كل امرأة خلقها الله (سبحانه وتعالى) من اجل رسالة معينة، لتنير دروب الأخريات وتوجه المجتمع نحو الصلاح والإيمان، فكل امرأة مهما كانت شهادتها التحصيلية، موظفة او ربة بيت، عليها ابداء رسالتها من منبرها الحالي، سواء في توجيه اطفالها او توجيه شريحة النساء، في الحرم الجامعي او المدرسة وحتى الشارع، فالدور الإعلامي لا يتوقف فقط على الوقوف امام الكاميرا، فكل امرأة خلقها الله، هي اعلامية... من واجبها تعريف المجتمع بالمبادئ الانسانية والاسلام وتوجيه وارشاد الناس نحو الأفضل، لتكوّن قيادات حقيقية وترتقي نحو الأفضل وتنهض بالواقع الحالي.
ولعل أبرز صورة نسائية إعلامية قدمها التاريخ هي صورة السيدة زينب (عليها السلام) ودورها العظيم في واقعة الطف، فبعد انتهاء المعركة بدأت السيدة الكبيرة مشوارها الإعلامي الكبير الذي خلَد الواقعة وفضح هواجس الظلم والطاغوت وعرّف الناس بأهواء بني امية وافعالهم الدنيئة وما الحقوه من الظلم بالعترة الطاهرة.
اذ ان وقوف السيدة الجليلة في مجلس يزيد وشجاعتها الفذة في القاء أعظم خطبة كانت بداية المسيرة غير العادية للنساء المسلمات، والتي توضحت على أثرها الأفعال التي من الممكن ان تبدر من النسوة، وما تستطيع ان تخلده المرأة في التاريخ.
فالمرحلة الراهنة التي تمر بها الدول العربية، من تطور وازدهار تكنولوجي، إضافة الى الأدوار القيادية الحساسة التي شغلتها نساء الغرب مقارنة بالعرب، من مناصب سياسية واجتماعية مختلفة، وصلت الى حد منافسة الرجل على حكم بلد كامل، تتطلب تفعيل الدور القيادي للنساء العربيات ضمن الإطار الإسلامي دون تجاوز الحدود الإسلامية، من خلال إعادة صياغة مناهج تعليمية وتدريبية التي من شأنها إيجاد نماذج قيادية، شريطة المحافظة على الهوية الإسلامية الصحيحة.
وبعد التطور الفكري الذي نشهده في المنطقة من التركيز العميق حول مكانة المرأة وضرورة تقويم دورها في المجتمع، بلا شك يمكننا الجزم بأن هنالك نساء مسلمات تركن بصمة كبيرة في حياتنا، ولولا وجود صفحات التاريخ لما انتقل الينا اخبارهم ولا تعرفنا على انجازاتهم، فلولا كتاب الله (عز وجل) لما تعرفنا على قصة آسية بنت عمران وموقفها الكبير مع فرعون، فهنا يتبين لنا بأن القرآن هو اول وسيلة إعلامية استطاع ابراز الشخصيات التاريخية وايصال قصصهم ومواقفهم البطولية الى العالم رغم مرور آلاف السنين.
وبما اننا تيقنّا بأن الاعلام أصبح هو المتحكم الأول بشهرة الافراد، سلبياً وايجابيا، اذن من المهم جداً ان نستغل هذه النقطة لصالح الإسلام، وان نصنع لنسائنا منصة حرة تصل من خلالها المرأة المسلمة الى العالم اجمع، ويبقى صدى افعالها مدويا الى أجيال المستقبل، وبلا شك الوسيلة القادرة على بروز المرأة في الساحة العالمية وضمان خلودها في أروقة التاريخ هي المساحة الإعلامية التي يوفرها المجتمع للمرأة.
فالمجتمع الإسلامي يفتقر الى القدوات الصالحات، وهذا الافتقار لا يعني بأننا لا نملك نساءاً مميزات استطعن ان يتركن بصمة كبيرة في بناء الأمة، ولكن الحقيقة هي ان الاعلام ابخس حقهن ولم يهيء لهن مساحة حرة تكفي لنقل صورة المرأة المسلمة العصرية الى العالم اجمع، او بالأحرى نحن لم نتعود على ظهور النساء الملتزمات الى الساحة الإعلامية بصورة مباشرة واكثر تحرراً ضمن اطار إسلامي سليم، لارتباطنا بعادات وتقاليد زائفة ضربت على حلال الله وقيدت من حركة المرأة النموذجية لصد الصورة الرجعية التي رسمها الغرب عن المرأة المسلمة على أساس انها لا تتلاءم مع التطور الذي وصله المجتمع وان دينها يمنعها من ممارسة التطور والحرية بطريقة اكثر عصرية، فأصبحت شهرة المرأة المسلمة المميزة والمعطاءة مقتصرة على حدود منطقتها والمؤسسات التي تتعامل معها والجهات التي توظف فيها خدماتها العلمية والاقتصادية والإسلامية.. الخ.
ولكي تحقق الدعاية والاعلام الصالح أهدافهم السامية كما يذكر آية الله العظمى محمد الشيرازي (قدس سره) في كتابه الرأي العام والإعلام: "يجب ان تتصف بالحكمة، ومعنى الحكمة وضع الشيء في موضوعه، منه قيل (الرجل المناسب في المكان المناسب)، وتكون مصاحبة لإظهار القوة وتحقيق النجاح والنصر، واستخدام كافة التسهيلات الممكنة، وأن يسعى الداعي لاكتساب الطرف الآخر والتأثير عليه بكل ما اوتي من لباقة وبلاغة، ومن المفترض ان تكون الدعاية متطورة مع تطور الزمن والأحداث، وملائمة للغة العصر ومفاهيمه، وان يتبع الداعي عامل التجديد، فالناس يبغضون التكرار الكثير، ويحبون التجديد".
اذن من المهم ان تعرف المرأة كيف تطرح نفسها في الساحة الإعلامية وتعالج مشاكل المرأة على نطاق عالمي واسع، وان تعزز مكانة المرأة في الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتبين أهمية تواجد المرأة جنبا بجنب الرجل لتكون له سنداً، لأن من تمثل نصف المجتمع يجب ان تشارك في بناء الأمة، وتلعب دورا مهما في تعزيز مكانة الإسلام في العالم، ويحصل ذلك عندما تتوفر في المرأة التي تخرج الى فضاء الاعلام الصفات والمميزات التي ستساهم في عكس الصورة الواقعية والجليلة للإسلام، وترفع من شأن معتنقي هذه الديانة العظيمة، لتستطيع المرأة من منبرها الإعلامي إيصال الانجازات الحقيقية وصوت المرأة المسلمة الى العالم أجمع.
وتخلد انجازات عظيمة وتكون قدوة للنساء على خطى الزينب (سلام الله عليها)، وتشجع الأخريات في السير على هذه الخطى التي هدفها الأول هو اظهار الصورة الصحيحة للمرأة المسلمة الى كافة الناس في العالم.
اضافةتعليق
التعليقات