قررت اليونسكو في عام (1995) الاحتفال في اليوم العالمي للكتاب وذلك في الثالث والعشرين من شهر نيسان، وهو اليوم الذي يصادف رحيل الشاعر وليم شكسبير والشاعر الإسباني ميغل سيرفنتس، بالإضافة إلى عدد آخر من الكتّاب العالميين كجوزيف بلا، وغيرهم من الأدباء، لذلك أقرت اليونسكو ان تحول تسمية مدينة من مدن العالم عاصمة عالمية للكتاب كحدثً سنوي دائم، واختيرت مدريد كأول عاصمة للكتاب واختيرت بيروت عاصمة عالمية للكتاب لعام (2009) لما لها من رمزية على التنوع الثقافي والحوار والتسامح.
وفي هذا الصدد خصصت المنظمة حق النشر والملكية الفكرية، لاستعادة مكانة الكتاب في ظل تزاحم وسائل المعرفة التكنولوجية لجذب القارئ، وذلك عن طريق تشجيع القراءة بين الجميع وبشكل خاص بين الشباب وتشجيع استكشاف المتعة من خلال القراءة.
وعن تقرير التنمية الثقافية الصادر عن مؤسسة الفكر العربي في عام (2011) أشار بأن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق في السنة، بينما الأوربي يقرأ بمعدل (200) ساعة في السنة، كما ويشير تقرير آخر بأن ما ينشر في البلاد العربية عن عدد كتب الثقافة العامة لا يتجاوز عن (5000) كتاب، بينما في أمريكا يصدر سنوياً حوالي (300 الف كتاب).
تاريخ انطلاق الكتابة
مع تطور حياة الإنسان الأول وتكوين المجتمعات البشرية، وجد الإنسان نفسه غير قادر على التفاهم مع الآخرين، فاهتدى إلى اللغة وعايش المجتمعات الأخرى، فاخترع الكتابة لحفظ إنتاجه الفكري وميراثه الثقافي والعلمي من الاندثار ولتتوارثه الأجيال اللاحقة، ففي( سنة 5000 ق.م.) ابتدع الإنسان الكتابة في بلاد الرافدين مع التوسع في الزراعة وبداية ظهور المدن والمجتمعات الحضرية، ورواج التجارة وظهور العربة ذات العجلة والسفن الشراعية فكانت اللغة أداة اتصال وتفاهم.
ظهرت الكتابة على الألواح الطينية باللغة المسمارية عام (3600 ق.م.) وكان ينقش على الطين وهو طري بقلم سنه رفيع ثم يجفف الطين في النار أو الشمس، وابتكر المصريون القدماء الكتابة الهيروغليفية (3400 قبل الميلاد،) ثم اخترعوا الورق فانتشرت الكتابة.
الكتابة المسمارية، نوع من الكتابة تنقش فوق ألواح الطين والحجر والشمع والمعادن وغيرها. وهذه الكتابة كانت متداولة لدى الشعوب القديمة بجنوب غربي آسيا وأول هذه المخطوطات اللوحية ترجع لسنة 3000ق م وهذه الكتابة تسبق ظهور الأبجدية منذ نحو (2500 سنة) وظلت هذه الكتابة المسمارية في العراق والهيروغليفية في مصر سائدة حتى القرن الأول ميلادي..
وتم اختراع الكتابة التصويرية في بلاد ما بين النهرين قبل العام (3000) قبل الميلاد في سوريا والعراق حيث كانت تدون بالنقش على ألواح من الطين أو المعادن أو الشمع وغيرها من المواد.
وتطورت الكتابة من استعمال الصور إلى استعمال الأنماط المنحوتة بالمسامير والتي تعرف بالكتابة المسمارية، وأول كتابة تم التعرف عليها هي الكتابة السومرية والتي لا تمت بصلة إلى أي لغة معاصرة. وبحلول عام (2400 قبل) الميلاد تم اعتماد الخط المسماري لكتابة اللغة الأكدية، كما استعمل نفس الخط في كتابة اللغة الآشورية واللغة البابلية، وهي كلها لغات سامية مثل اللغتين العربية والعبرية. وتواصل استعمال الخط المسماري للكتابة في لغات البلاد المجاورة لبلاد ما بين النهرين مثل لغة الحطيين (الحيثيين) في سوريا والاناضول واللغة الفارسية القديمة، وكانت تستعمل إلى نهاية القرن الأول الميلادي.
وتم فك رموز الخط المسماري في القرن التاسع عشر وبذلك تسنى للعلماء قراءة النصوص الإدارية والرياضية والتاريخية والفلكية والمدرسية والطلاسم والملاحم والرسائل والقواميس المسمارية، ويوجد حوالي 130.000 لوح طيني من سورية في المتحف البريطاني من الحضارات القديمة ومملكة ماري السورية التي اكتشف فيها أكبر مكتبة في التاريخ القديم وبلاد الرافدين.
