عندما يوقفك أحدهم في منتصف الطريق وأنت تحب متابعة مسيرك، ستكمله وإن أوقفتك ألف قوة، خصوصا إذا تمتعت بالدعم من جوانب أخرى، أما إذا كان المسير مفترض عليك فأول سيطرة ستعيدك إلى الوراء وقد تخرجك من ذلك الطريق بلا عودة، وهناك من يسير لكن مع كل عقبة يقف طويلا أو يتقدم ببطء، هذه الإعاقة التي يسببها أحدهم ليحول دون تقدمك تلازمك حتى في الطرق الأخرى التي تريد أن تتقدم فيها، فتقدمك يكون مرهونا بالنظر إلى الوراء أو السير بحذر مفرط من أن تواجه سيطرة أخرى.
القمع الفكري بمفهوم بسيط هو إيقاف عجلات الفكر عن التحرك وإن تتحرك فتحركها وفق ضوابط معينة، هذه الحدود رُسِمَتْ بكلمة أو إشارة أو حتى تكون وليدة الموقف، ووثّقَتْ في مكنونات الذاكرة الحاكمة في أعماق الجزء الباطن من الإنسان والذي يستظهر ويُخرج مخرجاته ما إن صادفه ذات الموقف أو الرديف له وحتى في الأحداث العامة.
فعندما تُثار فكرة لدى الطفل أو سؤال يحاول أن يعرفه أو يبديه فتزجره الأم كونها لا تعلم الإجابة أو تحكمها عادات كعدم مشاركة الأطفال في الحديث، ويتكرر هذا الموقف مع المعلم حيث يسأل عن ما إذا كان أحدهم لديه سؤال _وهذه بادرة جيدة_ وعند تلقيه أول سؤال يبدأ بالإستهزاء والتوبيخ وجعل الطالب عرضة لسخرية زملائه، هذه الحالة ومثيلاتها تُعرض الطالب لحالة من التخوف من أي مبادرة للسؤال والاستفهام أو طرح الأفكار حتى وإن كانت جيدة ورائعة، ثم يتحول الخوف من المحاولة إلى عدم محاولة أساسا ثم عدم تفكير، هذا القمع الذي تمارسه العائلة أو المعلمين هو المسؤول عن تردي أفكار الشباب وإنصياعهم وتقليدهم لأي فكرة تُطرح بالساحة، وعدم إخضاعها للعقل.
القمع الفكري ظاهرة شائعة في نطاق المدارس وهي أسهل سلاح يستخدمه المعلم في حال وضعه الطالب في موقف لا يعرف الإجابة كونه لا يريد أن يخسر مكانته كمدرس فيلجأ إلى أسلوب القمع، ضعف الأساليب والإستراتيجات التربوية وعدم شمولها على طرق للتعامل مع المواقف التربوية فترى المعلم عندما يتخرج يعتمد على أساليب إكتسبها إما من معلميه فيكرر أخطائهم أو يأخذ منهم ما يفيده، أو يعتمد على ما تمليه عليه أهوائه الشخصية، فتعليمنا اليوم قائم على ما يملكه كل فرد من ثقافة، لا على أساس محكم أو نابع من كُتِب أو معلومات رصينة، وهذه مشكلة من الضروري أن تهتم بها وزارة التعليم العالي وكذلك وزارة التربية بإقامة ورشات تدريبية لتعليم أساليب التعامل مع الطلاب وفق ما تتطلبه أعمارهم، وتزويدهم بإستراتيجيات للنهوض بفكر الطلاب أو بمستواهم العلمي.
اضافةتعليق
التعليقات