الساركوئيد عبارة عن مرض حبيبومي يصيب أجهزة متعددة في الجسم، وأكثر ما يكون شائعاً في المناخات الأكثر برودة كالدول الإسكندنافية، وتصاب الرئة في أكثر من 90% من الحالات، ورغم أن السببية المرضية للساركوئيد تبقى غير محددة إلا أنه يترافق باختلال توازن بين زمر الخلايا اللمفاوية T واضطرابات في المناعة المتواسطة بالخلايا، لكن لم تشرح حتى الآن العلاقة بين هذه الظاهرة والساركوئيد، وتكون الآفات في الساركوئيد مشابهة نسيجياً لجريبات التدرن باستثناء غياب التجبن والعصيات السلية.
لكن لا يوجد دليل مقنع على كون المرض ناجماً عن أية متفطرات، كما أن التسمم المزمن بالبيريليوم يؤدي إلى مرض مقلد للساركوئيد باثولوجياً وسريرياً، لكن التعرض للبيريليوم نادر جداً هذه الأيام، وأحياناً ترى تبدلات نسجية مشابهة لما في الساركوئيد في أعضاء معينة كالعقد اللمفاوية في بعض الحالات كالسرطان والأخماج الفطرية لكن لا تكون هذه التفاعلات، الساركوئيدية الموضعة مترافقة بساركوئيد جهازي.
A. التشريح المرضي
إن أكثر مناطق الإصابة شيوعاً هي العقد اللمفاوية المنصفية والسطحية والرئتان والكبد والطحال والجلد والعينان والغدد النكفية وعظام السلاميات، لكن يمكن للمرض أن يصيب كل النسج ويتألف المظهر النسيجي المميز من حبيبومات ظهارانية غير متجبنة تزول عادةً وتشفى عفوياً، ويحدث التليف في أكثر من 20% من حالات الساركوئيد الرئوي ومازال من غير الممكن حالياً تحديد هذه المجموعة من المرضى بشكل مسبق، وإن معدل الموت الإجمالي من الساركوئيد منخفض (1-5) وعادةً ما يتعلق ذلك بإصابة الأعضاء الحيوية خاصة القلب، وقد يختل استقلاب الكالسيوم مسبباً فرط كالسيوم البول والدم وبشكل نادر تكلساً كلوياً الكلاس الكلوي.
B. المظاهر السريرية
باعتبار أن الآفات الساركوئيدية يمكن أن تحدث في أي نسيج تقريباً، فيمكن لطريقة التظاهر أن تتنوع بشكل كبير، فقد يراجع المرضى المصابون بالشكل الحاد من الساركوئيد بحمامى عقدة واعتلال مفصلي محيطي والتهاب عنبية واعتلال عقد لمفاوية سرية ثنائي الجانب ووسن وأحياناً حمى، وعوضاً عن ذلك يمكن أن يكون للمرض بداية مخاتلة أكثر (تدريجية) ويتظاهر بسعال أو زلة جهدية أو بواحد من التظاهرات خارج الرئوية المتنوعة، أما التبقرط والزراق فهما نادران حتى في المرض الرئوي المتقدم، وبعكس التهاب الأسناخ المليف خفي المنشأ فإن الخراخر الفرقعية الشهيقية لا تكون مظهراً بارزاً .
C. الاستقصاءات
تكون الحساسية الجلدية للسلين ضعيفة أو غائبة في معظم المرضى لكن ليس كلهم ولذلك يكون تفاعل مانتوكس اختبار تحر مفيد، وإن التفاعل الإيجابي بقوة لوحدة سلين واحدة يستبعد عملياً الإصابة بالساركوئيد، وإن وجود تعزيز في الحواف مع تنخر مركزي في العقد اللمفاوية على الـ CT المعزز بمادة ظليلة يشير لاعتلال عقد لمفاوية تدرنية، ورغم أنه يمكن وضع التشخيص غالباً بدرجة مناسبة من المصداقية من خلال المظاهر السريرية والشعاعية إلا أنه ينبغي ما أمكن إثباته نسيجياً بواسطة الخزعة من العضو المصاب كالعقد اللمفاوية السطحية أو الآفة الجلدية، كما أن الخزعة الرئوية عبر القصبات تؤكد التشخيص في %90-80 من الحالات حتى في هؤلاء الذين لديهم صورة صدر طبيعية وبدون أعراض رئوية، وتعطي الغسالة القصبية السنخية عادةً سائلاً تزداد فيه نسبة اللمفاويات.
