• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

وصفة سحرية

نجاح الجيزاني / الأثنين 29 آب 2022 / ثقافة / 1340
شارك الموضوع :

مَن يشتري... مَن يشتري راحة بال؟ اقتربوا.. هلمّوا.. عندي تجدون ضالّتكم

صوتٌ يصدحُ في أرجاءِ حارتنا.. يُغرّد كالبلبل الفتّان .. فيا له من صوت تستريح له النفوس، وتطربُ له الآذان! 

_ مَن يشتري... مَن يشتري راحة بال؟ اقتربوا.. هلمّوا.. عندي تجدون ضالّتكم ودواء دائِكم وشفاء علّتِكم.. عندي فقط ما يريحكم من هموم الدنيا وغمومها، وما يجعلكم بمنأى عن صروف الدهر وتقلّبات الزمان.. ألا هلمّوا واقتربوا.. 

خرجتُ من بيتي مسرعة وقلتُ له:

_ ماذا تبيع ياسيدي؟

أجابني:

_ أبيع راحة بال!!

استغربتُ من قوله.. وقلتُ في نفسي: لو صحّ كلامك لاشترتها أمّنا الزهراء قبلنا، ولِمَا عاشت الأحزان والآلام بعد رحيل والدها. 

رحماك أي ربي.. أيُّ مصائب دهت مولاتي الزهراء فجعلتها مهيضة الجناح مكسورة الخاطر؟ أيّها أذكر يا إلهي وأيّها أنسى؟

لم تكن الزهراء قبل رحيل والدها  مدارا لحزن هنا، أو مسرحا لترح هناك

لقد عاشت الزهراء في ظلال أبيها موفورة الدلال باذخة التقدير، وكيف لا؟ وهي الأثيرة لديه والقريبة إلى فؤاده.. إنها الزهراء ريحانته من الدنيا وروحه التي بين جنبيه، إنْ رآها تزاورت الهموم عن صفحة قلبه وتلاشت، لا تستكين نفسه الشريفة إلا بلقياها والإستيناس لحديثها، فهي أم أبيها و(فداها أبوها) ليس إلا ترجمة حرفية لعميق الحب وشديد القرب.

ولكن بعد ارتحال النبي عن دنياها، وغيابه عن عينيها، انهالت المصائب على قلبها وتناسلت الهموم في ساحتها، وتعاضد الزمان والمكان على هضمها وإيذائها، حتى استحالت إلى كيان محزون مكروب، قد أكل الحزن محاسن بهجتها، واستولى على ما تبقّى من ثمالة رونقها.. وما يُدمي القلب أكثر أنّ ما جرى عليها قد جرى والجرح لمّا يندمل بعد، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا يجفّ تراب رمسه الشريف المطهّر، فأي نكاية هذه وأي تنكّر لتضحيات النبي الأكرم؟! وأي تشفٍّ انطوت عليه سرائرهم تجاه ابنته الزهراء البتول، فما رعوا ذمّتها وما رحموا دمعتها وما خافوا الله فيها..

لقد ظلموها وأغضبوها ولم يرضوها، واجتمعوا على مصادرة حقها وإرثها من أبيها.. حتى ودّعت الحياة وهي غضبى على أُمّة تكالبت على سلبها نحلتها من أبيها، متجاهلة كلّ نصٍّ ووصيّة، متنكرةً لتعاليم السماء، التي فرضت مودّة أهل بيت النبي على كل مسلم يُدين بنبّوة محمد (صلى الله عليه وآله)..

إنه النبي ذاته يخبر ابنته الزهراء وهو في مرض الموت قائلا لها: يا بُنيّة أنه ليس منا من نساء المسلمين امرأة أعظم رزيّة منك. (١)

فما أعظم رزيّتها؟! وما أكبر مصيبتها؟! وما أشد جرأتهم على الله ورسوله في النيل من سيدة النساء، وجعلها مكلومة الفؤاد قريحة العين منهدّة الركن؟! 

فلو كان يحق لأحد شراء راحة البال لكانت هي الأحق بذلك. 

لكنني عدتُ لواقعي، بعد استذكاري لمصائب الزهراء، ومجاراة له سألته:

_ وهل راحة البال بضاعة تُباع وتُشترى ياسيدي؟!

فأجابني:

_ نعم ياابنتي.. راحة البال تُباع وتُشترى!!

وفي الأثناء خرجن جاراتي.. تحلّقن حولنا وقد تناهى إلى أسماعهن صوت المنادي. 

جارتي أم جاسم أم لثلاثة شباب، قدّمت اثنين منهم شهداء في الحشد الشعبي، وبقي واحدٌ تخشى عليه من كل شيء، حتى من العثرة أن تُدميه، حالة الفقد التي ألمّت بها أشعرتها بالحزن والوجوم والتوتر والقلق، وهي أحوج الجميع الى راحة البال.

أما جارتي الأخرى أم سعيد، فهي أبعد ما تكون عن السعادة وراحة البال، ربما تعجبون من وصفي إيّاها، لكن إذا عُرف السبب بطل العجب كما يقال، فهي أرملة توفي عنها زوجها في حادث سير مؤلم، ولدها الكبير طلّق زوجته إثر خلافات زوجية حادّة، فأتى بأولاده الخمسة إلى بيت والدته كي تحنو عليهم وترعاهم. 

