انطلق العلم من بلاد مابين النهرين وانتشر في ارجاء المعمورة، هنا خط اول حرف للبشرية ليرسم لها وجهها المشرق، في العراق القديم كانت بذرة العلم والمدارس المنظمة، واليوم تعيش مدارس العراق حالة من التردي في المستوى التعليمي.
فبعض الاهالي يرى ان السبب وراء ذلك هو قرار انعدام تأنيب التلاميذ في مدارس الصفوف الاولية في شتى الوسائل المستخدمة سابقا من توبيخ وضرب، ادى الى انحسار المعالم التربوية لدى اغلبهم مما أتاح لهم الفرصة بتجاوز حدود الاحترام بين التلميذ والمعلم حيث يبادر التلميذ بإهمال واجباته وحتى تجاوز البعض على معلمهم بردود عنيفة.
ولرؤية واقعية اكثر سلطنا الضوء على هذا الجانب لنستطلع اراء الاهالي والجهات المعنية:
بين مؤيد ومعارض
ترى المحامية (كوثر كاظم ناصر) ان هذا القرار لصالح التلميذ حيث انه لا يولد انكسارا داخل الطفل نتيجة الضرب كما يظن البعض.
لكن الضرب ليس اسلوبا حضاريا، اما تجاوز الطفل على معلمه يعود لعدم تلقيه التربية الصحيحة في المنزل وانه بالتأكيد يتجاوز على والديه ايضا، فأن الطفل المتميز يحترم والديه ومعلمه فيتفوق في دروسه.
كما اثبت علماء الاجتماع ان المحيط والبيئة لهما تأثير سكيولوجي على الإنسان، كذلك للأهل دور كبير في تفوق أبنائهم من خلال متابعة دروسهم.
فيما قال (سمير حسين) موظف: لقد دخل ابني في المرحلة الخامسة وما زال لا يجيد كتابة اسمه بالكامل وقد راحت كل محاولاتي ادراج الرياح في تحسين وضعه التعليمي حتى اني كلفت معلما خاصا لتعليمه لكن دون فائدة، ذهبت الى ادارة المدرسة لأناشد المعلم لكني صدمت لان اكثر من 60 طالبا في شعبة واحدة والصف يضج بالفوضى، والمعلم يهتف لا بل يصرخ حتى يستجيب له التلاميذ بملازمة الصمت والاستماع اليه، سألته عن السبب قال لي ان قانون عدم الضرب زاد من حدة التلاميذ وعدم احترامنا، ادركت السبب الذي يجعل ابني لا يفهم ما يقوله المعلم او المعلمة، ان ازدياد عدد التلاميذ في الشعبة السبب الاول، وعدم متابعة الاهالي لسلوكيات ابنائهم السبب الثاني الذي يجبر المعلم على القيام بواجبه فقط وهو شرح الحصة الموكلة له دون توجيه الطالب وذلك لأنه سيرفض الاستماع له أو سيرد عليه ردا عنيفا لا يليق به كمعلم تربوي، وان وبخه أو حتى ضربه يجد نفسه في دوامة أخرى ألا وهي الشكوى.
لربما قانون ضرب التلاميذ جيد لكن الانطباع الذي اعتاد عليه ابناء الكثير من العوائل ما زال راسخا في اذهانهم مما جعلهم يتهاونون في تأدية واجباتهم، حتى تأثر الغير بهم وهذه مشكلة كبيرة يجب على الجهات المعنية الالتفات لها، وبما اننا نعيش ظروفا صعبة لا نرى اي تجاوب من هذا الجانب .
ومن جهتها قالت المعلمة (نور احمد عبد العباس): أنا ضد هذا القرار استنادا إلى المقولة من "أمن العقاب اساء الأدب"، لكن هذا لا يعني اني أشجع الضرب بأبشع صوره او الذي يسبب عاهة، لكن خير الأمور أوسطها، خاصة إنه في الوقت الحالي هناك إهمال واضح للأهل في تربية الأبناء وتركهم لأصدقاء السوء، وعند صدور هذا القرار تشجع الطلاب بل وحتى الطالبات على التجاوز على معلميهم بكلمات جارحة، وعند توبيخ الطالب يقوم الأهل بتقديم شكوى ضد المعلم أو المعلمة دون الرجوع للمعلم ومعرفة سبب التوبيخ وكل ذلك بسبب قرار الوزارة التي تأخذ الامور بصورة غير مهنية ولا تعالج المشاكل بل تزيدها.
