يسعى الوالدان دائما إلى تنشئة طفلهم بطريقه مميزة يختلف فيها عن أقرانه مميزا ومبدعا لذا على الأهل تنمية الابداع عند الطفل حيث تعد تغذية حس الإبداع لدى الطفل أمرا ضروريا لتطوير الوصلات العصبية للدماغ، وتشجيعه على تحقيق رفاهه الفردي والاجتماعي، فضلا عن تحفيزه على إيجاد حلول لمختلف المشاكل التي قد تواجهه مستقبلا. وما إن يولد الطفل ويفتح عينيه، يبدأ حوالي مائة عصبون في العمل، التي تشرع على الفور في إرسال واستقبال النبضات الكهربائية. وفي غضون ثلاث سنوات، سيكون لدى الطفل حوالي ألف تريليون من الوصلات العصبية التي سيستخدمها لبقية حياته للتفكير والتعلم والاكتشاف والابتكار.
مما لاشك فيه، يملك كل طفل عالما خاصا يحاول دائما اكتشافه، ثم ينمو ويكبر ويبدأ في الخلق والتخيل واستكشاف الكون. ويمكن لثراء خياله أن يجعله كائنا مبدعا للغاية. وفي هذا الإطار، يعتبر الآباء مسؤولين عن تشجيع الطفل أو تقويض إبداعاته.
مفهوم الإبداع:
يُمكن تعريف الإبداع بأنَّه القدرة على القيام بعمل معين بأسلوب غير اعتيادي، أو إيجاد أشياء جديدة لم تكن موجودة، أو معروفة، ويُسمى الشخص مبدعاً إذا قام بإيجاد أشياء جديدة مستخدماً مكوّنات ومواد كانت موجودة قبلاً، ومثال ذلك الإبداع في الرسم والبناء.
سِمات الأطفال المُبدِعين
من أهمّ الصفات والسمات التي يمتلكها الطفل المُبدِع، حسب ما لخَّصه (ديفيز) ما يأتي:
- التحدّي.
- حبّ الاستقلاليّة، والاعتماد على النفس، وإلى جانب ذلك امتلاك الثقة بالنفس، والقدرة على التحكُّم بالذات.
- امتلاك روح المغامرة، والإرادة القويّة في تجربة الأشياء الجديدة دون الخوف من الفشل.
- امتلاك القوّة، والحماس، إضافة إلى امتلاك شخصيّة قياديّة، وامتلاك المقدرة على الأداء بمستويات عالية وممتازة.
- امتلاك الذوق الفنّي. امتلاك حبّ التجربة، والفضول، والبحث عن إجابات للأسئلة التي تدور في مُخيّلته.
- الميل إلى الألعاب المفيدة، مثل: ألعاب العقل، والتفكير.
- الانفتاح عقليّاً، حيث يحتوي، ويحترم آراء الآخرين، وأفكارهم.
- اللجوء إلى الانفراد، والعُزلة؛ للتفكير، والتفكُّر.
- امتلاك القدرة على الإدراك، والبديهة، وقوّة الملاحظة.
تحفيز الإبداع أو تقويضه؟
يعتبر الإبداع العملية العقلية التي يتم من خلالها استنباط مفاهيم جديدة وإيجاد حلول مجدية للمشاكل، فضلا عن تحويل الأشياء البسيطة إلى أشياء استثنائية وغير عادية، ليصبح الأطفال بذلك علماء بالفطرة. فجميعنا نتمتع بالقدرة على الإبداع، لكن من المؤكد أن مرحلة الطفولة تعد أفضل فترة للقيام بذلك. وبناء على ذلك، سلط الأخصائيون تركيزهم على المحفزات التي يمكن تقديمها للطفل خلال هذه المرحلة الأولية من حياته.
في الوقت الحاضر، أصبحنا نعيش في عالم قلّت فيه الإمكانات، حتى بالنسبة للأطفال، على الرغم من حرصهم وانفتاحهم على العالم وإصرارهم على خوض تجارب جديدة. وللأسف، أهدر العديد من الآباء تلك السنوات الأولى من حياة أطفالهم ولم يستغلوها لفائدتهم، لأن تلك الفترة تعد فترة مثالية لتنمية مهارات جديدة للطفل.
كيف يجب القيام بذلك؟
في البداية، من المهم أن نشير إلى أن اكتساح الأجهزة التكنولوجية لحياتنا والعبء الزائد من المحفزات الرقمية، لم يترك مجالا أمام الطفل للتمتع بالبساطة التي ستحثه على استنباط شيء جديد ومبتكر. وعلى هذا النحو، أدت هذه الوسائل إلى تقليص مساحة الإبداع لدى العديد من الأطفال.
لماذا تعتبر رعاية الإبداع لدى أطفالنا أمرا مهما جدا؟
يعزز تقدير الذات من شأن تطوير الإبداع لدى الطفل أن يساهم في تعزيز تقدير الطفل لذاته ومن ثقته بنفسه، كما يساعد ذلك أيضا على تنمية قدراته الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، إن تغذية إبداع الطفل تجعله قادرا على العثور على حلول جديدة والتكيف بسهولة أكبر مع التغيرات التي قد تطرأ على حياته.
