تعتبر شريحة الشباب من الشرائح الأساسية التي تلعب دوراً كبيراً في عملية بناء الأمة، اذ يعتبر الشاب ذخيرة المجتمع، وخط الطاقة المتنامية فيها، وبناء الحضارة ورائد حركة التطور والإستمرارية، ولقد اهتم الإسلام بالشريحة الشبابية اهتماماً بالغاً لأنهم اللبنة الأساسية لبناء الفكر الصحيح، وهم من يقودون الأمة أمّا الى النجاح والتطور او الهلاك والتخلف.
وتعتبر مرحلة الشباب مرحلة استثنائية ومفعمة بالطاقات والنشاطات الهائلة، وتعتبر بداية مهمة لبناء الأحلام والأهداف السامية، يرافقها حماس وفعاليات جسدية وذهنية عظيمة تدفع الشاب نحو التفاعل والنهوض بالواقع، فمرحلة التوجيه والإستقامة الفكرية تعتبر من الأمور المهمة التي تصنع من الشاب المسلم إنساناً ناجحاً يفيد نفسه والمجتمع، ويسبب تطوراً وإفاقة ناجحة لباقي شرائح المجتمع.
ولكي يؤدي الشاب دوره بصورة كاملة وفعالة عليه ان يؤدي الرسالة التي خُلق من أجلها، ويحقق الأهداف التي لا زال يتنفس من أجل الوصول اليها.
ولكي يكون الشاب مخلصاً وفعالاً في المجتمع عليه ان يعمق علاقته مع الله عز وجل، ويبني جسراً من الطمأنينة يوصله الى الله، لأن التواصل مع الله وكسب رضاه، تعتبر بطاقة التوفيق التي سيؤهل الشاب لإجتياز إختبارات الحياة بسهولة.
ومن البديهي بأن الفارق العمري بين الشباب والكبار، يلعب دوراً كبيراً في إختلاف الآراء ونمطية التفكير، ولكن هنالك نقاط مهمة نستطيع الإلتفات إليها لتعزيز العلاقة بين الشباب والكبار لتبيان طريقة التعامل وكيفية ايجاد الطريق المناسب للدخول الى عالم الشباب، وفي هذا المنظور يقول امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام): "لا تقسروا أولادكم على آدابكم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم".
حيث يؤكد امير الكلام، على نوع معاملة الشباب لأنهم يواكبون عصر يختلف عن العصر الذي واكبه الكبار، حيث التغيير ادرك كل شيء بدءاً من شكل الملبس والمأكل، والمسكن، وانتهاءاً بالتكنولوجيا وتطور العلم، ودخول الأجهزة الحديثة، إضافة الى دحر العادات والتقاليد المتخلفة ودخول المصطلحات الجديدة.
وعليه ينبغي ان نفتح افاقاً رحبة للنقاشات مع الشباب، وتوسعة نطاق التواصل معهم، ونبذ الإسلوب الديكتاتوري الذي يقيد الشاب من إبداء آراءه وافكاره، ويبتعد الأهل عن اي حالة او اسلوب من شأنه ان يشنج العلاقة بين الشباب والكبار، وعدم استخدام اسلوب الفرض بحجة احترام الكبير وتلبية أوامر الكبار لأن ذلك سيُحجم آفاق الشاب، ويُعرقل دوره في الحياة، ويغدو منه انساناً فاشلاً وغير قادر على اتخاذ قرارات واعية ومهمة في حياته.
هنالك بعض الجوانب العملية التي لابد من أن نركز عليها، للحفاظ على شبابنا وعلى مسيرتهم في الحياة، ومنها:
1_ الإهتمام بالتجمعات الشبابية، فإنها وسيلة من الوسائل التي يميل إليها الشباب، وبنفس الوقت تكون وسيلة لنشر الثقافة، حيث تتداول فيها الأقوال والأخبار، وهذه تجمعات تارة موجودة، وأخرى نحث على ايجادها، لكي نجمع أكبر قدر ممكن من الشباب المشتت الضائع، فعلينا تأسيس منتديات وجمعيات تختص بزيادة الوعي الثقافي لطبقة الشباب، ونبذ التعقيد الديني الزائف، وزرع المفهوم الإسلامي الصحيح في عقولهم.
2_ الإهتمام بوسائل الترفية، وتهيئة النوادي الرياضية، والثقافية التي تنمي مهارات الشباب وقدراتهم، وتسد الفراغ الزمني والنفسي الذي يعتبر من العوامل الأساسية للإنحراف.
3_ كما ان التوجيه الصحيح يلعب دوراً مهماً في عملية تكوين شخصية الشاب، خصوصاً في مرحلة النشأة، وصولاً الى المراهقة، فبهذه الطريقة نستطيع الوصول الى الفكر الشبابي، وسد الثغرات التي من الممكن ان تضيع الشباب، و تتسبب بخراب المجتمع.
4_ الإستماع الى افكار الشباب وتقبلها برحابة صدر، وفي حال تعارضت الأفكار مع المفهوم الديني والدنيوي، يجب ان يتم التوجيه وإبداء النصيحة بطريقة لطيفة لا تجرح مشاعره ولا تخدش المستوى الذهني للشاب ولا تقلل من عطاءاته الفكرية.
5_ احترام كيان الشاب، وتحميله مسؤولية بني جيله، عن طريق تكوين حلقات نقاشية، ومطابخ فكرية لتوسعة نطاق الوعي العام في المجتمع، وتوظيف مهاراته الذهنية في شتى مجالات الحياة، كالسياسة والدين و...الخ.
بهذه الطريقة سنطمئِن على مستقبل البلاد، لأن من سيمسك زمام الأمور هم شباب ذو طاقة عقلية وجسدية كاملة، والجيل القادم منهم سيحذو حذوهم ايضاً، وبهذه الحالة ستصل الأمة الى اعلى مستويات التطور والإرتقاء.
اضافةتعليق
التعليقات