فيما قال مدير مدرسة ثانوية الشهيد محمد باقر الصدر(حيدر عبد الواحد توفيق): يعد قرار الوزارة قرارا صائبا وحضاريا وهو متعارف عليه في الدول العربية وغيرها، لكن نحن قد رسخت بأذهاننا فكرة ان الضرب يمكن ان يصلح الطالب ويجعله متفوقا وانا لا اتفق مع هذه الفكرة .
حيث هناك ضرب خفيف او توبيخ وهذا لا بأس به ان تطلب الامر بتوجيه الطالب، لكن هناك ضرب مبرح يسبب اذية للطالب فلربما المعلم يفقد اعصابه فيتسبب بأذية الطالب نفسيا او جسمانيا وهذا ما نهت عنه الوزارة.
فبحكم عملي لسنوات كمعاون لشؤون الطلبة حيث كنت قريبا من التلاميذ فلاحظت ان اغلب من تجده مقصرا في واجباته او حتى من يكون اكثر عدوانية بين زملائه يعود احيانا لانعكاسات مشاكل في البيت تجعل من التلميذ سلبيا، لكني استطعت ان اكسب ثقة الطلاب واجعلهم يحترمونني ولا يخافونني فحسب وهذا امر مهم في توجيه الطلاب بأن يكنّوا الاحترام لادارة المدرسة والى الكادر التدريسي.
وفي نهاية الامر؛ ان كل مجهود يبذله مدير المدرسة او المعلم او المدرس فهو يصب لمصلحة الطالب وهذا ما يجهله معظم الاهالي، وقد تعرضنا قبل ثلاث سنوات لحادثة مغايرة لسياق هذا الموضوع حيث كان في المدرسة طالب مشاغب جدا وقد تجاوز كثيرا على زملائه ومدرسه وحينما ضربه المدرس قام والد التلميذ بالشكوى وقد احيل المدرس الى التحقيق والحمد لله كانت لجنة التحقيق منصفة بحق المدرس.
وبالرغم ان قانون عدم ضرب الطالب جعله يخفق في مستواه التعليمي، وانا مؤيد لهذا، لكن هناك عدة عوامل ساعدت في انخفاض مستوى الطالب؛ اولها نظام الكورسات ونظام التحميل .
فأنا لا اشجعه نهائيا حيث كان نظام الاعفاء العام جدا ممتاز وايضا الاعفاء الفردي، وحينما صدر قرار الاعفاء العام حصلت ضجة بين الطلبة لسماعهم الخبر لدرجة انه اثر على نفسيتهم.
فإن الاعفاء كان يخلق روح المنافسة فيما بينهم اما الان الطالب لا يبتغي سوى النجاح حيث نسبة قليلة جدا من يفكر في درجات عالية.
وقد طبقوا نظام التحميل في مرحلة الرابع اعدادي حيث حمل الطالب مادتين للسنة الثانية وبعدها نجح في الخامس ورسب الطالب في مواد التحميل، حيث انهم لم يستعدوا لمعالجة هكذا موقف.
وما زال لحد الان بعض الطلاب لم يدرسوا لا المرحلة الرابعة ولا الخامسة اذ ان القرار ليس بصالح الطالب نهائيا وساهم كثيرا في اخفاق المستوى التعليمي.
وقد صدر مؤخرا قانون يفيد بأن الطالب يجري امتحاناته خارجيا بالتنسيب حيث يحضر في وقت الامتحان في نصف السنة واخر السنة، واخيرا اتمنى من الوزارة مراجعة قراراتها التي اطلقتها في الفترة الاخيرة والتي تشمل نظام الكورسات ونظام التحميل.
الاشراف التربوي
المشرفة التربوية (بشرى عباس مال الله العبادي) قالت:
نحن لدينا خطأ في مفهوم العقاب والثواب، فنحن مؤسسة تربوية وليست مؤسسة تأديبية او عقابية، واذا كان هناك اي اخفاق في مستوى التلميذ فهذا يعود الى متابعة الاهل ومدى تركيز المعلم بإيصال المادة الى التلميذ، وتحث المؤسسة التربوية على عدم استخدام العقاب لما تطبع اغلب التلاميذ باسلوب الضرب لانه لا يليق حضاريا ولا تربويا بالتلميذ، فنحن عودّنا المقابل على العقاب والخوف وبدونه لا تنجح العملية التعليمية.
واضافت العبادي: من وجهة نظري ان اغلب المعلمين يرون ان العقاب هو نجاح العملية التربوية.
والحل هو بذل الجهود الثمينة من اجل رفع المستوى التعيلمي لدى التلميذ، وان قرار الوزارة بعدم السماح بالضرب قرار صحيح وقبل هذا كله هو شرعا حرام ولا يجوز فلماذا لا نلتزم بالشريعة الاسلامية.
اضافةتعليق
التعليقات