اندلعت الثورة في بغداد وبقية محافظات جنوب العراق احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية للبلد، وانتشار الفساد الإداري والبطالة. ووصلت مطالب المتظاهرين إلى اسقاط النظام الحاكم واستقالة حكومة عادل عبد المهدي، وتشكيل حكومة مؤقتة واجراء انتخابات مبكرة. واجهت القوات الأمنية هذه المظاهرات بعنف شديد واستعملت قوات الأمن صنف القناصة واستهدف المتظاهرين بالرصاص الحي، وبلغ عدد القتلى من المتظاهرين حوالي 740 شخصا منذ بدء المظاهرات وأصيب أكثر من 17 ألف بجروح خلال المظاهرات ومن بينهم 3 آلاف إعاقة.
فضلاً على اعتقال العديد من المحتجين وأيضاً قطع شبكة الأنترنيت في العراق وتأجلت التظاهرات لفترة لأجل مراسيم الزيارة الأربعينية للأمام الحسين، ثم تجددت في يوم الجمعة ٢٥تشرين الثاني وأدت هذه الأوضاع إلى تقديم الرئيس عادل عبد المهدي استقالته ولكن هذا لم يوقف ثورة الشباب الصامد واستمرو بهتاف "ثورة مستمرة حتى استعادة الوطن"، وثورة الشباب"، "وثورة وطن"، و"الثأر للشهداء"، نريد وطن وجملة من الشعارات التي بدأ النشطاء والمتظاهرون من الشباب العراقي بنشرها خلال الأيام الماضية على صفحات التواصل الاجتماعي.
الداعون للتظاهرات طالبوا كل شرائح المجتمع العراقي بالاستجابة لهم والخروج في مظاهرة مليونية لتغيير العملية السياسية بشكل جذري، وتشكيل حكومة إنقاذ وطنية لحين تنظيم انتخابات نزيهة بإشراف دولي تؤدي إلى انتخاب حكومة من العراقيين.
العبارات التي خرج من أجلها جيلٌ كامل لأنه نحن بلد سلبت وطنتيه وخيراته على يد حكومة ((حاميهه حراميها)) وكانت هذه العبارات لها تأثير في نفوس الناس الذي تشعر بالوطن وليس لمصالحها الشخصية فقط لذلك لم يكفي استقالة عبد المهدي واستمرت الاحتجاجات فدخل على خطها طلبة المدارس والجامعات، واكتسحت الشوارع القمصان البيض في كل شوارع العاصمة ومحافظات الجنوب، وأعلنت النقابات اضرابها وتضامنها مع التظاهرات وازدحمت الشوارع بالجيل المطالب بوطن مما أدى إلى تصريح الرئيس أنه لا يجب أن يدس في المظاهرات الأطفال والمراهقين، متناسيا أن هؤلاء لم يدرسوا في مدارس ولا جامعات تليق بهم، وفي اليوم الثاني خرجت الجماهير من المدارس بأعداد أكثر من اليوم الأول، يعلن السلطان والشعب ينفذ القرارات على طريقته، وهكذا استمرت الاحتجاجات، وقد تكاتف الجميع مع المتظاهرين ما بين تقديم طعام وإسعافات من المواطنين، بشكل مستمر.
وعلى الرغم من استمرارية انتفاضة اكتوبر العراقية والتي تحولت بجهود أبطالها إلى ثورة شعبية عارمة، جارفة، صادقة وجريئة بما تعنيه الكلمة، ثورة تطالب بإقالة حكومة (القناصين) والأحزاب المافيوية التي تلطخت أيديها بدماء المتظاهرين وحل البرلمان الذي تشكل بفضائح التزوير وشراء الأصوات والذمم وحرق مخازن صناديق الإنتخابات، على الرغم من استمرارية الثورة، إلا انه يمكن استخلاص العديد من دروسها وعبرها ودراستها بعمق وبرؤية موضوعية، للاستفادة من تلك الدروس الغنية التي فتحت صفحة مشرقة في تاريخ العراق الجديد وهذا ما تناوله احد الاساتذة، وان من أهم دروسها:
1 ـ ولادة صحف جماهيرية جديدة (لسان حال الثوار الأحرار)، منها صحيفة (اعتصامات نجف ـ صدرت عددها الاول في 23 ـ 11 ـ 2019 في النجف) وصحيفة (التكتك) التي يتم كتابتها وتحريرها وتوزيعها في ساحة الاعتصام ـ ساحة التحرير)، اضافة الى أنطلاق بث شاشة (التحرير TV ) في العاصمة بغداد وفي ساحة التحرير ـ تختص ببرامج متنوعة وأخبار وأحداث الثورة بكل تفاصيلها.
2 ـ إن الذي یحدث الآن في العراق باختصار هو تنامي الوعي الوطني لدى الجيل الجديد، ذلك الجيل الثوري الذي لم يقتنع بوعودات الحكومات العراقية المتعاقبة وبأحزابها الفاسدة (بدون استثناء)، جيل يعرف أن بلده يمتلك ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم بعد السعودية حيث يقدر مركز دراسات الطاقة العالمية في لندن أن العراق يمتلك 112.5 مليار برميل من النفط في باطن الأرض لم يتم استغلالها حيث تشكل 11 % من الاحتياطي العالمي، وتُقدر احتياطات الغاز الطبيعي في العراق بنحو 110 تريليونات قدم مكعب أي ما يعادل 2% من الاحتياطي العالمي، جيل يعرف أن بلده من أغنى بلدان المنطقة بثرواته إلا أنه لايزال يعيش في ظل تدهور الوضع الأمني والتشتت الطائفي وسوء خدمات المياه والكهرباء والبلدية والارتفاع الفاحش لأسعار الوقود والعقارات والسيارات وتفشي الفساد الإداري والبطالة والفقر والخ..
