هاقد انتهت زيارة الأربعين وانطفأت شموع الوافدين ونيران اشتياقهم بدموع الوداع وأصبحت شوارع كربلاء المقدسة تبكي زائريها وتودعهم على أمل اللقاء في العام القادم.. يالها من زيارة عظيمة مليونية إنه العشق الحسيني يرتسم في ملامح عشاقه..
هذه السنة لم يكتب لي الخروج إلى الزيارة منذ بدايتها أو المشاركة بأي مهرجان أو موكب حسيني لظروف قاهرة منعتني من ذلك.. لذا كنت أراقب عن بعد وكلي شوق لأكون مع محبي وعشاق الإمام الحسين عليه السلام.
فكنت أراقب عبر مواقع السوشيال ميديا ولكن حرب التسقيط الإعلامية على الزيارة الاربعينية قد أحرقت قلبي وماكان يؤلمني هو التسقيط والنقل غير البناء وغير الهادف من خلال حسابات لشخصيات لها تأثير في المجتمع ويؤسفني أن أقول شخصيات شيعية موالية..
كان الحديث جميعه عن السلبيات وشوارع كربلاء قد استهلكت والزوار متخلفين وزوار الأربعينية فقط جاؤوا للتخريب، وايصال الصورة السلبية فقط... منها التقاط صور لشباب قد كتبوا عبارات تافهة أثناء الزيارة واخذت حيزا كبير في السوشيال ميديا... أيضا انتشرت صور لشابات متبرجات أثناء الزيارة وأخذت صاعا كبيرا في التواصل الاجتماعي ووو الكثير من التصرفات المشخصنة التي لا أعرف الذين افتعلوها هل هم من الزوار السذج أم لديهم غايات أخرى..
ونجد رواد السوشيال ميديا قد قاموا بنشر هذه الصور بكل غباء وبدون وعي أو ادراك بحجة أنهم يريدون الإصلاح والتوجيه ولكن طريقة الطرح لا تدل إلا على الاتهام والتنكيل وتشويه صورة زوار وضيوف أباعبد الله الحسين عليه السلام.
اعتصر قلبي كثيرا عندما كنت أتصفح ولا أرى سوى أصابع الإتهاب والإنتقاد.
تركت مواقع التواصل وذلك لسلبية الطرح بها والتجأت إلى التلفاز بحثت على القنوات الشيعية والإخبارية لم أجد مايشوه الزيارة ولله الحمد كانت فقط نقل أحداث بصورة مباشرة ولكن استوقفتني مراسلة في إحدى القنوات الأخبارية غير عراقية ولن أذكر اسم القناة أو المراسلة حتى لا تكون دعاية أو ماشابه ولكن أحببت أن أنقل ماشعرت به..
المراسلة لبنانية، ولكن تفاجئت أنها قد نقلت أحداث زيارة الأربعينية في محافظة كربلاء وهي ترتدي الشال الأسود والعباءة الكربلائية بصورة جميلة وأنيقة ومحتشمة بالرغم من أنها غير محجبة ولكن تعمدت احترام تقاليد المدينة التي تواجدت بها واحترام أهلها ونقلت إلى كل من شاهد القناة والنقل الإعلامي عن أربعينية الإمام الحسين عليه السلام صورة جميلة عن الحجاب الزينبي، هذا هو فعلا الإعلام المحايد الذي ينقل الحقيقة بصورتها الواقعية، كانت هذه المراسلة تتكلم بحب وتصف كل حادث بوصف جميل ورائع.
عندما رأيتها قلت إن هذه المراسلة بحد ذاتها درس من دروس زيارة الأربعين وتعجبت لماذا لم أرَ صورة لها وهي ترتدي العباءة بهذا الشكل الجميل عبر السوشيال ميديا لماذا لم يتحدث رواد السوشيال ميديا عن هذه الصورة المشرقة من زيارة الأربعين؟
قررت في ليلة العشرين من صفر أن أخرج رغم ظروفي ولكن حبي للحسين عليه السلام ولزوار الإمام قد تغلب على ظرفي فخرجت وبكل خطوة كنت أغيب عن الوعي وأذهب إلى عالم آخر عالم لا يوجد به سوى عشاق نعم عشاق الحسين عليه السلام كان كرنفالا من حشود تتسابق لضيافة ضيوف الحسين، كل شخص حسب قدرته واستطاعته، كل عاشق جاء ليقدم إلى معشوقه أجمل مالديه وكل حسب مقدرته.
