(زاحف) (فلان زاحف) (انت زاحف)، انتشرت في الآونة الاخيرة هذه المفردة وتم تداولها بكثرة في المجتمع العراقي، وخاصة بين الشباب، في عصر وسائل التواصل التي اصبحت غير صالحة، وباتت جاهزة للفتنة والضياع، تجد هذه الكلمة في قاموس مفرداتهم التي لا تعرف عن أصلها وتاريخ ظهورها، وانها وليدة هذا الجيل، سأحاول هنا جاهدةً ايها القراء أن يكون موضوعي مختلفاً قليلاً، لنعرف معنى المفردة التي نقولها.
في اللغة العربية يقال ان زَحَفَ الزَّحَّافُ، دَبَّ على رُكْبَتَيْهِ وَيَدَيْهِ، زَحَفَ إِلَيْهِ: مَشَى، زحَف على بطنه: تذلَّل.
يراد من كلمة زاحف بين الشباب هو من يتذلل للفتيات ويرغب في الحديث معهن، عن طريق طلب الصداقة والتعليقات، والدخول الى غرفة الدردشة، وأغلب هذه المحاولات هي التعارف واقامة العلاقة المحرمة بين الشاب والفتاة، وإن تغيرت الاساليب والطرق إلا انها بقيت كما هي علاقة محرمة ما لم يدخل الحلال فيها، وليست بريئة وطاهرة كما هي في المسلسلات والأفلام، فيخرج الشاب والفتاة بصورة الملائكة والمجتمع يستقبل هذه الرسائل المسمومة من دون علم منه، يتابع الاحداث وبعض الاحيان يصبح المشاهد هو المخرج، فتظهر لنا هذه العلاقة المحرمة بصورة عادية جداً، وفي حكم الله ليس عادياً قط، تعاملنا مع الخطأ على انه صح، والصح في وقتنا أصبح من التخلف والتقيد، ففي حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد في رأسه، أهون عليه بأن يلمس امرأة لا تحلّ له.
وبعض الشباب يتباهى بتلك العلاقة، وبعدد الفتيات التي عرفهن، فيبدأ من حرف الالف الى الياء، يعرض رجولته في الحديث عن كم العلاقات التي اقامها، وعلى المحادثات التي دارت بينه وبين تلك الفتاة، في جلسة خاصة من نوعها.
فما الأسباب التي جعلت الشباب ينحدرون في هذه العلاقات، وهل يتمكن الشارع الديني والاخلاقي ايجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلة؟
أسبابها كثيرة جعلت من الشباب يتورط في هذه العلاقات، منها:
_فشل الآباء في تربية ابنائهم تربية صالحة، وقلة الثقافة الدينية التي حرمت هذه العلاقة وجعلتها تحت اطار الزواج.
_ تأثير المسلسلات واختلاط الشباب في الاماكن المتفرقة، وانفتاح مواقع التواصل واباحة البرامج المختلطة بين الشباب وسهولة التعارف فيها.
_اوقات الفراغ لدى الشاب مما يجعله يبحث عن فرصة للدردشة وقضاء الوقت.
_الإحساس بعدم الرجولة فيحاول اثبات رجولته عن طريق قائمة الفتيات التي تعرف عليهن.
_ العزوف عن الزواج هو من يجعل الشباب يبحث عن البديل.
_الكتم، فيبحث عن الذي يفهمه فيتجه نحوه للتعرف عن طريق التلفون او النت وتبدأ الفضفضة والتعلق.
_أصدقاء السوء والسماع لقصصهم.
والحل الجذري لهذه المشكلة هي:
_مراقبة الأبناء وتربيتهم تربية نافعة سليمة، فيجب ألا تتيح لهم فرص الانفلات تحت أي مسمى كان، ومتابعة تطوراتهم، فللأسرة الدور الأكبر في الحد من الآثار السلبية في تربية الابناء.
_إرشاد توعوي للشاب وتعريفه عن ما هو مشروع في مشاهدة ومتابعة البرامج الجيدة والهادفة، وما هو ممنوع في المواقع، هنا يظهر دور الأهل الاعلامي وتصديهم لأي محاولة في ترغيب ابنائهم والمجتمع.
_مواجهة تلك التأثيرات الخطرة التي تهدد مستقبل الشباب واخلاقياتهم، والقضاء على هذه الظاهرة (الزحف) من خلال التمييز بين الحلال والحرام، في تلك المواقع الاتصالية والإعلامية الخبيثة.
_توعية الشباب من خلال الندوات التنموية والتثقيفية الهامة التي تشغل الشاب عن هذه الملذات الشيطانية.
_تقبل سلوكياتهم بعقلانية ومن دون تعصب فأي تصرف قد يوقع في خطأ اكبر، فلا نعالج الخطأ بالخطأ.
_ايجاد الفرص المناسبة للشباب لعرض مواهبهم وزرع الثقة في قدراتهم وعدم تهميشهم.
_المعاملة بالرفق واللاعنف مع الشباب حتى لا يبحث عن الامان في غير موضع.
_التعامل معهم على انهم نماذج صالحة للمجتمع، وانهم ليسوا سيئين.
_الزواج المبكر هو الدرع الحصين لهذه المغريات كما قال الله عز وجل “وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” (سورة النور- 32).
_تعزيز القدوة الصالحة للشباب وحثهم على الاقتداء بها، فقد ضرب الله للشباب مثلاً في الانبياء المرسلين كنبي الله ابراهيم عندما تطلع بفكره وبحث عن حقيقة العبادة، فكان نموذج الشاب الموحد في عصره.
ولكم في قصة نبي الله يوسف عبرة، فقد واجه عواصف الاغراء بقوة الايمان، فلم ينغر بتلك الاغراءات والوعود وثبت على العهد وبقي محافظاً على حياءه، ولم يستجب لهواه، في ظرف كان من الصعب ان يجتاز هذه المخاطر، ولكنه أبى ان يُسلم لرغبته ويكون مع الشيطان، ومع كل تلك الاقفال خرج يوسف طاهراً عفيفاً، فكان نموذج للشاب الصالح.
نماذج كثيرة ذكرها القران الكريم لأهمية دور الشباب في بناء المجتمع، وان صلاح المجتمع متوقف على صلاحهم، وفساد المجتمع يرجع الى فساد الشباب وضياعهم، الكلام ليس فقط للشباب حتى الفتاة هي الأخرى تتحمل مسؤولية هذا الاصلاح، فكلاهما مشمول في بناء أو هدم المجتمع، ونحن اليوم بحاجة الى شاب مثقف واعي يهتم في قضايا البلد ويساعد في حل قضاياه، ويرفع صوته مطالبا بحق الشباب في المستقبل من فرص العمل، واحترام الشهادة،... الخ، وعذراً لهذه الكلمة لسنا بحاجة الى شاب (زاحف).
اضافةتعليق
التعليقات