يكون المستوى المصلي للـ ACE مرتفعاً غالباً ورغم أنه ليس نوعياً للساركوئيد إلا أن هذا الاختبار يمكن أن يكون قيماً في تقييم فعالية المرض واستجابته للعلاج، كما يلاحظ كثيراً كل من قلة اللمفاويات وفرط كلس البول والارتفاع المعتدل في ESR أيضاً، أما فرط كلس الدم فيمكن أن يحدث لكن قلما يسبب أعراض، أما مظاهر صورة الصدر الشعاعية فيمكن استعمالها لتحديد مرحلة الساركوئيد، ويكون الومضان (التفرس) بالنويدات المشعة بالغاليوم 67 إيجابياً عادةً في المرضى المصابين بمرض فعّال ويبدي التقاطاً (قبطاً) شاذاً في الأعضاء المصابة.
عندما تكون إصابة المتن الرئوي البرانشيم كبيرة فقد نجد اضطراباً في اختبارات وظائف الرئة مع حدوث نقص في نقل الغاز واضطرابات حاصرة نموذجية في المرض الأكثر تقدماً خاصةً إذا كان قد حدث تليف رئوي، يجري تقييم سير المرض في المراحل III و IV من الساركوئيد من خلال قياس متكرر للحجوم الرئوية وعامل نقل أول أوكسيد الكربون وصور الصدر الشعاعية المتسلسلة.
تبدلات صورة الصدر الشعاعية في الساركوئيد.
مرحلة ١
-تظهر صورة الصدر الشعاعية تضخماً ثنائي الجانب في السرتين الرئويتين والذي يكون عادة متناظراً، وغالباً ما توجد ضخامة العقد جانب الرغامي.
-يحدث الشفاء ، التراجع العفوي في غضون عام واحد في غالبية الحالات، غالباً لاعرضي، لكن قد يكون مترافقاً بحمامي عقدة وألم مفصلي.
مرحلة ٢
-تظهر الصورة الشعاعية تشارك ضخامة في العقد اللمفية السرية مع كثافات رئوية منتشرة غالباً .
-يعاني المرضى من الزلة أو يكون لديهم سعال.
-يحدث التحسن العفوى في غالبية الحالات.
مرحلة ٣
-تظهر الصورة ظلالاً رئوية منتشرة بدون دليل على اعتلال العقد اللمفاوية السرية.
-الاحتمال أقل لتراجع المرض عفوياً .
مرحلة ٤
-تليف رئوى.
-يمكن أن يسبب قصوراً مترقياً في التهوية وارتفاع توتر شرياني رئوي وقلباً رئوياً.
D. التدبير
يشفى المرض ذو المرحلة I و II بشكل عفوي عادةً ونادراً ما تكون هناك حاجة لاستخدام المعالجة، أما المرضى الذين لديهم حمامى عقدة دائمة وحمى وآلام مفصلية فيمكن أن يستفيدوا من الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيروئيدية، أما المعالجة قصيرة الأمد بالستيروئيدات الفموية فتكون ضرورية أحياناً للمرضى الذين لديهم مظاهر جهازية شديدة أو التهاب عنبية أمامية أو فرط كلس الدم.
في المرحلة الثالثة من الساركوئيد الرئوي العرضي والساركوئيد الذي يصيب العينين أو الأعضاء الحيوية الأخرى خاصة القلب أو الدماغ فعادة ما يتطلب الأمر معالجة بالستيروئيدات القشرية والتي قد تكون هناك ضرورة للاستمرار بها لسنوات عديدة، ويستجيب الساركوئيد بشكل نموذجي بسرعة للبريدنيزولون 20-40 مغ يومياً، وبعد ذلك يثبط المرض عادةً بجرعة صيانة 7.5-10 مغ يومياً، أو 20 مع على أيام متناوبة، وتعتبر الميتوتركسات والهيدروكسي كلوروكين أدوية فعّالة كخط ثان أو بديلة للستيروئيدات.
اضافةتعليق
التعليقات