هل العالم على موعد مع تفشي وباء جديد حول الكرة الأرضية عما قريب؟ وربما بما يتجاوز في ضرره الخسائر التي لحقت بالبشرية من جائحة "كوفيد-19" قبل بضعة أعوام؟
خلال الأسابيع القليلة الماضية ومع نهاية عام وبداية عام جديد بدأ العالم في رصد ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي في الصين، بما في ذلك الإنفلونزا من النوع (1) وفيروس التهاب الكبد الوبائي البشري على الأطفال وكبار السن، ويرجع هذا إلى الطقس البارد واستئناف الحياة الطبيعية بعد "كوفيد-19". وعلى رغم الادعاءات عبر الإنترنت، فإنه في واقع الأمر لا توجد هناك علامات مؤكدة عن انتشار أي وباء جديد أو تنبيهات رسمية، مما يجعل الأمر ارتفاعاً موسمياً ليس أكثر.
وفي حين أن هناك بالفعل ارتفاعاً في أمراض الجهاز التنفسي في الصين، إلا أن الحكومة الصينية ومنظمة الصحة العالمية لم تصدر أي تنبيهات رسمية أو تعلن حال الطوارئ، لذا وعلى رغم الإشاعات الفيروسية فلا يوجد وباء جديد في الأفق، في الأقل ليس بعد، غير أن تلك الأنباء تضعنا أمام تساؤلات جوهرية عدة، تبدأ من عند ما هو آني، أي حقيقة ما يجري في الصين، عطفاً عن التساؤلات الأهم وفي مقدمها "هل العالم بالفعل على موعد مع باء جديد قادم لا محالة؟ أين سيكون منشأه هذه المرة؟ ثم الأهم في واقع الأمر هو هل البشرية مستعدة بالفعل لملاقاة مثل هذا الوباء؟ هل لديها رؤية لمواجهته؟ هل تعلمت الدروس من الوباء السابق الذي لم يتجاوز خمسة أعوام؟".
تبدو التساؤلات عادة أهم من الإجابات، وربما هذا هو وقت يتعين فيه على قادة العالم، ومسؤولي المنظمات الدولية، وفي مقدمها منظمة الصحة العالمية، وضع رؤى وتصورات جديدة لمواجهة تطورات، وربما تدهور الأوضاع الصحية العالمية حتى لا تفاجئ البشرية بما هو أخطر في المدى الزمني المنظور.
من أين البداية؟ وما الذي يجري في الصين؟
باختصار صور الزيادة الأخيرة في حالات الفيروس الرئوي HMPV في الصين بصورة خاطئة على وسائل التواصل الاجتماعي كدليل على انتشار فيروس جديد في البلاد مع بعض المنشورات التي تزعم أن ذلك دفع الصين إلى إعلان حال الطوارئ. غير أن الحقيقة هي أن فيروس الإنفلونزا البشري، الذي يسبب التهابات الجهاز التنفسي المشابهة لنزلات البرد والإنفلونزا، ليس جديداً في الصين أو في أي مكان آخر من العالم.
من جهتهم قال مسؤولون صينيون ومتحدث باسم منظمة الصحة العالمية إن من المتوقع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس التهاب الجهاز التنفسي البشري وأمراض الجهاز التنفسي المعدية الأخرى خلال الشتاء والربيع.
