يجلس بكل براءة على مقعده الدراسي، الطفل الذي في داخله ما زال لم يعِ التركيز جيدا طول وقت الدرس، بينما هو مندمج تماما في اللعب بممحاته التي على هيئة سيارة.. واذا بصوت المعلمة ارعب طفولته وهي تقول له "كم انت مهمل.. لن تنجح أبدا"، ضحكات الطلاب الآخرين وشرارة الغضب المنبعثة من عينيّ المعلمة كانت كافية لتبكيه وتغرس تلك الكلمات في دماغه .
عاد الى بيته وهو يأمل أن تكون والدته اقل غضبا من معلمته.. وبينما هي تساعده في واجباته.. اخطأ فانهارت امه عليه بتلك الكلمات نفسها "أنت ولد غبي ومهمل.. لن تفلح في شيء ابدا"، فكانت كلماتها كالمطر تسقي تلك البذرة التى غرستها معلمته في عقله الباطن.. وهكذا هو بين المدرسة والبيت حتى بدأت شجرة الفشل واليأس تكبر في عقله وتمتد فروعها في أعماقه، وبدأت تسيطر على عقله كله، فلا يفكر بشيء إلا والفشل نتيجته.. ولا يخطو خطوة إلا واليأس يرافقه.. فأصبح اغلب كلامه بذيئا وفعله قبيحا.. فعُرِف بالمراهق المؤذي.. ولم يعد سوى فاشل يشتكي منه مجتمعه.!
ولكن بالمقابل.. يحكى أن امرأة عاد ولدها في أحد الايام من مدرسته وبيده رسالة من ادارة مدرسته.. فتحتها فوجدت في نصها: "إن المدرسة تعتذر عن استمرار ابنكم في تلقيه تعليمه في المدرسة نظراً لتخلفه عن مجاراة أقرانه في الفهم والتحصيل وأن إدارة المدرسة تخشى من أن يؤثر ذلك على مستوى تحصيل بقية التلاميذ وتطلب إدارة المدرسة من والدته أن تبحث له عن مدرسة تناسب قدراته المتواضعة عقلياُ وعلمياً".
فكرت الأم قليلا وبثقافة تربوية عالية غيرت نص الرسالة لتخبر والده به فقالت له ان الرسالة تقول: "تأسف إدارة المدرسة عن استقبال ابنكم في المدرسة نظراً لارتفاع مستوى ذكائه الملفت مقارنة بزملائه التلاميذ مما قد يؤثر على تحصيلهم العلمي وشعورهم بالإحباط أمام تفوقه البالغ عليهم لذا نأمل منكم البحث عن مدرسة أخرى تليق بقدراته العلمية ومستوى ذكائه البالغ".
بكلماتها تلك غرست الثقة والحماس في عقل ولدها لتنتج منه عبقريا.. كل من على الأرض مدين له حتى في وقتنا الحاضر ألا وهو مخترع المصباح الكهربائي الشهير "أديسون".
فالثقة والايجابية هي أساس بناء الشخص الناجح.. والثقة ليست إلا بذرات تزرع منذ الطفولة في عقل الشخص لتكبر معه فتؤتي أُكلها .
عوامل غرس الثقة في نفوس من حولنا خصوصا الأطفال:
• التعبير عن المودة والاهتمام، وترك مساحة كافية له للتعبير عن مشاعره، والاستماع له باهتمام مع مُراعاة مشاعره .
• الابتعاد عن كلمات والايحاءات السلبية بشتى انواعها.. فإن ما تفعله من تشوه نفسي خصوصا عند الطفل قد يفوق التشوه الجسدي .
• الابتعاد عن المقارنة بين الفرد وأقرانه، لما في ذلك من بث روح السلبيّة للطفل تجاه نفسه، فيبدأ يفكر على انه غير قادر على مُجارات أصدقائه، وأنّه ليس به ما يُميّزه عن غيره .
• مدح الشخص وجهوده التي يقوم بها في محاولاته بالقيام بمهارات جديدة أو أي عمل نافع، فذلك يكون بمثابة الإيحاءات الإيجابيّة التي تُزرع في عقله فتتحول الى واقع فيما بعد .
اضافةتعليق
التعليقات