في هذه المرحلة العمرية، قد يبدو الأمر محيراً للغاية. تراهم يقفون أمامك بوجوه تشبه الكبار، أجسادهم بدأت تنضج، وأصواتهم بدأت تأخذ منحىً جدياً. لكن وسط كل هذا التغير الجسدي، تكمن أرواح لا تزال تعيش في تقاطع حساس بين الطفولة البريئة والنضج الذي يلوح في الأفق. إنهم يعيشون صراعاً داخلياً، يخلطون فيه بين الاستفزازات الطفولية والتصرفات التي تبدو وكأنها من الكبار.
لماذا يتصرفون بهذه الطريقة المتناقضة؟
لماذا يظهرون القوة والعناد أحياناً، ثم ينهارون بالبكاء بعد لحظة من الحزم؟ إنها ليست مجرد تصرفات غير متوقعة، بل انعكاس لصراع داخلي يعيشه كل مراهق. فهم يريدون أن يشعروا بأنهم كبروا بما يكفي ليعتمدوا على أنفسهم، يسعون إلى إثبات ذواتهم وإثارة مشاعر الاستقلالية في داخلهم. هذا الاندفاع يجعلهم يتصرفون بتحدٍّ واستفزاز، ربما يعاندونك، يجادلون، أو يحاولون فرض آرائهم وكأنهم يملكون خبرة العالم بأسره. لكن الحقيقة العميقة وراء هذا "النضج" الظاهري هي أنهم ما زالوا أطفالاً في أعماقهم.
الحاجة إلى التوجيه وليس العقاب
أحياناً، في خضم هذا الصراع، ننفجر في وجوههم لأننا ننسى أن هذه المرحلة هي مرحلة تعلم وتجربة. نعتقد أن عليهم أن يتصرفوا بحكمة، لأنهم باتوا يظهرون كالبالغين. لكننا نخطئ عندما نفكر فيهم بهذه الطريقة. هم ليسوا أطفالاً بالكامل، وليسوا ناضجين بعد. هذا التذبذب بين الاثنين يجعلهم يتأرجحون بين براءة الطفل وعناده وبين قوة البالغ وتردده.
الحزم معهم ضروري، نعم، ولكن الحزم الإيجابي هو ما نحتاج إليه. عندما ننفعل ونعاقبهم بقسوة، نزيد من التوتر الداخلي الذي يعيشونه. وحينما نبكيهم، ندرك في النهاية أننا نواجه أطفالاً في عمقهم، لا يزالون يتعلمون ما يعنيه النضج. لذلك، التوجيه بحب والتفهم العاطفي هو السبيل إلى مساعدتهم في تجاوز هذه المرحلة دون كسرهم عاطفياً.
كيف نتعامل معهم؟
1. الصبر والاحتواء: عندما يواجهونك بتصرفات استفزازية أو عناد، تذكر أن هذه التصرفات جزء طبيعي من عملية النمو. كن صبوراً وحاول أن تحتوي هذه المشاعر دون رد فعل عنيف.
مثال : إذا رفض المراهق تنفيذ أمر بسيط، بدلاً من الصراخ أو العقاب، اسأله بهدوء عن السبب واشرح له موقفك.
2. الوضوح في التوجيه : وضع الحدود مهم، ولكن الأهم هو توضيح الأسباب. لا تتوقع منهم الامتثال دون فهم. الحوار المفتوح والشرح يجعلهم يشعرون بالمسؤولية ويدركون العواقب.
3. التوازن في الحزم والعطف : الحزم مطلوب عندما يتعلق الأمر بالقواعد، ولكن يجب أن يكون مقروناً بالعطف. إذا شعر المراهق أنك تفهم مشاعره، سيشعر بالاحترام وسيكون أكثر استعداداً للاستماع.
4. التفهم العاطفي : عندما ينهار المراهق بالبكاء بعد موقف حازم، اظهر له تفهمك لمشاعره. فالبكاء ليس ضعفًا، بل هو جزء من هذا الصراع العاطفي الذي يعيشه.
كن الشخص الذي يحتاجونه.
اضافةتعليق
التعليقات