جاءَ النبيُ إلى البتولِ مُخاطِبًا
يافاطمٌ هل تقبلينَ بحيـــدرة
ذابت حياءً ثــمَ أحنت رأسهـــا
قد وافقت بنتُ النبي الطاهرة
وَرَضت بهِ زوجًا بمهرٍ لم يُرى
مثلًا لهُ طول السنين العابرة.
قال اللطيف: في كتابهِ العزيز ، بسم الله الرحمن الرحيم؛
﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾ الفرقـان-٥٤
الآيـة التي تلاهـا النّبـي 'ﷺ' في خطبـة زواج النورين، إن إدراك جمال الإرتباط والحب ونقاءه وطهارته لانجدهُ إلا في زواج عليٌ وفاطمة.
ومانراهُ اليوم بعيد كل البعد عن الحُب والشراكة الطاهرة الدائمة فقد بات الإرتباط زيفا فهو عبارة عن غلو وفكر شاغر همُ الفتاة هي البهرجة والطلبات والشروط التي تجعل الشاب المؤمن الذي لايستطيع توفيرها على العزوف عن الزواج ما يؤدي ذلكَ إلى الإنحراف. إن زواج فاطمة ومهرها الذي كان من أبسط المهور على مدى العصور والأزمان وذكرهُ في التأريخ لم يكن إعتباطـًا إنما هو رسالة يريدُ الله بها إصلاح المجتمع بقناعة المرأة وجعل معاييرها في الإختيار أسمى وأرفع من هذهِ الشَكليات الزائفة.
لم يكُن الزَّواج مُباهاةً في المُهور، واختيار الفستان واختيار كل شيء من البراندات العالمية والتفكير في ماذا سيقول فلان، ولابد أن يرى فلان؛ إلا عِندما فقد الشاب والفتاة هدفهُما الأساسي من الزَّواج؛ فكما نعلم إن لكلِ مشروع هدف فكيف بهذا المشروع المقدس الذي حثَ عليه أهل البيت في كثير من الأحاديث ألا نجعل لهُ هدفًا!
إن ما اسمعهُ من الفتيات المُقبلات على الزواج من أهداف واهية تجعلني لا أنصدم في النهاية عِندما ينفصل بعضهم عن بعض أو دوام المشاكل التي لاحلَ لها. فمن يكون هدفها السفر إلى دول معينة!، أو إغاضة بعض من معارفها!، أو تحقيق هدف لامعنى له ولايُرضي الله أصلا!، ماذا تكون نهايتها؟ كيف يُبنى بيت على هذا الأساس الركيك وهذهِ الأهداف الزائفة!.
إن مانلاحظهُ في الآونة الأخيرة من إهتمام بهذهِ التفاصيل التي بدأن يتسابقن فيها الفتيات يُثير الشجن؛ ماذا يعني أن تكون حفلة في قاعة مع فستان وكوشة بمبالغ هائلة لعقد قرآن السيد؛ وحفلة بنفس الطلبات مع جلسة تصوير متكاملة في عقد قرآن المحكمة؛ وبأغلى منها وأضخم لحفل (الحنة) وحفل الزفاف، مع تذاكر سفر لقضاء شهر (العسل) كما يسمونه في دولة معينة!.
وبعد كل هذا العناء وهذا البذخ تجدهم في عِراك دائم ومشاكل إن لم ينفصلان عن بعضهم أصلًا.
السبب؟ لأن الهدف لم يكُن ثابتا والتفكير كان آنيا ومحدودا بعقلية جوفاء والأساس كانَ مُبتذلا وضعيفا.
لم تعي وتُدرك أن الزواج هو بيتٌ سَعيد، يُبنى على طاعةِ الله، أساسهُ حب الله وجدرانهُ التقوى، وفراشه الحب، وعطرهُ التسبيح، وطعامهُ الود، ونظامهُ الإحترام، وسَقفهُ "إيَّاكَ نَعبُد وَإيَّاكَ نَستَعِين". ألم يُبنى بيتُ عليٌ وفاطمـة على هذا الأساس فأينُ نحنُ منهم؟!
فشباب اليوم يبحثون عن كائن جميل يفتخرون بهِ أمام الرفاق، والفتاة تفعل نفس الشيء، و الأهم من ذلك أن يكون حفل الزفاف مبهرًا وأن يرقصا ببراعة ليبدوان بشكل مميز يُبهر الحاضرين. لا أحد منهم يُفكر في الخطوات التالية ولا الأيام القادمة، غيَّر مُبالين كيف سيكون المستقبل ثم تتزايد المسؤوليّات والمشاكل، ويكتشف الشابان أنّ الأمر لا يتعلّق برحلة أو بمهر أو ببذخ فقط بل وراءهم جبل من المسؤوليّات المرهقة؛ لهذا يتم الطلاق في زيجات اليوم أسرع من الوقت الذي تشتري فيه سلعة!.
نحنُ لانتحدث بالمثالية فلاضير في تأمين المستقبل في النظر إلى الأمور المادية فالحياة صعبة وبحاجة إلى مصاريف عديدة وطلبات ولكن ليس بهذا الشَكل من الإسراف والترف الذي يُقحم كاهل الرجل والذي لايُرضي الله ولاحتى الضمير. فلنُحاول جهد إمكاننا النظر بعين الإعتبار إلى سيرة أُمنا فاطمة لنحذو حذوها لسلامة ودوام العلاقة المقدسة تلك وذلك الإرتباط الرفيع.
اضافةتعليق
التعليقات