ويقول الخبراء إن هذا الارتفاع في حالات الجهاز التنفسي، بما في ذلك فيروس التهاب الكبد الوبائي البشري، مدفوع، إلى حد كبير، بالطقس البارد واستئناف الحياة الطبيعية بعد "كوفيد". والشاهد أنه لأعوام أبقت عمليات الإغلاق الصارمة والحد من التفاعلات الاجتماعية عديداً من الفيروسات تحت السيطرة، مما جعل الناس، بخاصة الأطفال، أقل تعرضاً لمسببات الأمراض اليومية، غير أنه الآن وبعد أن أصبح العالم أكثر انفتاحاً هناك حكماً "فترة تعويض"، إذ يبدأ البشر بالتعرض من جديد للفيروسات والجراثيم، التي تضرب الأطفال والبالغين المعرضين للخطر بشدة، هل هذا وباء حقاً؟
في الواقع أن هذه لا تزال مشكلة محلية صينية، ولا توجد علامات على أنها تصل إلى مستويات وبائية، حتى وإن حاول بعضهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي إظهار المشهد على أنه جائحة جديدة متفشية، عبر كثير من الفيديوهات المركبة وغير الحقيقية لمستشفيات في الصين تبدو وكأنها مكتظة بالآلاف من المصابين، مما وضع العالم في الفترة الماضية في حال خوف شديد، لكن وعلى رغم هذا كله، يبقى التساؤل: هل يعني ذلك أنه ما من وباء قادم بالمرة؟ أم أن الوباء قادم لا محالة فيما الجميع ساهون غير متيقظين للهول الأكبر الذي لم يأتِ بعد؟
وباء "إكس" وأمراض أخرى في 2025
قبل أن ينصرم العام الماضي بأيام معدودات، خرج الدكتور مايكل هيد الباحث في منظمة الصحة العالمية بجامعة "ساوثهامبتون" برؤية عن 11 وباءً محتملاً في العام الجديد، ومن أبرزها مرض "إكس" الغامض الذي يمثل التهديد الأكبر بسبب عدم معرفتنا بطبيعته حتى الآن. وتطلق تسمية "إكس" على أي عدوى غير معروفة حتى الآن، وتعد هذه الحال واحدة من 11 مرضاً آخر تعدها الأوساط الطبية من أكثر الأمراض التي تثير القلق في العام الجديد، وتشمل هذه القائمة أمراضاً مثل الحصبة والكوليرا والقمل وإنفلونزا الطيور وحتى تفشياً آخر لفيروس كورونا.
ماذا عن مرض أو وباء "إكس" المهدد الجديد لحياة العالم أخيراً؟
بحسب الدكتور هيد فإن مرض "إكس" هو من الأمراض التي قد تؤدي إلى انتشار واسع، وربما جائحة، ويضيف أن العالم سيكون في حال عدم الاستعداد إذا ظهر تفشٍّ مفاجئ لهذا المرض، تماماً كما حدث مع فيروس كورونا الذي صدم العالم. وعلى رغم أن مرض "إكس" لا يصف حالاً محددة واضحة، فإن فكرة وجود فيروس أو عدوى بكتيرية غير معروفة هي أمر حقيقي للغاية، وقد حث العلماء الحكومات على الاستعداد لما قد تطرحه الطبيعة من تحديات، ونظراً إلى أن مرض "إكس" يمكن أن يكون فيروساً أو عدوى بكتيرية، فإن أعراضه قد تختلف بصورة كبيرة حسب تركيبته البيولوجية، وإذا كان الفيروس تنفسياً فقد يسبب سعالاً أو صعوبة في التنفس، بينما إذا كان عدوى بكتيرية فقد يتسبب في أعراض شبيهة بتلك الخاصة بالتهابات المعدة. ولا تتوقف الأوبئة المهددة لحياة البشر عند حدود المرض الغامض فحسب، فهناك قائمة من المهددات التي يمكن أن تشكل نوازل على البشرية، من بينها عدد من أنواع الحمى، مثل حمى الضنك، وهي أكثر الأمراض الفيروسية شيوعاً، التي ينقلها البعوض، وتصيب حمى الضنك بصورة كبيرة الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الاستوائية مثل جنوب شرقي آسيا وأميركا اللاتينية. ونظراً إلى ارتباطها بتغير المناخ بدأت حالات حمى الضنك بالظهور في مناطق جديدة، بما في ذلك جنوب أوروبا، مما يشير إلى أن المرض قد يصبح تهديداً عالمياً. حسب اندبندت عربية
اضافةتعليق
التعليقات