تطوير ذكاء الطفل ووعيه
يساهم اللعب مع الطفل ومجاراة مخيلته في تحفيز ذكائه. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد ذلك الطفل على التفكير بشكل خلاق في حل المشاكل التي قد يواجهها، مما يساهم في تهيئته لمواجهة مختلف الوضعيات المستقبلية بسهولة. ومن خلال تطوير حس الإبداع لدى الطفل، فإن ذلك يجعله يتعلم كيف يكون أكثر حزما ويصبح أكثر وعيا بحدوده وإمكاناته. كما يساهم ذلك في تشجيع قيمة النزاهة لديه.
تعزيز التواصل والتنشئة الاجتماعية
يعزز حس الإبداع التفاعل الاجتماعي لدى الطفل، لأنه يحسن قدرته على التعبير عما يشعر به ويفكر فيه، فضلا عن كونه يعزز حس تعاطف الطفل تجاه الآخرين. ويتعلم الطفل كيفية التصرف مع الآخرين عندما يجد نفسه أمام مواقف سلبية أثناء اللعب مع أقرانه، وهو ما يعزز لديه القدرة على التحكم في انفعالاته.
فيما يلي بعض المقترحات العملية التي تسهم في تنمية الإبداع عند الأطفال:
– اسمح لطفلك أن يتخذ بعض القرارات البسيطة، مثلاً أين يحب أن يذهب في العطلة. مثل هذه القرارات تشجعه على التفكير بطريقة مستقلة.
– اعمل على ألا يسرف طفلك في استخدام وسائل التواصل الاجتماعية الحديثة ومشاهدة وسائل الإعلام، وأن يجد طريقة مسلية أخرى للتواصل واللعب، وبذلك سوف يعمل على إبداع أشياء أكثر تسلية له.
– قم بتوفير المواد اللازمة لتحفيز خيال طفلك في بيئته، كأدوات الرسم، الألغاز، قصص الأطفال، أدوات الحرف، مثل أدوات النجار أو الطبيب، أو ما يسدّ مكانها من البيئة المحيطة، مثل ملاقط الغسيل الملونة وأدوات المطبخ غير الخطرة وغيرها. واسأله عن الاستخدامات المختلفة لنفس الأداة مع التحقق من صحة أفكاره ومدحه عليها.
– اطرح على طفلك أسئلة مفتوحة لكي يوسع تفكيره وساعده على توليد الأفكار، مثلاً ماذا يحدث لو أن الدلفين عاش على سطح الأرض.
– شجعه على القراءة وكافئه عند قراءته لقصة أو كتاب بأشياء محببة له، وناقشه بما قرأ وما رأيه.
– دع الطفل يلعب أدوارًا خيالية، كأن يمثل دور حيوان ما (أرنب – سمكة – ثعبان)، أو موضوعًا ما (شجرة في الريح)، أو أن يقلد أدوار الكبار مثل قيادة السيارة.
– علم الطفل كيف يسأل ومتى يسأل، حيث أن ما يتساءل عنه الطفل يكون أهم من معرفته الإجابة على أسئلة الآخرين.
– اسرد له القصص المصورة التي تنمي الخيال وقدّمها له بطريقة مشوقة، واطلب منه أن يسرد لك القصص من خلال الصور، أو حفّزه أن يتوقع الأحداث أو يتنبأ بالنهاية. ويمكن أن تشير خلال قراءة القصّة إلى الأسباب والنتائج، واربط كل حدث في القصّة بالأسباب التي أدت إلى حدوثه.
- كُن المثل الأعلى لطفلك في مواجهة أي صعوبات وخوض التجارب للوصول إلى نتائج مُرضية، حاول تعليم طفلك أنه يمكنه أن يتعامل مع أي مشكلة بأكثر من طريقة.
- كن مبدعًا في أفعالك وأقوالك أمام طفلك.
- اسمح لطفلك بعمل نشاطات مع أصدقائه تحفزه على الإبداع.
- قم بتعليم طفلك أن يستخدم جميع حواسه وأن لكل حاسة إبداعاتها الخاصة.
- شجع طفلك بالكلمات كمدح مجهوده عند عمله عملًا متميزا.
- قم بعمل لوحة سجل بها كل نشاط أبدع به طفلك لتحفيزه على ملئ اللوحة بالإبداعات.
لكن، ماذا بالنسبة للوالدين؟
- من الضروري أن يتحمل الوالدان الفوضى التي ينشئها أطفالهم، التي من شأنها أن تفضي إلى إنشاء نماذج جيدة من الألعاب الإبداعية.
- الحد من فترة مشاهدتهم للتلفزيون واستخدام الكمبيوتر اللوحي والأجهزة الإلكترونية الأخرى.
- الاستفادة من اللعب لغرس القيم، مثل الاحترام والتسامح.
- استخدام ما هو متاح في المنزل وترشيد الاستهلاك.
- الاستمتاع بالخيال الذي تقدمه مخيلة طفلك لك.
- إنشاء ألعاب صالحة لتغذية إبداع طفلك وتحفيز إبداعه.
اضافةتعليق
التعليقات