• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

دماغ مؤجل

زهراء الجابري / الأحد 12 كانون الأول 2021 / تطوير / 2923
شارك الموضوع :

لحظة عدمية هائلة لا يمكن النجاة منها إلا بقانون الإرادة، أن تعترف بتجربتك الخاصة، وحقك الخاص في الحياة

أن تقف على لا شيء، وأن يتجرد الواقع من تراكم الخبرة، أن تستدير حركة المجتمع لتبدأ من الصفر دائماً، ينهار البناء قبل أن تتشكل الذائقة، وقبل حتى أن يرسخ اتجاهاً معرفياً، تتفرغ الإشارات من دلالاتها، أو تنبثق إشارات فارغة من أي معنى، قد تكون الإشارة رجلاً أو حزباً أو أمة، وقد تكون علامة ضوئية لتنظيم حركة المرور، فهذا يعني كما لو أنك دماغ في أحماض في زجاجة، دماغ مؤجل، لكنه أيضاً في اللحظة ذاتها متأهب للإنقضاض على معنى مغاير للحياة، يعني أن تكون باحثاً ذهنياً بلا ميل عاطفي تجاه تعريف ما أو قراءة ما للوضع الاجتماعي الذي أنت فيه، أو لوجود الإنسان في العالم ككل.

لحظة عدمية هائلة لا يمكن النجاة منها إلا بقانون الإرادة، أن تعترف بتجربتك الخاصة، وحقك الخاص في الحياة، وبأنك لا تمثل أحداً سواك، أنت ذاتك فحسب، وأن تنحاز لها، هكذا، الذات حاضر يتقدم، إنها المستقبل الآن، فالإنحياز للإمكانيات الكامنة للذات هو انحياز الحاضر للمستقبل، من هنا يبدأ العالم القادم بالتشكل، والظهور. يجب أن نعي أن المستقبل جنين يرتبط بحبل سري مع رغبتنا على الانفتاح والتحرر.

يمكنني هنا أن أتحدث عن تجربة خاصة جداً، لقد مررت بذلك حقاً، عندما وجدتني وجها لوجه مع جنين المتحف الطبيعي في جامعة بغداد، حدث ذلك عام ١٩٨١ ، كان الجنين في شهره الخامس أو السادس، محفوظاً داخل أحماض في زجاجة، كانت المرة الأولى التي أشاهد فيها جنيناً بشرياً مُجهضاً، أرعبتني التجاعيد التي تشير إلى كآبة حادة، لم يكن وجهه وجه جنين، كان كائناً بشرياً في الستين أو في السبعين أو في المائة من عمره، هل يمكن للإقامة في الرحم أن تكون بهذا الثقل؟ لماذا توقف عند هذا الحد؟ ما الذي أعاقه عن الخروج؟ لقد خرج، لكن، ليس كما لا بد أن يكون، لم يرفس باب الرحم، لم تفتح يده ستائر العتمة، ولم يخترق الضوء عينيه.

استقر الشكل في رأسي، أصبحت أنا الرحم، بدأ الجنين/ السؤال ينمو، وبدأت أحس بحركة الجنين في داخلي، الجنين الذي أصبح توأمي في زجاجة هائلة هي العالم، لم يحدث ذلك مثل صاعقة، بل تشكل أيضاً كجنين، كلما شعرت بالضيق تجلى الجنين وأحسست بالأحماض، فألجأ إلى المرآة أراقب عيني واستداراتها، أتحسّسني، كما لو أنني أحد آخر، أحد يريد أن يخرج، يريد أن يولد، وفي النهاية خرج نصّاً، صعّادة هائلة بالنسبة لي، تجربة في الوعي وفي الحس أيضاً، عندما يتحول اليوم إلى سائل حامضي، ولا نجاة من الزجاجة إلا باحتوائها، لذا ختمت به مجموعتي «صعادات»: «عالق في الذهن كتوأم، هذا الحنين ليس غريباً تماماً، طالت عليك شهور الحمل، أنا قلق، لسبب أجهله دائما،ً ربما لأنك معي في الزجاجة وفي الأحماض لكنني واثق تماماً أننا نولد يوماً ما».

كتبت النص النهائي عام 1997 بعد إجهاضات عديدة، حتى النص أصر على أن لا يولد ولادة طبيعية، كان العراق لحظتها مُسيجاً بحصارات من الداخل ومن الخارج معاً، وكنت في الزجاجة أتحسس الأحماض، ولم يكن الجنين فقط، بل العالم كله في الزجاجة، حتى النجوم والمجرات، كانت الزجاجة الفخ، وكنا جميعاً في الفخ، نبحث عن مسامة للنجاة.

