روي عن مولانا الصادق عليه السلام انه قال:
"اذا هل هلال المحرم اول الشهر نشرت الملائكة ثوب الحسين عليه السلام وهو مخرق من ضرب السيوف وملطخ بالدماء فنراه نحن وشيعتنا بالبصيرة لا بالبصر فتنفجر دموعنا".
تنشر الملائكة ذلك القميص المُفجع فتُنشر معه الرايات السوداء، وتنصب المواكب في الأرجاء، ولكن ياتُرى ماذا عن قلوبنا؟ هل تُقيم العزاء؟ هل تبصر ذلك الرداء؟
- بصيرة القلب تحتاج الى معرفة .
▪اول ما نحتاج معرفته هو الهدف الحسيني من الثورة :
إن الامام الحسين عليه السلام لم يكن هدفه الدنيا، وكان هدفه فوق الآخرة، فالآخرة مهمة وكان يريدها سيد الشهداء عليه السلام ويحبها، ولكن هدفه كان اعلى منها .
إن الهدف الأعلى هو الله تعالى، لذا نهضة الحسين مرتبطة بالله سبحانه وتعالى، ونحن نقرأ في زيارة الاربعين:..وبذل مهجته فيك "اي في الله تعالى وهذا مقام الاولياء" .*
فكان ناتج هذا الهدف السامي هو ان كل صلاة يصليها كل مسلم فوق الكرة الارضية فهو مدين فيها لتضحيات الامام الحسين عليه السلام فبعد أن وجد بنو أمية أنهم غير قادرين على الانتصار في الحرب ضد بني هاشم، دخلوا الى الدين الاسلامي ليحطموه من داخله لذا فإن الامام الحسين أنقذ الاسلام بدمائه من براثن بني امية*
وهنا نحتاج الى وقفة مع انفسنا، فحين اخترنا الحسين أمير ومولى وجب علينا ان نكون اقرب الناس الى الله تعالى تأسيا بمولانا عليه السلام، يلزم ان نكون في صلاتنا الاخشع، في اخلاقنا الارفع هكذا نعكس صورة الخادم الحسيني الحقيقي الى العالم أجمع .
▪ الامر الثاني الذي نحتاج معرفته ونشره في زمننا هذا هو الرحمة التي تجسدت في الامام الحسين حتى مع اعداءه .
في أيامنا هذه نرى أن الغرب يدعي الرحمة وينادي بالانسانية انطلاقا من مبدأهم ومعتقدهم بأن النبي عيسى قد فدى نفسه من اجل انقاذ الناس، يصورون للعالم ان الاسلام لا يتسم بالرحمة والانسانية ابداً.. ونحن! هل سلطنا الضوء على الرحمة التي تجسدت في اعلى مراتبها في شخص الحسين عليه السلام في كربلاء .
فعندما يأتي الامام الحسين عليه السلام ويرى جيش العدو الذي يريد قتاله في حالة عطش، يأمر بسقي ذلك الجيش وأن يرشفوا الخيل ترشيفاً، وهو بنفسه الشريفة باشر عملية السقي لهم أيضا .
ومما روي عن مولانا سيد الشهداء عليه السلام أنه (بقي الحسين وحيدا يلقي تارة نظرة إلى مخيم النساء وتارة ينظر إلى القوم الذين احتوشوه استعدادا لقتله ويبكي! سألته أخته زينب عليها السلام لماذا البكاء؟ قال: أبكي لهؤلاء القوم الذين يدخلون النار بسببي).
فقيم التوبة والرحمة والعبادة والانسانية كلها تجسدت في الحسين وآل الحسين عليهم السلام، لذلك يمكننا استغلال قضية عاشوراء وايام عاشوراء كمنطلق للتغيير الحقيقي .
فالحسين عليه السلام مصباح يهدي الى الصراط المستقيم، ويضيء لك الدرب الى الطريق السليم، وبه وبإتباع تعالميه تكون النجاة من المهالك والمخاطر، ومن عذاب الحطيم .
فلنسعد قلب الزهراء عليها السلام، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام انه قال لأبي نصير: (أما تحب ان تكون فيمن يسعد قلب فاطمة؟) ومن هنا تظهر ان هنالك مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الجميع وهي المشاركة الفعالة في إقامة الشعائر والمآتم الحسينية وإحيائها بكل الاشكال وعدم التفريط بها، إذ انها تدخل السرور على قلب السيد الزهراء عليها السلام .**
كل مايلزمنا في هذه الايام الحسينية التأسي بمولانا سيد الشهداء عليه السلام في القرب من الله تعالى والانسانية والرحمة، لنوفق في اسعاد قلب امه فاطمة عليها السلام، لنرزق نفاذ البصيرة فنرى قميص الحسين عليه السلام بقلوبنا فنوفيه حق العزاء .
اضافةتعليق
التعليقات