رأيت رجالا ذو قيمة وشأن وقفوا وسط الطريق وبأيديهم أكواب الماء لاستضافة زوار كربلاء ونساء وأطفال قاطعونا ليعطونا مناديل الكلينكس ورجال قد ملأ البياض شعورهم وارتسمت خطوط الكبر على وجوههم وانحنت ظهورهم مسكوا بأيدهم فرشاةً لتنظيف الشوارع.. مناظر جميلة جدا وكل شخص يعمل بكل حب وسخاء ورضا وسعادة واضحة على ملامحهم يتسابقون لخدمة عشاق الحسين عليه السلام.
هنا وقفت وعتبت على كل من يحاول تشويه زيارة الأربعين ويعتصر قلبي أكثر عندما أرى أن من يحاول التشويه هم من موالي أباعبدالله الحسين..
كل تجمع في بقاع الأرض تتواجد به الصور الخاطئة والتصرفات الشاذة فكيف بكرنفال مليوني كهذا جمع بشر من بقاع العالم.. ولكن مع هذا فهذه الأمور السيئة ليست بالعموم ولا يجب أن نسلط الضوء عليها ونترك الجانب المضيء من هذا التجمع وحتى إن انتقدنا فليكن نقدنا بناءً وليس هداماً وخاصاً وليس بالعموم..
كانت هنالك جوانب مشرقة كثيرة لم تحصل على الرعاية الإعلامية الكاملة...
شهدت الزيارة مواكب عدة تهتم بالعلم والمعرفة ونشر الكتب ورأيت هذا منتشر جدا من خلال مواكب خاصة لقراءة الكتب ومنها كان موكب جمعية المودة والإزدهار للتنمية النسوية؛ قدم الموكب برنامج القراءة السريعة والبوسترات التعريفية لتثقيف الزائرين مع هدايا تذكارية حسينية. وأيضا أقامت مكتبة أم البنين النسوية التابعة للعتبة العباسية معرض كتاب لتوعية زائراتها بالقضايا الفكريّة والثقافيّة والعلميّة والدينيّة وفقًا للمنهج الحسينيّ والعديد من البرامج التوعوية التثقيفية هذا فقط من الجانب النسوي، لماذا لم تنتشر هذه الصور المشرفة التي تبين مدى ثقافة المرأة الزينبية؟!.
والعديد من الصور المشرفة والجميلة لعشاق الحسين عليه السلام في زيارة الأربعين التي جمعت العالم من بقاع الأرض وساوت بين العربي والأعجمي والأجنبي وساوت بين الفقير والغني والطفل والصبي جميعهم جاؤوا لينادون لبيك ياحسين نحن عشاق الحسين..
فأوصيكم خيرا بثوار الحسين عليه السلام، أوصيكم خيرا بضيوف ومحبي شهيد كربلاء، إن حبهم واندفاعهم ماهو الا ضرب من ضروب الجنون والحب الذي لايستوعبه ولن يتخيله سوى من وصل حبه وعشقه إلى أعلى مراتب العشق..
وكلا يعمل من موقعه وشاكلته لذا دعونا نستغل هذا الكرنفال المليوني المهيب ونستخلص أجمل مافيه ونتحدث عن الدروس والعبر التي تستخلص منه وننقد الأمور السلبية التي تعد لا شيء أمام عظمة وهيبة المناسبة ولكن نقد بناء جميل الهدف منه التحسين لا التخريب.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّق الجميع لزيارة مولانا اﻹمام الحسين (عليه السلام)، وأن لا يحرمنا شفاعته في اﻵخرة. وآخر دعوانا: اللهم زد في قلوبنا محبّة الحسين (عليه السلام) ومحبّة زيارته، والحمد لله ربّ العالمين.
اضافةتعليق
التعليقات