 قد تكون الزجاجة دلالة لأي فكرة، أو لأي ممارسة اجتماعية، لكوكب، وقد تكون الأحماض هي الآليات التي تفرض أو حتى على الذات عقمها القسري، تعمل على إصابة الذات بالشلل، غير أن الإحساس بالعوق يبقى تجربة شخصية جداً، فما أراه شللاً قد يراه آخر نافذة للحياة، لكنني أتحدث عن تجربة حياتية تتحسس العوق داخل النظام القسري، وتحاول بإمكانياتها أن تخرج على النظام، من هنا قد تطول إقامة الدماغ في أحماض الزجاجة لعدم توفر إمكانية الخروج، ولعل الكثيرين يعبرون الوقت وهم في غيبوبة الانتظار، في انتظار لحظاتهم الخاصة، أو في انتظار حيواتهم المؤجلة. في النهاية، الإعلان عن الذات شأنٌ فردي، وشخصي جداً، على عكس الإقامة في الغيبوبة فهي - شأن جمعي. الذي يعجل في إنهاء غيبوبة الدماغ، لا السؤال، بل اتجاه السؤال. إتجاه السؤال هو منطقة إلتقاط الذات مـن هـوة الـيـقـيـن الاجتماعي أو اليقين الجمعي، والقلق هو مخاض الإلتقاط، والمتنبي عبر أسئلته المدببة الأولى «إلتقط ذاته» على حد تجربة [أحمد سعداوي].

عندما يزداد ضغط الخارج على الذات، يبدأ صراع الأنا التي لا تريد أن تكون فائضاً بشرياً، لا تريد أن تكون عدداً على المدرج، بل تريد أن تكون اللاعب الأساس / رأس الحربة، مارادونا مثلاً، من هنا تكون كثرة (الأنا) في نصوص المنفتح نوعا من الإجابة على أسئلة تعيش معه، فيه، في جدله الذاتي، أو في صراعه مع التابوات كأشخاص، وكأفكار عبر ممارسات يومية. أقول جهاراً: توهج الأنا شرط التحقق  .

من كتاب (فن الإصغاء للذات) لجمال علي الحلاق
الانسان
التفكير
الشخصية
القيم
السلوك
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    للكلمةِ مضمونٌ في حديثِ أميرِ المؤمنين

    النجاح الصامت.. حين تكتب المرأة قصتها بالحبر الخفي

    رحلة في عالم أحلام الأخطبوط: هل تحلم الكائنات البحرية؟

    مفاتيح طول عمر المرأة.. هكذا تعيشين حياة أكثر صحة

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    آخر القراءات

    حب علي عبادة

    النشر : الأثنين 10 نيسان 2017
    اخر قراءة : منذ 28 دقيقة

    ما هي نظرية دنبار وكيف تؤثر على علاقات الانسان الاجتماعية؟

    النشر : الأحد 21 تشرين الثاني 2021
    اخر قراءة : منذ 28 دقيقة

    تكتك الغيرة.. ودورها الفعال في إسناد المتظاهرين

    النشر : السبت 02 تشرين الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ 28 دقيقة

    أزمة تجربة!

    النشر : السبت 29 آيار 2021
    اخر قراءة : منذ 28 دقيقة

    في ضيافة كلمات آية الله السيد محمد رضا الشيرازي النورانية

    النشر : السبت 25 كانون الثاني 2020
    اخر قراءة : منذ 28 دقيقة

    حرف الطاء بداية لإفساد الحياة

    النشر : الثلاثاء 15 نيسان 2025
    اخر قراءة : منذ 29 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 555 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 529 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 498 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 381 مشاهدات

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    • 368 مشاهدات

    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"

    • 331 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1208 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1170 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1112 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1090 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1074 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 683 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    للكلمةِ مضمونٌ في حديثِ أميرِ المؤمنين
    • منذ 13 ساعة
    النجاح الصامت.. حين تكتب المرأة قصتها بالحبر الخفي
    • منذ 13 ساعة
    رحلة في عالم أحلام الأخطبوط: هل تحلم الكائنات البحرية؟
    • منذ 13 ساعة
    مفاتيح طول عمر المرأة.. هكذا تعيشين حياة أكثر صحة
    • منذ 13 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة