العولمة هي الحركة الاجتماعية التي تتضمن انكماش البعدين الزماني والمكاني، محل يجعل العالم يبدو صغيراً إلى حد يحتم على البشر التقارب بعضهم من بعض، وهناك تدخل الواضح في قانون الاقتصاد والاجتماع والسياسية للدول ذات السيادة أو الانتماء إلى وطن محدد أو الدولة معينة، دون حاجة إلى إجراءات حكومية.
إن العولمة الغربية وخصوصاً الاقتصادية منها، هي ظاهرة غربية مستحدثة، وقد كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة، وراح الكثير من علماء الاقتصاد والسياسة الغربيين الترويج لها، والحديث المسهب عنها، والتلويح بتطبيقها في العالم، إنقاذاً منهم لأنظمتهم السياسية ومناهجهم الاقتصادية ونظرياتهم الوضعية، التي باءت بالفشل الذريع ، والافلاس التام، والنتائج المخيبة للآمال وفي هذا الوقت،
ونجد في الوقت ذاته إن المسلمين حينما تمسكوا بإسلامهم وعملوا وفقاً، لتشريعاته وأحكامه، فقد قفزوا إلى الأمام قفزات كبيرة وسريعة ورحوا ينشرون الإسلام في أقصى بقاع الأرض، من الصين شرقاً إلى خمس مقاطعات من جنوب فرنسا غرباً، كما هو مذكور في التاريخ.
وعندما رأى المستعمرون والحاقدون على الإسلام والمسلمين ذلك يكيدون المكائد الخبيثة، ويخططون في السر والعلن على استعمار البلاد الإسلامية، بعد تمزيقها وتفريقها وإبعادها عن دينها الإسلامي، وقد اتفقوا جميعاً على مبدأ السيطرة العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإعلامية للبلاد والعباد ليتسنى لهم النهب والسلب والهدم ، وزرع البدع والأفكار الضالة المضلة، والأحزاب المأجورة التي تنشر الفساد والإفساد في الامة وتمزق أوصالها.
ومن الطبيعي نجد إن العولمة الاقتصادية أي النظام الاقتصادي العالمي وراءه حكام سياسيون وخبراء اقتصاديون واضعون نصب أعينهم مصالحهم الشخصية ومنافعهم الفردية، والواقع هناك الكثير من البلدان تراجعت اقتصادياً وعرضت شعبها للجوع والحصار بحكم الديون المتراكمة عليها بعد قانون الفائدة الدولية التي وضعتها الدول الاكبر، ولا ننسى إن الرأسمالية قد تعرضت لهزات مالية عنيفة ومعضلات اقتصادية حادة، فساءت منتوجاتها للإمساك بقيادة الإنتاج في العالم من جهة، ولتصدير مشاكلها وبضائعها الرديئة إلى بلدان العالم الأخرى.
وعليه فالعالم الإسلامي مهدد كله بأخطار العولمة الاقتصادية إن محاولات الضغط والكبت والاستضعاف والاستثمار التي تحاك ضد البلدان الإسلامية إنما هي من أجل زلزلة أمنها وزعزعة استقرارها، وتعطيل مؤهلاتها وسحق كفاءاتها كي يلجئوها إلى الدخول في تيار العولمة الغربية بأضرارها، أما عن أدوات العولمة فهي كثيرة، وأبرز هذه الأدوات.
1- منظمة الأمم المتحدة، والتي تأسست رسمياً عام 1945م، والتي تتدخل بدورها في كل الدول النامية وتحت ذرائع عدة تمكن الدول الكبرى من السيطرة عليها، فاحتلال العراق مثلاً يتم تحت غطاء الأمم المتحدة والذي تحولت بسببه العراق إلى محمية اقتصادية لأميركا.
2- صندوق النقد الدولي، الذي يعمل على إغراق الدول المستهدفة بالديون لتصبح عاجزة أو شبه عاجزة عن ملاحقة خدمة الديون وفوائدها المتراكمة، فتكون بالتالي وسيلة لبسط النفوذ على البلاد، وتصبح الدولة الممولة أو المقرضة هي المتحكمة بالدولة المدينة، فتفتح لها سوقها وتقدم لها كل التسهيلات فتمتص خيراتها وتستنـزفها.
فعندما تصبح الشركات عابرة للقارات ومتعددة الجنسيات يعني أن ثروتها ستصبح أكثر من بعض الدول، ويعني أنه لن تقوى الشركات العادية المحلية على منافستها، وهذا يؤدي بالتالي لإغلاق الشركات الصغيرة واضمحلالها مع الوقت، وهذا يترتب عليه أن المجتمع سيتحول إلى طبقتين وهما الأغنياء الذين يملكون أكثر من 90% من رأسمال البلد في حين لا يتجاوز نسبتهم من المجتمع أكثر من 10%، والعكس صحيح بالنسبة للطبقة الأخرى وهي الفقراء.
فعلى سبيل المثال هناك 350 شركة كبرى تستأثر بما نسبته 40% من التجارة الدولية. هذا وقد بلغت الحصة المئوية لأكبر عشر شركات في قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية 86% من السوق العالمي، وبلغت هذه النسبة 85% من قطاع المبيدات وما يقرب من 70% من قطاع الحاسبات و60% من قطاع الأدوية البيطرية و35% من قطاع الأدوية الصيدلانية و34% من قطاع البذور التجارية.
وحسب إحصائية لعام 2002م فإن الشركات متعددة الجنسية تمتلك 44% من قيمة الإنتاج العالمي فيما تبلغ حصة أفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية 4.6% من مجمل الإنتاج العالمي.
وبما أن نظام العولمة سيخفض نسبة الحاجة إلى العمال إلى 20% أي سيظل 80% منهم عاطلون. وهذا هو الذي يسميه دعاة العولمة بمجتمع الخمس؛ لأن بعض القطاعات في مجال الإلكترونيات والإعلاميات والاتصال، وهي من القطاعات الأكثر رواجًا في العالم، لا تحتاج إلا إلى عدد قليل من العمال. فالتقدم التكنولوجي يؤدي في إطار العولمة إلى ارتفاع البطالة وانخفاض مستوى الأجور نظراً لقلة الطلب على العمال.
فما هو موقف الإسلام من العولمة الاقتصادية؟
عولمة الإسلام هي عولمة الحق والسلم والأخلاق لأن دستور هذه العولمة هو القرآن الكريم الذي يتجدد مع كل زمان ، وجعل المشرع الاسلامي ضوابط للاقتصاد منها تحريم الربا واكل السحت وتقديم قانون الصدقة ودفع الزكاة للمستحقين والخمس، ورفض الاحتكار المادي، وهذا ما لم نجده عند الغرب لذلك جعل قانون الاقتصاد سهل ومبسط جدا في الاسلام، والذي ينافي تماماً النمط الاقتصادي الرأسمالي، وأحكاماً للجمارك والضرائب التي لا تشابه النظام الرأسمالي مطلقاً، كما ويملك الإسلام نظامه النقدي القائم على قاعدة الذهب والفضة، ونظامه المصرفي الخاص به، ففي الإسلام القيمة المادية هي إحدى القيم، والقيم الأخرى تحكمها كالإيثار وهناك قول لكاتب انكليزي "إن الأزمة التي يعاني منها الأوربيون في العصر الحديث إنما ترجع في أساسها إلى الفقر الروحي، وإن العلاج الوحيد لهذا التمزق الذي يعانون منه الرجوع إلى الدين".
اضافةتعليق
التعليقات