وكان الملك آشوربانيبال (668-626ق.م.) من أكثر ملوك العهد الآشوري ثقافة فجمع الكتب من أنحاء البلاد وخزنها في دار كتب قومية خاصة شيّدها في عاصمته نينوى بالعراق، و مكتبات العصر القديم في ابلا وماري في سورية.
تاريخ الطباعة
ظهرت الطباعة بطبع الكلمات والصور والتصميمات فوق الورق أو النسيج أو المعادن أو أي مواد أخرى ملائمة للطبع فوقها، وهذا يطلق عليه فنون جرافيك (فنون تخطيطية أو تصويرية كالتصوير والرسم والكتابة، وتتم بنسخ صور بطريقة ميكانيكية، ويتم من خلال الطبع من سطح بارز، وكانت الوسيلة أختام أو طباعة ليبصم بها فوق الطين أو من الحجر بخدش أو نقش سطحه.
وكان بداية الطباعة الميكانيكية سنة (200م) عندما أخذ الصينيون يحفرون الكتابة والصور البارزة فوق قوالب خشبية وتطورت الطباعة إلى طريقة التجميع لحروف المتحركة وترصيصها في قوالب (شاسيه). وفي أوروبا صنعت الحروف البارزة والمتحركة.
وفي منتصف القرن 15 ظهرت آلة الطباعة على يد الألماني يوهان جوتنبرج. لتتطور للطباعة الحديثة التي تطبع بها الصحف والكتب بالملايين على الورق وهذا كان سببا في تطور الحضارة وانتشار المعرفة بشتى لغات أهل الأرض.
بعد التعريف بتاريخ الكتابة والطباعة علينا ان نعرف ما اهمية الكتابة والقراءة في حياتنا؟
فوائد الكتاب في حياتنا
الكتاب هو الوسيلة الرئيسية التي تجعلنا نتعلم ونتعرف على كل ما حولنا من الثقافات والمعارف والعلوم المختلفة من جيل إلى جيل، ومن شخص إلى شخص، وذلك على الرغم من اختلاف وسائل وتقنيات الكتابة، فقديماً كانت الكتابة تتم على ما يتوفر من البيئة المحيطة كالجلود وغيرها، أما اليوم فالكتابة تتم على أجهزة الحاسوب، والأجهزة الذكية، وقد تتم بشكل صوتي أيضاً.
اما فوائد الكتاب فهي التي تعمل على اكساب القارئ مهارة التعلم الذاتي، والتي أصبحت ميادين التعلم في أيامنا هذه تعتمد عليها، فلمواكبة التطورات في مجال البحث العلمي لا بدّ من قراءة الكتب.
تجعل الكتب الفرد أكثر ثقافة بحيث يكون لديه القدرة دائماً على نقاش الآخرين في جميع المجالات، كما تكون لديه القدرة على الحديث في المجالس بشكل أفضل، الأمر الذي يجعل من شخصية الفرد أقوى..
الكتاب هو سجل للتّاريخ قديمًا وحديثًا، فنحن نعرف تاريخ الشّعوب والحضارات السّابقة من خلال الكتب التي كتبها المؤرخون وسطّروا كلماتها ، ولولا الكتاب لما وصلتنا أخبار كثيرٍ من تلك الحضارات مع المواقف والأحداث، فالتّاريخ كما يقال في الحكمة الشّهيرة يكرّر نفسه باستمرار.
بنكٌ للكلمات: الكتاب يمدّ القارئ بكمّيّة هائلة من الكلمات والمصطلحات، فهو يثري الملكات اللّغوية، فكلّما قرأ الشخص كتب أكثر حصل على مصطلحات وتعابير وجمل جديدة.
مكان لمقابلة المشاهير الأموات: بالكتب يقوم التاريخ بتوثيق الشخصيّات التي لا تستطيع مقابلتها، ففي الكتب يستطيع القارئ مقابلة من لم يوجد بعد فالخيال قادر على كل شيء.
أفضل صديق: مع مرور الوقت سيجد القارئ أنّ الكتاب أفضل صديق لن يندم على وقت قضاه في قراءة كتاب مهما كان رأيه به.
ثلاثة عناصر تحيي الأمة: قلم الكاتب، حانوت البقال، وأرض الفلاح..
اقرأ ثم اقرأ ثم اكتب..
اهمية الكتابة في حياتنا
إنّ القراءة والكتابة هي من أحد أهمّ مُستلزمات الإنسان في هذه الحياة كالماء والهواء، وهذا الأمر لا يشعرُ فيه إلاّ من فقد هذه القُدرة، فنحنُ في عصرٍ يدخُلُ فيه التواصل الاجتماعي والمعرفة والثقافات الأخرى، فإنّ الإنسان الذي لا يقرأ لا يُمكن أن يفهم منهجيّة الحياة ولا يعرف أبعادها ولا يستطيع أن يفهم شيء لأنّه عبارة عن إنسان جاهل، وإنّ من أحد أهمّ أسباب الجهل هُو قلّة القراءة.
