني إليها. لذلك الوجيه يكون موئلا ومقصدا لضعفاء قومه وعليه: على الوجيه أن يستثمر وجاهته في حل مشاكل قومه وفي تدبير أمورهم وقضاء حوائجهم، الوجاهة لها ضريبة ومن الضرائب التي ألقيت على الوجيه أن يستثمر وجاهته في قضاء حوائج المؤمنين.
والوجيه -أيضاً- ذو الجاه والوجاهة والعرب تقول فلان له وجه في الناس وله جاه ووجاهة، وهو الذي كلما أقبل بوجهه عظم وروعي أمره وإن الأصل في الوجيه من يُعظم ويُحترم عند المواجهة، لما له من مكانة في النفوس، فمن كان عند الناس وجيها، ونال الرفعة في الدنيا فقط، لا يترك أثراً مما ناله في حياته لانه اجتهد على اصلاح الفناء الدنيوي والانشغال بما لا ينجيه في الحياة الأخرى التي تحتاج منا عملاً مضاعفاً حتى نستطيع أن نصل إلى درجات النجاة من أهوال هذا اليوم وهذه الحياة الخالدة التي تجعل الفرد أمام حقيقة أعماله الدنيوية التي سعى جاهداً لجني ثمارها.
أما من عمل لآخرته فإنه يجمع بين الدارين لأن في الدنيا الناس يشتركون في وجاهتها، ولا يفوز بوجاهة الآخرة إلا الأنبياء وأهل البيت وأتباعهم ومن سار على طريقتهم، لأن الوجيه في الدنيا من غيرهم قد يُقَدر ويُحترم ظاهراً في أعين الناس، ويعظموه بعض الناس رجاء الانتفاع بشيء مما في يده من عرض الحياة الدنيا، فهذه وجاهة لفترة زمنية تنتهي بانتهاء وقتها لا أثر لها في النفوس، وقد يكون في باطنها الكراهة والبغض والانتقاص..
أما الوجاهة الشرعية المرتبطة بالدين والعمل الصالح والإخلاص لله، فهي الوجاهة الحقيقية يمنحها الله لمن يشاء من عباده، فيكون صاحبها بركة على الناس في كل أحواله، وهذا الوجيه تكون له مكانة في القلوب واحترام ثابت في النفوس، حتى ولو لم يكن ذا منصب وجاه، وأما حقيقة الوجاهة في الآخرة فهي أن يكون الوجيه في مكان عليّ ومنزلة عند الله وأهل بيته "عليهم السلام" ليكون مصداقاً لما ذكر في زيارة عاشوراء "اللهم اجعلني عندك وجيهاً بالحسين (عليه السلام)".
فمنهم من اعتمد على وجاهته الفانية فغدا انساناً بلا ذكر ولا خلود ومنهم من التزم بحبل آل البيت وكان ذليلاً عند بابهم فأصبح ذا جاه وقدر عند الله والناس في الدنيا والآخرة.
اضافةتعليق
التعليقات