يكفي أن تغمض عينيك وتسلم من حيث أنت (السلام على شمس الشموس أنيس النفوس المدفون بأرض طوس السلطان أبا الحسن علي بن موسى الرضا ورحمة الله وبركاته) وتشعر بنسيم بارد يمر عبر روحك ويهدئ زلازل قلبك، سيرد جوابك برأفة عندئذ ترى الغيوم حولك، تشعر كأن جاذبية الأرض قد فقدت مفعولها والسماء تجذبك نحوها بكل قوة.
وكأنك تتحرر من القيود رويدا رويدا وتناظر صفاء السماء البكر ترى العالم من منظار آخر حيث لا عين رأت ولا أذن سمعت ترى الجمال في كل مكان هناك تجد نفسك من جديد ، وكأن القلب يحلق مع الطيور ويعيش حريتها، يتسابق مع حمامات صحنه الشريف ويهتف:
إذا أبصرتْك العينُ من بـعـد غايةٍ
وعـارض فيك الشـكُّ أثبـتك القلبُ
ولـو أنّ قـومـاً أمّمـوك لَقـادهم
نـسيمـُك حـتّى يـستدلّ به الرْكبُ
الرؤوف الذي يعانق زواره من قريب وبعيد بكل رأفة و يمسح على قلوبهم بكل لطف ، الحبيب الذي منذ أن يقترب المحب الى أرض طوس يشعر بحرارة تلك الابتسامة المباركة و الترحيب و يقر عينا .
رأفته تدفع الانسان بأن يطلب منه كل ما يخطر بباله من صغائر الأمور الى كبارها ، في ذلك الصحن المبارك حيث تسكن الأرواح و تهدأ النفوس…
بين الحين و الآخر تُرفع الأصوات بذكر الصلاة على محمد وآل بيته الأطهار مع صوت النقارة معلنا شفاء أحدهم من علته …
ارتفعت الأصوات و خلال لحظات ازدحم المكان و كثر الضجيج اقترب خدم الحرم كي ينقذوا الطفل من بين تلك الجماهير التي ترغب بأن تنظر بعينها إن المعجزات لا زالت تحدث
اقترب أحد المنتسبين نحو الأب قائلا تحرك قبل أن تتقطع أعضاء الطفل الى أشلاء من شدة الانبهار ، ولكن وقف الأب متحيرا خجلا، ينظر الى القبة باستحياء و يردد بعض الكلمات بلهجته الخاصة حيث لا يمكن لأحد أن يعرف ماذا يقول سأله الخادم الحرم الشريف سيدنا ما الذي يوقفك من الحركة ؟ أجاب لدي توأم ولدوا أعميين قصدنا الامام الرؤوف ضامن الغزال
ليضمن لنا سلامتهما حين وصولنا الى أرض طوس قلت لزوجتي سآخذ واحدا منهم صباحا والآخر مساء ، كيف أرجع الى الفندق؟
كيف أقول لولدي الثاني ان الامام نظر الى أخيك و لم ينظر اليك ؟
سيقول انه يحب أخي و لا يحبني!
كيف أرجع وكلي خجل ؟
خرجوا من بين مئات الناس بسلام و عندما وصلوا الى الفندق وجدوا الشارع مزدحما صوت الصلوات كان مرتفعا…
كان الناس يرددون باستغراب و دموع السعادة تنهمرمن أعينهم : قد حدثت معجزة في هذا الفندق الامام الرضا (عليه السلام) نظر الى طفل أعمى و قد شفي تماما !
يقال لأجل الوصول الى المعرفة علينا أن نعرف الشخص والشخصية ، فكيف تكون معرفة من يشد الرحال نحو ضامن الغزال ؟ فهو الذي يرأف بجميع المخلوقات وكيف تكون رأفته بمن يلوذ به وهو على معرفة و يملك البصيرة؟
علمنا كيف نتخلص من الشدائد حيث قال (عليه السلام):
"إِذَا نَزَلَتْ بِكُمْ شَدِيدَةٌ فَاسْتَعِينُوا بِنَا".
هو الذي ينجي الجميع و يأخذ بيد زواره ولم يخصص فئة معينة أو المؤمنين فقط ، قال عليه السلام: "من زارني على بعد داري وشطون مزاري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن، حتى أخلصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا وعند الصراط، وعند الميزان".
فهذا الكلام يشمل الجميع فقد وعد زواره بأن يرافقهم و يخلصهم من مواقف متعددة ، فموقف واحد من مواقف يوم القيامة باستطاعته أن يشيب رأس الانسان و يذهله في ذلك اليوم العصيب يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه فما مدى رأفته؟
الذي يضمن لزائره النجاة من أهوال شتى ليس فقط في الدنيا بل في أهول و أخطر المواقف ، أهوال يوم القيامة!، لا يهم أين أنت مايهم لحظة وصل ثانية من التركيز والاتصال بالمحبوب !
بين دموع الفرح والخجل ردد قائلا : ماخاب من تمسك بكم …
اضافةتعليق
التعليقات