أهميّة القراءة في بناء الفرد
أوّل كلمة جاء بها الوحي الامين في غار حراء (عليه السلام) قال له اقرأ، فهي أعظم كلمة وأوّل كلمة بعثت من السماء الى الارض، على ضرورة القراءة ويدل على عظيم شأنها في حياتنا، وفي وقتنا الحالي أصبحت القراءة تدخل في معظم شؤون الحياة اليومية لكل فرد، فالقراءة الطريق الأول لتفجير الإبداع وصناعة المبدعين والمكتشفين والعلماء.
سُئل الفيلسوف اليوناني أرسطو، كيف تحكم على إنسان ما؟ فأجاب: أسأله كم كتاباً قد قرأ؟ وماذا يقرأ؟ الجملة الشهيرة " قل لي ماذا تقرأ، أقل لك من أنت.".
ماهي القراءة: هي عملية ذهنية يتفاعل فيها القارئ فيستوعب ما يقرأ ويقوم بتمحيصه والحكم عليه، ويستعمله في مواجهة مشكلات الحياة التي يمر بها، والاستفادة منها من خلال تطبيقها على المواقف المختلفة.
تعتبر القراءة من أهم الأمور التي تقوي شخصيّة الإنسان وتدعم افكاره، من المعلومات وخبرات يكتسبها من القراءة، فتعتبر القراءة المصدر الرئيسي للنمو اللغوي للفرد، ومصدر لنمو شخصيّتهُ، وايضا تعتبر القراءة فرصة لاستثمار الوقت وعدم هدرهُ على ما لا ينفع، ولأنّ الوقت من ذهب وهو من الأمور التي لا يمكن تعويضها إن ذهبت.
الشخص الذي يقرأ مجالات شتّى من الحياة سواء كانت أدبيّة أو فكريّة أو قصص، كل ذلك يوسّع مدارك وقدرات العقل والفكر لديه، هي الوقود للعقل البشري والأكسجين للدماغ.
القراءة هي الوسيلة الوحيدة التي تعتبر من أهم الأمور لبناء الحضارات وتطوّرها في المجالات شتّى، فالشخص الذي يريد أن يبدع في مجال معيّن عليه بالقراءة والتركيز على المجال الذي يريد أن يبدع فيه ويزيد من خبراته عن طريق القراءة وتطبيق ما يقرأهُ على أرض الواقع.
فنحن في قرن الواحد العشرين ثورة التكنولوجيا والإنترنت فأصبحت فكرة التعلّم سهلة جداً لا تحتاج الى تعب فقط هي تحتاج الى أشخاص يريدون التعلّم وكسب الخبرات وزيادة الفرصة المتاحة لهم باستثمارها بما ينفعهم.
تعتبر القراءة من الأمور التي يجب أن لا يغفل عنها الشخص ولا تغفل عنها الدولة، وكما المعروف أنّ أوّل مكتبة وجدت هي التي أوجدها الفراعنة ووضعوها رعاية لآلهتهم على بابها (هنا غذاء النفوس وطب العقول).
اسرار عالم القراءة
المعرفة التامّة بأشكال الحروف والكلمات وطريقة نطقها، استيعاب النص المقروء، طريقة الحصول على قدرات ذهنية أكبر، طريقة لعدم ضياع الوقت واستغلاله، تعوّد النفس على الاستطلاع والبحث باستمرار، طريقة للانتفاع لتجارب الأشخاص العملية، التخلص من التفكير السلبي، تساعد على التحلي بلسان طلق يجيد استخدام اللغة العربية بطريقة صحيحة دون أخطاء، زيادة العلم والثقافة، زيادة الإيمان بالذات عند قراءة كتب الإعجاز العلمي والغيبي واللغوي، زيادة القدرة على الحكم على آراء الآخرين ونقده، وبالتالي أخذ النافع منها والابتعاد عن المغلوط فيها، تعمل على دعم شخصية الفرد حيث أنه يصبح عالماً بالعديد من العلوم والمعارف وبالتالي متكلماً جيداً يصغي له غيره، وقد يسألونه عن الأمور التي تصعب عليهم. تساعد القراءة على الرفعة وعلو الشأن كما قال الله تعالى في كتابه العزيز "ويرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات"، يمنح الله الإنسان العالم إذا أخلص نيته لله الأجر العظيم والثواب الكبير، تكسب الإنسان العظة والعبرة والتعلم من الأمم السابقة والانتفاع بتجاربهم والابتعاد عن أخطائهم، تعتبر سبباً من أسباب إعمار الكون، تساعد القراءة على تنوير العقل من خلال الاطلاع على المعلومات المتوافرة في الكتب، والمقالات، والأوراق، وعلى الإنترنت، وفي العديد من الوسائل الأخرى لحفظ المعلومات..
وعلى الرغم من انشغال الناس في الآونة الأخيرة بالتطورات التكنولوجية التي شهدناها إلا أنّ الكتاب ما زال ذا أهمية كبيرة للإنسان، فمهما كان المصدر الذي نحصل على المعلومات منه فإنّه لا يضاهي الكتاب، فقراءة صفحات الكتاب تجعلنا نشعر بمعاني المفردات وقيمة العلم.
اضافةتعليق
التعليقات