ابنتها الكبرى ليس لها حظوظ بالزواج على ما يبدو، بلغت من العمر ثلاثين عاما ولم يتقدم لخطبتها أحد. 

أما ابنتها الصغرى فهي طالبة جامعية، تعرضت لحالة كآبة حادة، مما حدا بها إلى ترك مقاعد الدراسة... أم سعيد هي أحوجنا إلى راحة البال بلا أدنى شك. 

وفجأة.. بعد ما سرحتُ بأفكاري بعيدا ، توجّه نحوي متسائلا:

_ وأنتِ ياسيدّتي هل تحتاجين وصفتي لراحة البال أم لا؟ 

أعادني سؤاله إلى ذاتي، فمن أنا؟ وما خطبي؟ وما حاجتي إلى راحة البال؟! فأنا أم لثلاثة أولاد وبنت واحدة.. هاجر اثنان من أولادي إلى اوروبا بعد أن ضاقت عليهم السبل، افتقدوا الأمان في وطنهم، تعرّضوا لخيبة أمل كبيرة، أنهوا دراستهم الجامعية وانتظروا التعيين لكن دون جدوى. 

وبعد سنتين التحق ابني الثالث باخوته مهاجرا إلى دار الغربة البعيدة. 

وبعد أسبوع من سفره تعرّض أبوهم إلى جلطة دماغية أقعدته طريح الفراش، وها أنا اليوم وابنتي نعتني بالأب الفاقد.. فعن أي راحة بال يتحدّث هذا الوافد الغريب؟!

قبل أن أجيب على تساؤله، انبرت إحدى الجارات قائلة:

_ كلّنا ياعم بحاجة إلى راحة البال، فقل لنا وصفتك السحريّة.. سنكون لك من الشاكرين.

_ عليكن باللامبالاة فهي الدواء الشافي!! 

وكلّنا كذلك وبلا فاصلة، فغرت أفواهنا من الدهشة بعد سماعنا لهذه الوصفة السحريّة، وبعد أخذٍ وردٍّ ولغطٍ كبيريْن، انسلَّ من بيننا سريعا وهو يلّوح بيده قائلا:

_ اعذرنني سيدّاتي، بالي مشغول على زوجتي المُقعدة، تزوّج أولادنا وتبعثروا في كل مكان، الجميع مشغول بنفسه، ولم يبقَ لها في الدنيا سواي!.

(١) إحقاق الحق: ج ٢٥ ص ٧٢.

قصة
التفكير
السلوك
الشخصية
صحة نفسية
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    عاشوراء بين الألم والأمل: مدرسة الصابرين

    زيارة قبر الحسين.. وسيلة الوسائل لبقاء الصالحات إلى يوم القيامة

    مكملات الميلاتونين.. هل هي آمنة وفعالة؟

    فيتامين شائع يساعد في مقاومة علامات الشيخوخة

    في رحاب محرم: طلب الإصلاح على خطى سبط الرسول

    كيف أجعل حب الامام الحسين مشروعًا دائمًا؟

    آخر القراءات

    استطلاع رأي: مامدى فاعلية التعليم المدمج في العراق؟

    النشر : الخميس 29 تشرين الاول 2020
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    قراءة نقدية في قصة: قنديل واحد لا يكفي

    النشر : الأربعاء 15 نيسان 2020
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    المواكب الحسينية.. صور من التكافل الاجتماعي

    النشر : الثلاثاء 15 ايلول 2020
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    في يوم الكتاب العالمي.. الكتاب غذاء الفكر

    النشر : السبت 22 نيسان 2017
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    الاستيقاظ مبكراً.. صحة وسعادة ونجاح

    النشر : الأثنين 03 حزيران 2019
    اخر قراءة : منذ 8 ثواني

    لا يجدي معها تنظيف الأسنان.. معلومات لا تعرفها عن رائحة الفم الكريهة

    النشر : الأثنين 03 نيسان 2017
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1260 مشاهدات

    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي

    • 530 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تنظم فعاليات نادي ريحانة الصيفي للفتيات

    • 381 مشاهدات

    في رحاب محرم: طلب الإصلاح على خطى سبط الرسول

    • 379 مشاهدات

    أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا

    • 370 مشاهدات

    بناء التنوع.. شعار اليوم العالمي لهندسة العمارة

    • 368 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1364 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1260 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1181 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1114 مشاهدات

    قراءة في كتاب: إدارة الموارد البشرية

    • 808 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 657 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    عاشوراء بين الألم والأمل: مدرسة الصابرين
    • منذ 10 ساعة
    زيارة قبر الحسين.. وسيلة الوسائل لبقاء الصالحات إلى يوم القيامة
    • منذ 10 ساعة
    مكملات الميلاتونين.. هل هي آمنة وفعالة؟
    • منذ 10 ساعة
    فيتامين شائع يساعد في مقاومة علامات الشيخوخة
    • منذ 10 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة