(من يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب) اعتاد أبناء مدينة كربلاء المقدسة أن يستقبلوا شهر محرم الحرام بشعائرهم التي يزاولوها منذ الأزل سواء كانت في الخفاء أو على العلن، ومن أولها تشييد المواكب ورفع الرايات في الشوارع والطرقات، والتي يعتبرونها من أول الطقوس لبداية شهر الأحزان..
وحول هذه الشعائر أجرت (بشرى حياة) هذا الاستطلاع للتعرف على استعدادات الموالين لشهر محرم الحرام..
البداية كانت مع أم حيدر وهي تعبر عن فرحتها وكأنها في محفل حيث قالت: سعيدة أنا بقدوم شهر محرم لأني سأخدم زوار الحسين عليهم السلام فقد ابتدأ الزوار يتصلون بنا ليبلغونا بقدومهم لإحياء زيارة العاشر فقد اعتادوا أن يقضوا ليلة العاشر في بيتنا، رغم بساطته وصغره فهم يجدون الراحة بيننا وكأنهم من أهل الدار.
وتضيف أم حيدر: بأن الزوار ليسوا فقط من المحافظات بل حتى من إيران ولبنان والكويت.
موكب عقيلة الطالبيين
والذي أسسه أبو عمار (وهاب جاسم) في عام 2003 حيث يشاركه حتى النساء وقد استمر نشاطه الحسيني ما يناهز 15 سنة ومازال مستمرا به بكل فخر وثبات حتى امتدت جذور موكبه البسيط لذويه وجيرانه حيث بدأ الجميع يشارك به سواءا بالمال أو الخدمة وهم يرفعون شعار على باب موكبهم المتواضع: (كل الخدم تنهان شفناها بالعين بس بكرامة تعيش خدام الحسين).
استهل أبو عمار/ 52 سنة حديثه قائلا: كثيرا ما أحببت خدمة الحسين عليه السلام لكن ظروفي المعيشية كانت بسيطة فدخلي لا يسد حاجتي اليومية لي ولقوت عيالي إلا إن شغفي بإنشاء موكب ظل حلما يراودني في كل حين حتى عمدت لإنشاء دخل اجمع فيه من السنة للسنة ما استطيع جمعه من اجل تحقيق غايتي المنشودة، حتى هل شهر محرم الحرام واستعد الناس لمواكبة شعائر الشهر بنصب المواكب في الطرقات أو ما يسميه البعض (التكية) أما أنا فاتخذت مكانا نظيفا قريبا من داري لأنشأ به موكبي المتواضع وما إن بدأت العمل به حتى توافد لي شباب المحلة لمساعدتي وراحوا يحضرون من بيوتهم ما ينقص لتجهيز الموكب.
وأضاف أبو عمار: وليس هذا فحسب بل راحوا يجمعون التبرعات بشراء ما يلزم من اطعمة وماء لتقديمها إلى الوافدين من الزوار. وهكذا تحول موكبي الصغير ببركة الحسين عليه السلام إلى اكبر موكب وراح اهالي المحلة من كل عام يجمعون المال على حب الحسين عليه السلام ويسلموه لي، حتى اصبحت انا كفيل الموكب.
هذا وقد كانت للنساء دور كبير في تحضير الخبز وبعض الاطعمة للزائرين .
وتابع قائلا: اننا نشيد الموكب منذ اليوم الاول من محرم حتى ليلة التاسع حيث تبدأ مراسيم العزاء إلى يوم مدفن الإمام عليه السلام، ومن بعدها يتوقف الخدم ثم يباشرون خدمتهم للزائرين في العاشر من شهر صفر.
ختم حديثه: اشكر الله لانه حقق مبتغاي بخدمة الحسين واله عليهم السلام، واسأله ان يكتبنا من الموالين وان يشارك جميع الميسورين ماديا بخدمة ال الرسول عليهم السلام .
فيما قال ابو رواء كفيل موكب نور الأئمة: يكون بداية موكبنا من اليوم السابع في الحسينية حيث يجتمع الرجال من شباب وشيبة وحتى أطفال لإقامة مجالس حسينية كل مساء وحتى ليلة العاشر وهناك البعض ما زال يزاول شعيرة التطبير حيث ينطلقون من موكبنا فجر ليلة العاشر.
وأضاف: ونستمر بطقوسنا الحسينية إلى بعد يوم الدفن ثم نتوقف، وفي بداية شهر صفر ننتقل بتشييد موكبنا في الطريق الخارجي حيث خصصت لنا البلدية مساحة 500 متر مربع، لتشييد موكبنا لاستقبال الزائرين الوافدين من الدول والمحافظات.
وتابع أبو رواء قائلا: تأسس موكبنا في عام 2005 وسيستمر إن شاء الله بفضل محبي الحسين عليه السلام وانه لشرف لي إن أكون من خدمة الحسين عليه السلام لأنال شفاعته يوم المحشر.
الحسين لغة ثانية
وشاركنا الشيخ عبد الرزاق محمد علي حول شعائر المواكب الحسينية وقدسيتها قائلا: يظل الحديث عن الإمام الحسين عليه السلام يشغف القلوب ويجذب النفوس ويستهوي الأحرار ويستقطب المؤمنين من جميع البلدان، حيث اشتعلت جذوة الحب الفطري للحسين عليه السلام بقلوبهم منذ سنين خلت وقد نمت تلك الشعائر الحسينية بداخلهم منذ الطفولة دون ارادة.
واضاف: ان عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام لم تنته عصر العاشر من محرم الحرام سنة 61 للهجرة، بل من هناك ابتدأت وانطلقت.
فمبادئه (سلام الله عليه) لم تقتل لحظة استشهاده، مثلما أن أعداؤه لم ينتصروا حين قطعوا رأسه الشريف، وأن نداؤه عليه السلام: (هل مِن ناصر ينصرنا) ما يزال موجها لجميع أبناء الإنسانية الذين يستشعرون العزة، وهي من خصال المؤمنين وهم ويهتفون (هَيهات منا الذِّلة)، كما هتف بها الإمام الحسين (سلام الله عليه) وطبق مصداقها.
وتابع قائلا: ان ثورة الإمام الحسين (سلام الله عليه) صدمت الواقع وهزت قواعده، لكي تركز الخط الأصيل الذي يحفظ الحياة الإسلامية، ويؤكد العدل في داخلها، ومن هنا، فإن الحسين (سلام الله عليه) يمثل خطا ومنهجا وتجسيدا حيا للقيم الإسلاميّة والإنسانية في العزة والكرامة والمحافظة على استقامة المسيرة التي جعلها الله أمانة في أعناقنا.
فيعتبر الموالين ان إنشاء الموكب شيء مقدس لأنه يعبر عن ولائهم وأيضا يمثل للزائر انه مرحب به ويسعدهم ان يلبوا احتياجاته دون ملل أو كلل، فمن يترك داره وعياله وعمله ويجلس طوال النهار في موكب في الطريق ليس إلا عاشق للقضية الحسينية يسعى جاهدا أن يترك رسالة من بعده للأجيال القادمة بأن ثورة الحسين جذوة تتجدد كل عام ولا تنطفئ مهما أرادوا أن يخمدوها.
اضافةتعليق
التعليقات