3 ـ عالجت الثورة ولاتزال تعالج أمراض ومشاكل المجتمع وتفتح الباب مشرّعاً أمام هوية عراقية جديدة ووعي وطني لن يرتضى بعد اليوم أن يكون تابعا لأحد.
4_ لقد بلغ الشباب العراقي من الوعي والادراك حد أن هناك حقيقة ثابتة ترسخت في عقلهم ووجدانهم وضميرهم تتمثل بأن بعض الدول تتناوب معا على صنع مأساة العراق، وعلى هندسة خرابه وقمع الاجيال الجديدة من خلال نشر خرافات مفادها أن العراق دولة ضعيفة وغير قادرة على الدفاع عن نفسها.
موقف القانون
يقرّ الدستور العراقي في المادة "38" على أن الدولة "تكفل بما لا يخل بالنظام العام والآداب، حريّة التعبير عن الرأي بكل الوسائل، وحرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر، وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون".
وهي المادة الوحيدة التي تشير للتظاهر السلمي وحرية التعبير عن الرأي، فيما يوجد مشروع قانون أو "قانون قي التشريع" يحمل هذا العنوان، ونجد مواد القانون غير المفعّل على موقع مجلس النواب العراقي، تشوب بعضها المعاني العامة غير المحددة وتسمح للسلطات التنفيذية تفسيرها كما تشاء.
بالتالي، فإن التعامل مع المتظاهرين في العراق، غير مقيّد، إنما محكوم برغبة المسؤولين في السلطات التنفيذية، لكن هذه ليست النهاية.
يقول القاضي زهير كاظم عبود في مقال له، إن مواد قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل الخاصة بمعاقبة المتظاهر والتجمهر في المحلات العامة "تكون ملغية ولا قيمة قانونية لها في حال استحصال الموافقات الأصولية على التظاهر".
ويضيف أن "مخالفة الدستور والاستخفاف بالقوانين وحدها تشكل جريمة ينبغي أن يتم تطبيقها على الموظف الحكومي الذي يرتكبها، وأن تتم معاقبته ونشر عقوبته وفعله في وسائل الإعلام حتى يمكن أن يسهم ذلك في ترسيخ واحترام حقوق الإنسان في العراق".
ويؤكد القاضي عبود، أن حق التظاهر تعبير عن حالة رفض واحتجاج على موقف أو قرار، أو المطالبة بحق يراه المتظاهر إصلاحاً للحال، ومهما كان الغرض من التظاهر سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً".
وكان الأسبوع الأول من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، قد شهد قمعاً لجميع التظاهرات في مختلف المدن العراقية، وأدى "استخدام القوة المفرطة، لمقتل 157 شخصاً، بينهم 149 مدنياً، والبقيّة من قوات الأمن"، وفق تقرير لجنة التحقيق الحكومية وتعرض للكثير من الانتقادات، كما اعتبره بعض أهالي الضحايا "استهانة بدمائهم".
وقد انشق الشعب إلى عدة فرق وهذا الانشقاق ادى الى إثارة الغضب بين المتظاهرين في ساحات التظاهر وحدثت مشاكل فيما بينهم وترددت مفردة ((ذيل)) بسبب هذه الشعارات لذلك أيها الإخوة المتظاهرين اتركوا هذه الشعارات التي تؤدي إلى خراب علاقاتكم فيما بينكم لأنكم شعب متكاتف خرج برجاله ونساءه واطفاله من أجل تحرير وطنه من كل فساد والعراق يبقى حرا مادام يمتلك هكذا قلوب خرجت من أجله..
قلوبٌ تتظاهر بسلمية وليس بالحرق والإضرار بالناس وهذه ما كانت إلا أشياء هدفها تشويه صورة التظاهرات السلمية التي تدعمها المرجعية الدينية وجميع فئات المجتمع من خلال تقديم كافة الوسائل لهم من إسعافات أولية وطعام. الخ، وشاهدنا أيضا العديد من المحامين كانت لهم وقفة مشرفة في الدفاع عن حقوق المتظاهرين المعتقلين من خلال التوكل مجانا وبذل كافة جهودهم لأطلاق سراحهم وهذا دليل على دعمهم للمتظاهرين بطريق القانون والحق الذي سارو عليه في عملهم.
ما أجملك يا بلادي بتلك القلوب النقية المتكاتفة المتعاونة فيما بينها وهذا مااوصى به الله سبحانه وتعالى في قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)).
ولم يشعر بهذه الآية فقط من كان يتقي الله سبحانه وتعالى ويأخذ عبرة من غيره لديه اعتقاد بأنه ما هذا إلا أشياء فانية ولم يبقَ للأنسان سوى عمله الصالح من كل شيء لذلك أيها الحكومة السالبة للحقوق ما عليكم إلا ترك الكرسي الذي عمى قلوبكم وجعلكم صم بكم عن كل شيء.
اضافةتعليق
التعليقات