فايروس كورونا الذي غزا العالم منذ مطلع عام 2020 وقَلَّب موازينهُ رأسا على عقب، وتسبب في شلل تام لحركة العالم وأصيب سكان الكرة الأرضية بسبب هذا الفايروس التاجي بحالة ذعر كبيرة وخوف من انتشار هذا الوباء الخطير والاصابة بالمرض وارتفاع عدد حالات الوفيات، فأصبح سكان العالم في حالة قلق مستمر على حالتهم الصحية بسبب عدم اكتشاف علاج نهائي وفعال لهذا المرض.
ووسط هذه الأجواء المليئة بالشحنات السالبة من جراء هذا الفايروس هنالك جانب مشرق من الصعوبة العثور عليه في مأساة تفشي هذا الفيروس حول العالم، لكن هذا الجانب الذي شحناته ايجابية استطاع الظهور بصورة واضحة جدا كشروق الشمس في عتمة الليل.
إنه الجانب الإنساني الذي استطاع أن يشق طريقه وسط هذه المأساة المنتشرة بسبب جائحة كورونا التي أصيب بها دول العالم قاطبة ويرى النور في وسط الظلام الساكن الذي عم أنحاء العالم وظهر بكل وضوح وخطى خطوات واضحة وملموسة.
بعد أن أصبح المشهد العالمي يتداعى مع هذا الفايروس الذي عزل دول العالم قاطبة عن بعضها البعض واغلقت تأشيرات الدخول أمام جميع المسافرين في سبيل تلافي هذه الأزمة العالمية التي لم يبق مكان في العالم إلا وتأثر بها.
لذا اصبح الاحتراز هو المطلوب سواء من قبل الدول أو المجتمعات والأفراد كل دولة تحمي رعاياها حسب الطريقة التي تناسبها ولكن اتفقت دول العالم ولأول مرة في التاريخ على محاربة هذا الفيروس الخطير بسلاح حظر التجوال لمنع انتشاره، وفرضت دول العالم قانون منع التجوال على شعوبها فأغلقت المحلات وتوقفت السيارات وأصبحت الشوارع فارغة من سكانها.
إن إجراء حظر التجوال له تداعيات كبيرة من الناحية النفسية والصحية والاقتصادية فلم يضع العالم في حسبانه هذه الجائحة وهنالك العديد من العوائل حول العالم يحصلون على قوتهم بشكل يومي فكيف سيكون حالهم في الحجر المنزلي الاجباري بعد أن فرضه عليهم حكوماتهم.
سلات غذائية
من هنا استطاعت المواقف الانسانية التي خطت بأجمل الصور في جميع بقاع العالم أن ترجع الأمل إلى نفوس قد يئست ومات فيها أمل الإنسانية، وابتدأها ببلدي العراق الذي رسم صورة مشرفة وكبيرة حول التكافل الاجتماعي بين أبناء الشعب، وسط تخوف شعبي من الموت جوعا بدلا من الاصابة بفايروس كورونا بسبب تمديد حظر التجوال في عموم البلاد. التزمت حكومتنا الموقرة الصمت واتخذت موضع الساكن المتفرج.
لكن الشعب لم يقف مكتوف الأيدي كما فعلت حكومته بل على العكس بدأ الشعب العراقي بالتسابق في مساعدة العوائل المتعففة وذوي الدخل المحدود وفق حملة التكافل الاجتماعي التي انتشرت في أنحاء البلاد من اجل توفير سلات غذائية للعوائل المتعففة وذوي الدخل المحدود. تتكون السلات من مواد غذائية ومستلزمات أخرى تحتاجها العائلة بطرق جميلة وتنسيق متناغم. وقفوا العراقيين كعادتهم وقفة رجل واحد أمام هذا العدو ورسموا أجمل صور الكرم والاباء.
حملة التحدي
وقد أكد الرسالة ذاتها الشعب المصري ومن ضمن المواقف والصور الجميلة التي تبناها شعب مصر قام مجموعة من الفنانين المصريين بحملة جميلة جدا عبر السوشيال ميديا تحت مسمى حملة التحدي كل فنان يقرر انه يتكفل مجموعة من العوائل المحتاجة خلال هذه الأزمة ويتحدى هذا الفنان مجموعة من اصدقائه سواء كانوا من الوسط الفني أم من خارجة ليتكفل هو الاخر بمجموعة من العوائل المتضررة وهكذا استمرت هذه الحملة لعدة ايام وصلت إلى عدد كبير من المتبرعين واستفاد منها مجموعة من العوائل المتضررة من جراء الحجر المنزلي.
مساندة دولية
لم يقف الامر عند التبرعات سواء كانت مالية أو عينية بين أبناء الشعب الواحد ولكن تعددت صور الانسانية إلى مرحلة مساندة الدول إلى بعضها وتقديم كافة الاحتياجات حيث اطلقت دولة الإمارات العربية رسالة "لا بديل عن تكاتف الإنسانية لكبح جماح الوباء اللعين". وتحولت مطارات دبي الى جسور إغاثية على مدار الساعة، تسير قوافل وشاحنات المساعدات الغذائية والإمدادات الوقائية والطبية الحديثة.
فزعت لتقديم يد العون للدول المنكوبة حيث فتح جسر المساعدات لهن منها ايران واليمن وبلغارييا وماليزيا وغيرها من الدول التي تحتاج إلى امدادات طبية ومعدات لدعمها في مواجهة فيروس كورونا المستجد.
نقل خبرات
الصين هي أول بلد أُصيب بجائحة كورونا وأصبح بؤرة الوباء بالرغم من ذلك ساندت الصين دول العالم في التصدي لوباء الفايروس التاجي من خلال نقل تجربتها الطبية مع هذا الوباء إلى دول العالم وكيفية التخلص من هذا الفايروس الخطير حيث تم ارسال فرق طبية متطوعة لمكافحة انتشار المرض في المناطق المتفشي بها المرض كإيطاليا والعراق وايران. وقدمت المساعدات والمعدات الطبية للحد من تفشي المرض في بقية الدول.
مكافحة الأزمة
ونجد أن ثمة سباقا روسيا صينيا لتقديم الدعم للدولة العضو بالاتحاد الأوربى والأكثر تضررا بهذا الوباء ايطاليا، لم يتوقف على مجرد عبارات الدعم، وإنما امتد إلى القيام بدور في مكافحة الأزمة، التي تعد أحد أشرس الأزمات التي واجهت روما في التاريخ، عبر تقديم مساعدات دوائية من الصين، بينما أرسلت روسيا فرقا عسكريا للقيام بعمليات التعقيم.
بالرغم من شراسة هذا العدو؛ فايروس كورونا الذي تخطى عتبة المليوني مصاب وأودى بحياة أكثر من مئة ألف شخص حول العالم إلا أنه أظهر العديد من الجوانب الانسانية التي كانت مغيبة أو غير واضحة الظهور وأعطى رسائل متعددة وذو معاني كبيرة للعالم وكأن هذا الوباء هو اختبار رباني ودعوة إلهية للانسان أن يعود إلى انسانيته وصفاته الانسانية.
اضافةتعليق
التعليقات