في بحر الإيمان والتقوى، تبرز أسماء أهل البيت (عليهم السلام) كنجوم ساطعة تهدي المؤمنين في ظلمات الحياة. هم الأئمة الأطهار، حملة رسالة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأمانة السماء في الأرض. من خلال سيرتهم الطاهرة ومعجزاتهم الباهرة، تتجلى في قلوب المؤمنين حقائق الإيمان ونور الهداية.
أهل البيت (عليهم السلام) هم سفينة النجاة، ومن تمسك بهم نجا ومن تخلف عنهم غرق وهوى. إنهم منبع الحكمة والعلم، قد خصهم الله بفضائل لا تعد ولا تحصى، وجعل محبتهم فرضًا على كل مسلم ومسلمة. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا". إنهم النور الذي لا ينطفئ، والحق الذي لا يزول، والصراط المستقيم الذي يهدي إلى جنات النعيم.
في قلب جبال أوربا، تبرز قمة جبل عباس علي كمثال مشرق على التمسك بقيم حب آل البيت (عليهم السلام)، رموز العدل والمحبة التي تتجاوز حدود الانتماءات الدينية. إن حب آل البيت، الذي يتسم بالتقوى والإيمان، يشكل محورًا مشتركًا يجمع بين الناس، سواء كانوا من المسلمين أو المسيحيين، وعلى مدار التاريخ كانوا نموذجًا للنجاة والهداية.
جبل عباس علي في جمهورية ألبانيا، الذي يحتضن تمثال الإمام العباس (عليه السلام)، هذا التمثال الذي نحته الفنان البلغاري (ستيفان بوب ديمتروف)، يجسد رحمة وسخاء الإمام العباس (عليه السلام)، يشهد على هذا التمسك الشامخ بقيم العدل والتعايش السلمي حيث يجمع بين المسلمين والمسيحيين على حبهم واحترامهم لشخصية أبي الفضل العباس (عليه السلام). هذا الجبل الذي يبعد حوالي 200 كم إلى الجنوب الشرقي من العاصمة تيرانا، أصبح مقصدًا للزوار من مختلف الأديان.
في أعالي جبال ألبانيا، حيث يعتقد الألبان أنّ العباس (عليه السلام) قد زار الجبل، ودليلهم عليه، أنّ هناك أثرا لحافر حصان وقدم فارس وأثرا لعمود الراية يتلألئون على صخرة في طريق الصعود نحو قمّة الجبل. ومع ذلك، القصة الحقيقية تكمن في عام 1620م، حين حمل مؤمنون قبضة تراب من قبر أبي الفضل العباس (عليه السلام) في كربلاء. هذا التراب، المحمّل ببركة وكرامة أهل البيت (عليهم السلام)، جاء إلى أرض ألبانيا للتبرك به، حيث شهد الناس تأثيره العظيم في شفاء المرضى، لذا قرروا أن يدفنوا ما تبقى من التراب في أعلى جبل قرب العاصمة تيرانا، المعروف الآن بجبل عباس علي.
بتلاشي السنين، أقيمت قبة شامخة فوق مكان دفن التراب، مما جعله مزاراً دينياً محترماً ومقدساً. وبفضل هذه القبة والمزار، أصبح الجبل تكريماً للإمام العباس (عليه السلام) ومقامه الروحي لدى أهل البلاد. وكل عام، تحتفل ألبانيا، بمختلف أديانها وطوائفها، من 20 إلى 25 أغسطس، بصعودهم إلى قمّة الجبل الذي يبلغ ارتفاعه 2417 متراً، حيث يذبحون المواشي ويطبخونها ويوزعونها على الفقراء تكريماً وإيماناً بالإمام العباس (عليه السلام).
بالإضافة الى ذلك فإن الألبان يقدسون المقام تقديساً عظيماً، حيث يقدمون من كل مناطق البلقان وبالذات المرضى منهم وذوي العاهات طلباً للشفاء وإجابة الدعاء، كما يشارك في زيارة المقام أغلب رجالات الدولة بما فيهم رئيس الجمهورية الألبانية، ويشهد الناس هناك بأن معجزات قد حصلت بفضل الإمام العباس (ع) تتمثل في الشفاء من الأمراض المستعصية وإجابة الدعاء.
في عام 2013، شاهد الفنان البلغاري ستيفان بوب ديمتروف تقديس المقام وتقديره العظيم، حيث أقام تمثالاً لأبي الفضل العباس (سلام الله عليه)، وهو يركب جواده ويحمل اثنين من الأطفال العطاشى ليسقيهم الماء. وتم تمثيل هذا التمثال على قمة جبل العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عند صخرة بارزة عند مدخل المزار.
الجدير بالذكر ان جمهورية البانيا تقع في جنوب شرق أوروبا في غرب منطقة البلقان، وتبلغ مساحتها 28,748 كم مربع وتتميز بتاريخ ثقافي وجغرافي متنوع. يعيش في البانيا شعب متعدد الأعراق والثقافات، حيث يتألف من الألبان الذين يشكلون الأغلبية العرقية. تمتلك البانيا تاريخًا غنيًا ومتنوعًا، وتشتهر بتعدد الديانات بين مواطنيها، حيث تتمثل الديانات الرئيسية في الإسلام والمسيحية.
بهذه الطريقة، يظهر جبل عباس علي كنموذج للوحدة والتضامن بين الناس على أساس قيم العدل والمحبة التي تتجاوز الانتماءات الدينية، مما يعكس أهمية حب آل البيت (عليهم السلام) كمصدر للإلهام والتأمل للبشرية جمعاء.
سلام عليك يا ابا الفضل العباس ايها اﻷخ المدافع عن أخيه المجيب إلى طاعة ربه.. والراغب فيما زهد فيه غيره من الثواب الجزيل والثناء الجميل .. فانت نعم الصابر المجاهد المحامي الناصر ورحمة الله وبركاته.
اضافةتعليق
التعليقات