أن تضرب أهم منظومة في المجتمع فذلك يعني بداية انهياره، وطريق العودة مكلف باهظ.. متى ما استمر الانحدار الاجتماعي، فأول انهدام لحائط يتبعه انهيار الجدران كلها.
لذا كان حتما على من يرى هذا التصدع في بنية المجتمع، أن يوقظ بقلمه، ولسانه، وجوارحه، وأعماله، هذا البؤس، ويعمل على معالجة الأوضاع بشتى الطرق والوسائل.. ولعله يجد صعوبات في ذلك، ويصطدم بعقبات، ويتهم ممن لا يفهمون دائرة حركته التي تسعى نحو الاصلاح.
وفي هذا المجتمع بعض قوانينه التي يتفأجا بها المصلح، قوانين وضعية، ومصالح شخصية لاتريد أن يحل السلام من أجل الكسب أكثر. وشبيهة العوالم فيما بينها فقد قال الامام علي عليه السلام: اتحسب انك جرم صغير.. وفيك انطوى العالم الأكبر.
فكل ما يمر على هذه الأسرة الصغيرة من مشاكل تمر الدول بأزمات وحروب، وما عالمنا الصغير سوى مرآة للعالم الكبير. فكيف لا يصلح المرء نفسه التي هي أحب الأنفس إليه؟! وكيف لايصلح أسرته ومجتمعه وهو يريد لها الحياة الكريمة، والفوز في الآخرة بالجنان والرحمة.
وبداية كل اصلاح أن يبدأ المرء بنفسه أولا، فيستحضر ما من شأنه الاحسان للاخرين بعمله وسلوكه. فأولا:التغيير الايجابي لنشاطه، وحركته، والدائرة المحيطة به، واصلاح نواياه، والاعتماد على قدراته، وافساح المجال للآخرين بالمشاركة، والتعبير عن انشطتهم، واخراج طاقاتهم الكامنة دون التأثير عليها، والابتعاد عن الرغبة بالاستحواذ، واثبات الأنا، واقصاء من هو أفضل منا.
ثانيا: ايجاد طرق بديلة عن المعالجات القديمة، والتجديد بها، وانتهاج لسلوك من شأنه تحسين الأوضاع الجيدة القائمة.
ثالثا: الابتعاد عن الغدر، والاحتيال، والمكر، الذي اذاما كشف كان زعزعة للثقة، ووبال، وانخفاض في درجات كان الصعود اليها حافلا بالتضحيات.
وامثلة عن هذه الطرق للمعالجة... اولا: التشجيع الايجابي للافراد سواء كانوا اطفالا في اسرة قاموا بعمل جيد، او موظفين في دائرة عمل احسنوا عملهم.
اما النوايا فهي الايثار، وحب الغير، والاعتماد على المجهودالشخصي بعيدا عن الفكرة القائلة "الصعود على اكتاف العمالقة" اي سلب مجهودات الاخرين وتعبهم ونسبه لنفسه.
ثانيا: في حال وجود بعض المتلكئين في العمل، أو ممن حولهم مواقف سلبية صحيحة كانت أو غير صحيحة.. أن نعمل على ايجاد ما من شأنه وضع السيارة على الطريق الصحيح وللتوضيح أكثر في المجال الطبي مثلا ايجاد طرق بديلة للعلاج فالطفل المريض في العائلة، ليس مهمة أسرته، أو طبيبه اعطاء الدواء في موعده بقدر ما يجب أن يحصل على اهتمام ومحبة، وقد أثبتت الكثير من الدراسات أن كثيرا من المرضى تعافوا من أمراضهم الجسدية والنفسية حين حصولهم على مالم يحصلوا عليه في حياتهم، من الرعاية، والشعور بالأهمية، واحساسهم بالفرح والسعادة.. فتأمين متطلبات الأسرة من مأكل ومشرب وملبس، لايغني عن حاجتها للشعور بالتماسك.
فالعادات الأسرية القديمة كانت اقوى منها حديثا، حيث كانت تخرج العوائل في أنشطة ترفيهية، واجتماعية أكثر منها في الوقت الحالي.
ثالثا: حب الذات من أصعب وأعقد الأمراض التي يتعرض لها الانسان، وانحداره الخلقي ناشئ عنها، وهو ما تعبر عنه الأحاديث "حب الدنيا راس كل خطيئة" وما الدنيا إلا كل دنية.
فيعمل الفرد المحب لذاته على المكر، والخداع، والاحتيال، في سبيل اثباتها بغرض الحصول على المكانة الاجتماعية، ونظرة الاحترام ولو على حساب مجهود الاخرين ورغبتهم في اثبات وجودهم.
فكما تريد لنفسك يريد الاخرون لأنفسهم.
والأمراض النفسية والاجتماعية يطول الحديث عنها، وعن طرق معالجتها.. وهو ما يجب على المسلم مراقبته في نفسه، وأسرته، ومجتمعه.. مراقبة علاجية تضمن الحياة السعيدة له ولرفعة المسلمين.
اضافةتعليق
التعليقات